تأتي دعوة ترامب لرئيس تركيا اردوغان إلى واشنطن في وقت استثنائي يتابع خلاله مجلس النواب التحقيق في قضية عزل الرئيس ترامب وفي الوقت نفسه انشغال اردوغان بغزوه لسورية و كحاصل نهائي، تعيش تركيا في الوقت الراهن أسوأ مراحلها من حيث خسارتها لأكبر شبكة تحالف صنعتها لعقود طويلة، وإخفاقات اردوغان في سياسته الداخلية والخارجية. لعلنا هنا نتساءل، زيارة اردوغان لواشنطن...ماذا حققت من نتائج؟ في الوقت الذي شهد فيه العالم أزمات كبيرة تتعلق باستقرار أقاليم ودول وبخاصة في منطقة الشرق الأوسط.
والمتتبع للشأن الدولي يدرك مدى أهمية زيارة اردوغان للبيت الأبيض التي كانت مدفوعة بعدد من الاعتبارات أهمها: تأكدت أنقرة أن الرياح لا تتحرك في صالحها، وأن نتائج الحرب في سورية لم تحقق أهدافها، كما أن هذه الزيارة تُظهر بأن الرئيس التركي يتمتع بدعم الولايات المتحدة وتعطيه أهمية بأنه زعيم عالمي تحسب له الدولة العظمى الوحيدة في العالم ألف حساب، إضافة الى ذلك ، ستشجع هذه الزيارة اردوغان على مواصلة حملته العسكرية ضد الأكراد وتظهر عدم اهتمام الولايات المتحدة في ضوء انتهاكاته لحقوق الإنساني وانتهاك القانون الإنساني، كما ستثبت الزيارة كذلك أن الولايات المتحدة تتجاهل علاقات اردوغان الجيدة و المتنامية مع روسيا وتنسى تماماً قيام أنقرة بشراء نظام الدفاع الجوي الروسي S-400 على الرغم من أنه يضر بتطبيقات تقنية الناتو ومعلوماته العسكرية. وفي الاتجاه الأخر يبدو أن أمريكا لا تعول كثيراً على تركيا لأنها تنظر بإستراتجية جديدة في الشرق الأوسط ولربما توسيع نفوذها من خلال سيطرتها على بعض دول المنطقة، وعدائها المتواصل ضدَّ الكرد.
لكن لوهلة، وقع اردوغان المتجه بآمال كبيرة إلى واشنطن بفخ أمريكي محكم الصنع وعلى وجه الخصوص، الدعم الأمريكي لوحدات حماية الشعب، الأمر الذي أراد اردوغان له أن يتوقف. وهو الخلاف الذي اعتبرته تركيا بمثابة تغير في السياسة الأمريكية وإعطاء الرئيس الأمريكي ظهره لمصالحة مع أنقرة، لتتبعه المزيد من الخلافات بشأن سورية والمواقف والتصريحات التركية المعادية لأمريكا، الأمر الذي وصل بالعلاقات الأمريكية التركية إلى حالة غير مسبوقة من التوتر، وفي هذا التطور الجديد أعلنت الرئاسة التركية عزمها على إعادة تقييم ومراجعة العلاقات التركية مع أمريكا.
مما لا شك فيه، إن ما حدث في سورية من مفاجآت لم تكن في حسبان أمريكا وتركيا وحلفاءهم والتي من أبرزها صمود سورية وقدرة جيشها وصلابته في مواجهة مخططاتهم الإجرامية وتنظيماتهم الإرهابية ومجاميعهم التكفيرية، الأمر الذي حال دون تحقيق مشروعهم في المنطقة، رغم تعويلهم على أخطر هذه التنظيمات وأكثرها شراسة وعنفاً وإجراماً "تنظيم داعش" الإرهابي الذي أصيب بشيء من الضعف والوهن والترنح أمام الضربات التي تلقاها من كل القوى التي تقف صادقة في مواجهة الإرهاب، وهذا ما أحدث شعوراً لدى تركيا بضرورة التدخل المباشر في سورية،
على خط مواز، إن المنطقة تعج بالأزمات المتلاحقة والحفاظ على الدولة ومقدراتها يعد من الواجبات الوطنية الأولى في هذه المرحلة ، والشعب السوري الواعي لن ينخدع مرة أخرى أمام الشائعات التي تستهدف وطنهم ، فمهما مارست تلك الجماعات الإرهابية من حروب إجرامية على سورية، فإن دمشق واجهت ما هو أشد من ذلك وانتصرت بإرادتها وإرادة شعبها وأبنائها المخلصين.
باختصار شديد، ستزول الجماعات المتطرفة والإرهاب من سورية لكونها أداة مأجورة للضغط, والترهيب لتحقيق مكاسب سياسية، انتهى مفعولها بعد تثبيت أساس وحدة سورية، عن طريق الحوارات واللقاءات الوطنية بين أبناء شعبها، كما أثبت الجيش السوري للعالم أجمع بأنه الأقدر على لجم أمريكا ومن يلتف معها خلف الكواليس.