"مافيات التحطيب" .. افتعال الحرائق للالتفاف على القانون

mainThumb

06-04-2011 12:45 PM

3500 شجرة اعتدي عليها العام الماضي بخسائر تقدر بـ 1770 دينارا سنويا .. ومافيات الغابات تستخدم تقنيات حديثة في لقطع الاشجار والرصد والتخفي. ولكن ليس هذا كل شيء.
قبل سنوات لوحظ وجود اسر فقيرة تعتدي على الاشجار بهدف التدفئة .. اليوم تطور الامر فأصبح الاتجار بالاشجار مهنة تتصدى لها "مافيات التحطيب" من خلال افتعال الحرائق في الغابات كمبرر لتحطيبها والتعامل معها على أنها مناطق حرجية محروقة.
منذ سنوات طويلة بدأت تواجه السطح البيئي مصاعب كبيرة في وضع حد لاعتداءات من بات يعرفون بـ "تجار الحطب" على الغابات والاحراج بعد قرار تحرير النفط.
وبرزت هذه الظاهرة متزامنة مع ظهور وزارة ولدت بعد منحة امريكية سنوية تقدر بـ" 5 " ملايين دولار واطلق عليها اسم وزارة "البيئة" .. ولكنها ما زالت اليوم تحبو لتنقية أجواء الاردنيين من تلوث لم يشعروا به قط .. ولكن هل من جدوى؟
آلاف الدونمات باتت عرضة للزوال سنويا في ظل القوانين المعمول بها حاليا اعتبرها مسؤولون غير كافية للقضاء على ظاهرة "مافيات التحطيب" في الأردن فيما تعول وزارة الزراعة على عقوبات حدها الاعلى الحبس ثلاثة أشهر وغرامة لا تتجاوز 100 دينار.
ويقدر خبراء أن حجم الخسائر الاقتصادية من قطع الأشجار تكلف الأردن 1770 دينارا تقريبا في السنة الواحدة حيث يفقد مصدر متجدد لإنتاج الاوكسجين وامتصاص ثاني أكسيد الكربون وتنقية المياه واضمحلال الثروة الحرجية.
واعتبرت مصادر في وزارة الزراعة أن الاجراءات التي تتبعها الجهات المعنية بحق المعتدين على الثروة الحرجية "غير كافية" ما يتطلب تشديد الجهات المعنية الرقابة على الأحراج خصوصا في ضوء انتهاج "تجار أساليب جديدة في التحطيب متجاوزين كل القوانين والأنظمة البيئية" وهو ما أشار اليه المهندس الشرمان بقوله ان "التحديات كبيرة مما لايستوجب اعادة النظر في آليات حفظ الثروة الحرجية ومنها زيادة عدد الطوافين".
ولاحظت وزارة البيئة ان هناك "افتعال الحرائق في الغابات كمبرر لتحطيبها والتعامل معها على أنها مناطق حرجية محروقة، مشيرا إلى أن استخدامها كحطب مرفوض وستطبق على كل من يثبت تسببه بحرق الغابات أشد العقوبات المنصوص عليها في القوانين". 
ويعاقب قانون الزراعة على الاعتداء على الاراضي الحرجية سواء بإزالة أو بتخريب علاماتها وأسيجتها الحدودية بالحبس لمدة ثلاثة أشهر وبغرامة مقدارها 100 دينار، كما يعاقب بالحبس ثلاثة أشهر إلى سنة وبغرامة مالية قدرها 100 دينارا عن كل شجرة حرجية تم قطعها أو غرامة 50 دينار عن اشعال الحرائق ويلزم بدفع تكاليف إطفاء الحريق.
ويبدي بيئيون - فضلوا عدم كشف اسماءهم – خشية من ازدياد ظاهرة التحطيب خلال السنوات المقبلة، بعد الإرتفاع المتزايد لإسعار المحروقات فور بدء سريان قرار الحكومة تحرير سوق المحروقات.
وتشير احصائيات رسمية تشير ان أكثر من 250 حالة اعتداء سجلت خلال العام الماضي على الغابات والثروة الحرجية وبلغ عدد الأشجار المعتدى عليها أكثر من 3500 شجرة فيما يزيد عدد القضايا المقدمة للمحاكم والحكام الإداريين 162 قضية منها 109 قضايا متعلقة بقطع الأشجار".
المستشار الاعلامي في وزارة البيئة عيسى الشبول يرى "ان الاعتداءات التي تتم على الثـروة الحرجية في الاردن يقف وراءها "تجار" يستخدمون مناشير كاتمة للصوت وليس سكان تلك المناطق أو الفقراء ويمثلون الخطر الاكبر على الثروة الحرجية في المملكة".
ويضيف "وضعنا خطة متكاملة بالتعاون مع المعنيين لمنع الاعتداءات على الغابات والحراج وطوافي الحراج" ولإخفاء الأشجار المقطوعة بشكل مخالف وجائر، يعمد تجار إلى تهريبها في داخل صهاريج المياه" يؤكد الشبول.
وتتعرض انواع أخرى من ألاشجار الى التقطيع من قبل الحطابين مثل اشجار السرو والبلوط واللزاب والصنوبر والخروب وهي اشجار ممنوع قطعها لندرتها تراوح سعر الطن منها ما بين 170-200 دينار.
ويعتبر الأردن من الدول الفقيرة بموارده الحرجية قياسا بالنسب العالمية التي تتراوح بين 15- 25%، مقابل 1% فقط من مساحة الأردن البالغة نحو 89 ألف كيلومتر مربع وتمتد الغابات في المملكة من وادي اليرموك شمالا لتصل إلى مرتفعات الشراه ووادي موسى جنوبا أي تشكل الغابات اقل من واحد بالمائة من مساحة المملكة.
 وتبلغ مساحة الأراضي المسجلة حراجا في المملكة 1.320 مليون دونم موزعة على الحراج الطبيعي والاصطناعي وأراض مطورة مراعي وأخرى عارية صالحة للتحريج وأراض صالحة لتطويرها كمراعٍ.
فيما تصل نسبة مجموع المساحات المحرجة في السنوات الماضية منذ بدء احتفالات المملكة بغرس الشجرة في عام 1941 تحت رعاية الملك المغفور له الملك عبدالله الاول بن الحسين في موقع جبل القلعة قرابة 470 الف دونم فيما تبلغ مشاريع التحريج في المملكة على جوانب الطرق الفين ومئتين كليومتر تقريبا.
ووفق مدير الحراج في وزارة الزراعة المهندس محمد الشرمان فان هنا مسؤولية ضخمة على الجهات المعنية لتطبيق أحكام القانون قائلا اننا ملزمون بحماية الاحراج تطبيقا لاحكام القانون لافتا الى ان هنالك حاجة الى توعية المواطنين بالمخالفات التي يحرص قانون الحراج على معاقبة مرتكبيها".
وقال المهندس الشرمان لـ "مضمون جديد": إن "هناك حملة تنفذ لمنع الاحتطاب والاعتداءات الواقعة على أراضي الحراج والغابات التابعة للوزارة في مناطق عجلون وجرش وبني كنانة والسلط والطفيلة بالتعاون مع الحكام الإداريين ووزارة البيئة ومديرية الأمن العام الشرطة البيئية".
واشار ان هناك غرامات كبيرة على ما سماهم "تجار الحطب" تتراوح بين 100_ 300 دينار وسجن يصل الى ثلاث سنوات غير أن هناك تهاون في تطبيق القانون يستوجب اعادة النظر في حيثيات القانون من خلال انشاء محاكم خاصة للنظر في قضايا الإعتداءات على الأشجار أو انتداب قضاه الى المحافظات للبت في هذه القضايا يقول المهندس الشرمان.   
ويعتبر الشرمان "أن التحطيب الجائر أصبح قضية وطنية تتطلب تضافر الجهود من قبل كافة الوزارات المعنية ومديرية الأمن العام ممثلة بالشرطة البيئية والحكام الإداريين".
ولم يخف المهندس الشرمان "نية الوزارة زيادة عدد طوافي الحراج داخل الغابات في المستقبل خصوصا وأن الغابات تغطي نسبة لا تتجاوز 1% من المساحة الكلية للمملكة، مما يبرز الأهمية التي يجب ايلاؤها للغابات في الأردن كونها تمثل مخزونا طبيعيا وهاما للتنوع الحيوي والأصناف والأنواع النباتية والطيور والحيوانات البرية في المملكة".
وتشدد كتب التكليف الملكي للحكومات على أهمية الحفاظ على البيئة وحمايتها غير ان هذه الحكومات لا تلقي بالا لموضوع البيئة بالرغم من استحداث وزارة للبية عام 2005 مما يستدعي وضع استراتيجيات جديدة للتعامل مع موضوع البيئة.
ويلفت إلى أن الأشجار التي تتعرض للتحطيب في معظمها أشجار صنوبرية وتعتبر من أشجار العائلات النباتية النبيلة.
وشددت جمعية البيئة الأردنية في وقت سابق على "أهمية نظام مخطط استعمالات الأراضي الزراعية في الحفاظ على الغابات من خلال تحديده استعمالات الغابات في الأعمال الزراعية، والاستعمالات السكنية وفق مساحات معينة، واستعمالات الخدمة العامة، داعيا إلى أن يتخذ نظام مخطط استعمالات الأراضي شكل القانون، بما يمنع حدوث أي تجاوزات عليه".
بدوره يؤكد مدير الرقابة والتفتيش في الجمعية الملكية لحماية الطبيعة المهندس مهدي قطرميز أن هناك تعاون مثمر مع الشرطة البيئية ووزارة الزراعة في ضبط المخالفين وتحويلهم الى المحاكم أو المحافظين.
في النهاية يؤكد قطرميز: "ظاهرة الاعتداء على الاشجار لا تتم بشكل عفوي .. هناك "مافيات" تمارس التحطيب بقصد التجارة وليس التدفئة".
"كثير من المواطنين يلجأون لاستبدال مدافئ الكاز بـ "مدافئ الحطب" باعتبارها البديل الاوفر بعد  ارتفاع أسعار الوقود الذي رافق عملية تحرير المشتقات النفطية .. هذا الاجراء يشكل خطرا على الغطاء النباتي الذي تتميز فيه محافظات المملكة" فهل تستفيق الجهات المسؤولة عما يجري لرئة الاردن المحدودة؟

* التقرير أعد بالتعاون مع مشروع مضمون جديد


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد