السوسنة - يستبيح أعداد كبيرة من الاطفال، سكينة الأحياء السكنيّة، خصوصاً بعد انقضاء يوم الصوم، بتفجير المفرقعات، وسط فرح غامر، على الرغم من المخاطر الجمّة لهذه الألعاب الممنوعة قانونياً.
ولا يأبه هؤلاء الصغار لمخاطرها، التي أوقعت العديد من الضحايا، في ظل عدم تفعيل القانون الذي يستغله تجار يوفرون سلع الموت هذه، بحسب خبراء.
مواطنون من مناطق مختلفة يرفعون اصواتهم بالشكوى، بيد أن لا أحد يستجيب لوضع حد لاستيراد هذه التجارة المؤذية للانسان .
وتشرح موظفة القطاع الحكومي، ريم البوطي، كيف تبدد المفرقعات سكينة أسرتها، وتقول: كل يوم، تقطع اصواتها نوم أبنائي في ساعة متأخرة من الليل، فيصيبهم الأرق.
وتضيف: نخرج الى الشارع لحث الصغار الذين يمارسون الإزعاج للتوقف عن اللعب الخطير، فلا يستجيبون لنا، بل انهم يتمادون في إطلاق المفرقعات وسط ضحكاتهم المجلجلة. وتوضح قائلة: نتّصل بأسر هؤلاء الاطفال، فيعدوننا بردعهم، لكن دون جدوى، إذ يبقى الأطفال في الشارع يمارسون هذا الشقاء "غير المحبب"، فتكظم البوطي غيظها وتصمت على امل ايجاد حل سحري لإنهاء المعاناة.
إبراهيم النواصرة، يستذكر كيف أصيب ابن أخته بشظايا المفرقعات، فاحترقت أصابعه، لافتاً إلى أنه يعرف اطفالاً فقدوا النظر بسببها، فيما أصيب آخرون بعاهات جسدية نتيجة تفجيرها، ويلخّص النواصرة واقع الحال بقوله: إنّ أّولها تسلية وآخرها مصيبة.
رئيس قسم الأوبئة ومسؤول ملف كورونا في إحدى مديريات الصحة الدكتور يونس التلاوي، يُعرّف المفرقعات بصفتها متفجّرات، قد تتسبب بأضرار صحية بليغة، مثل بتر الأصابع، أو إصابات في العين قد تصل إلى العمى أو تشوهات أو عاهات أو فقدان السمع أو حروق في الوجه، سواء لمستخدم المفرقعة أو من تصل إليه شرارتها، وقد تؤدي إلى الوفاة.
الدكتور في علم الاجتماع عامر أحمد العورتاني، إن المناسبات الاجتماعية أو الدينية كشهر رمضان والأعياد تشكّل حافزاً لفئة الأطفال والصبية لاستخدام المفرقعات والألعاب النارية كوسيلة للتعبير عن فرحهم، فما تُصدره هذه المواد من أصوات مُدويّة، وإضاءات ملونة تُضفي نوعاً من الإثارة على الحالة الانفعالية التي تسود تلك المناسبات.
ويضيف ان إطلاق مُسمّى ألعاب على هذه المواد لا يجعلها تُشبه غيرها من ألعاب الأطفال، فهي عبارة عن مواد ضعيفة الانفجار نسبياً، وتُصنع من مواد كيميائية شديدة الاشتعال، كالبارود والسيليلون، حيث تنتج الفرقعة بمجرد أن يقوم الطفل بإشعال عود الثقاب في الغلاف الكرتوني للعبوة،وبفعل الأكسجين والحرارة فإنّ مادة البارود تشتعل لتُحدث ذلك الأثر المُعزِز للبهجة لدى مستخدميها.
واشار الى انه لا يستطيع أحد أن ينكر مقدار الإزعاج الذي يُسببه دويّ أصوات انفجار المفرقعات، خصوصاً في ساعات متأخرة، دون مراعاة للأطفال النائمين، أو اعتراف باحتياجات كبار السنّ والمرضى للهدوء والسكينة، ومتطلبات التركيز لدى طلبة الثانوية العامّة والجامعات، ودون أدنى احترام لخصوصية أوقات الليل وقيام البعض فيها للتعبد وتلاوة القرآن، الأمر الذي ينتهي غالباً بحدوث خصومات بين قاطني الأحياء السكنية .
ولفت العورتاني النظر الى أن اللعب بالمفرقعات يُكرّس صورة غير مطمئنة لمقدار المسؤولية الاجتماعية التي سيتحلّى بها هذا الصبيّ أو الشاب في المستقبل، إذ تتعزز لديه ميول الأنا، مستبعدة آلية الضبط والسيطرة التي يُتوقع للأنا العُليا القيام بها، وهو ما ينعكس على مسؤولياته القانونية والأخلاقية اتجاه المجتمع لاحقاً.
ويبين في هذا الصدد، أن الأمر يحتاج إلى مساندة اجتماعية للجهود القانونية والأمنية المتبعة، وتصميم حملات إعلامية مكثفة تُظهر الاثار السلبية لها، وتضمين المناهج الدراسية بمعلومات تبني في نفوس الطلبة كلّ ما من شأنه إبعادهم عن استخدامها وفق معايير الضبط الذاتي.
اقرأ أيضًا : مراسم تشييع الأمير محمد بن طلال.. صور