في زوبعة التوجيهي

mainThumb

15-07-2021 02:33 PM

لا يُنكر أحدٌ أهمية وجود اختبار وطنيّ قويّ في النّظام التعليميّ مثل اختبار الثانوية العامّة ( التوجيهيّ)، لكن في المقابل علينا الاعتراف بأنّ آلية هذا الاختبار باتت بحاجة مُلحّة للتطوير والتحديث بحيث تتناسب والظروف الطارئة تربويًّا واجتماعيّا واقتصاديا وتكنولوجيا، وعلى وزارة التربية أن تسعى إلى هذا التطوير حثيثا قبل أن يفقد التوجيهي قيمته وهيبته.
هذا العام ما الذي حدث؟ ولماذا هذه الزوبعة؟
تقدّم أبناؤنا الطلاب إلى اختبار التوجيهي في ظلّ ظروف استثنائيّة مرّ بها العالم أجمع نتيجة الوباء- رفعه الله- وعانى الطلاب من ضغوطات نفسيّة كبيرة كان مصدرها الرئيس الأهل؛ بحيث ضغطوا على أولادهم لاستثمار الفرصة، فرصة طبيعة الأسئلة والاختبار للحصول على معدلات عالية أسوة بطلاب العام المُنصرم، وهيّأ معلمو الخصوصي أنفسهم لاستغلال هذا الوضع من خلال منصات مدفوعة الأجر، ومن خلال مذكّرات ( دوسيّات) اعتمدوا فيها على خبرتهم السابقة وعلى طبيعة الأسئلة السابقة أيضا، وتنافس هؤلاء المعلمون فيما بينهم وتشتّت كثير من الطلاب بين أكثر من دوسيّة، واعتمدوا عليها ظانّين أن مُغنية عن الكتاب ففقدوا تعليما هو بالأصل تعرّض للفقد نتيجة التعليم الإليكترونيّ.
أمّا وزارة التربية والتعليم فقد كانت في وضع لا تُحسد عليه؛ فقد تعرّضت في العام الماضي لنقد شديد نتيجة ارتفاع معدّلات الطلاب في الثانويّة على غير العادة، حتّى وصل الأمر بالكثير تربويين ومسؤولين وحتّى أولياء إلى اتهامها بأنّها أفقدت التوجيهي هيبته، وبأنّ كلّ من هبّ ودبّ حصل على معدلات عالية وغير مستحقة – على حد تعبيرهم-، فحاولت في هذه السنة تحسين صورة الاختبار وتبيين بانّه سيظل اختبار قويّا لا شوائب فيه، فلجأت- كما يقول المختصون المُنصفون- إلى وضع أسئلة من المنهاج ومن المفردات التي درسها الطلاب لكنها تحتاج إلى وقت أطول من الوقت المحدّد فوقع المحظور عند الطلاب وذويهم.
ووقعت وزارة التربية والتعليم في خطأ جسيم حين تركت مواقع التواصل وبعض القنوات وبعض الباحثين عن الشعبويّات يصولون ويجولون في الاختبارات دون ردّ قويّ أو مُقنع، فكثير من القنوات كانت عقب الاختبار تجري لقاءات امام مدارس البنات خاصّة؛ لأن بناتنا تظهر عندهنّ العاطفة الجياشة فورا فكان البكاء والصراخ والنقمة على الاختبار، وزاد الطين بلّة عند استضافة هذه القنوات والمواقع لمختصّين ادّعى بعضهم أنّه مؤلّف المنهاج علمًا بأنّ المناهج تؤلّف ضمن فريق ولا يوجد أحد يستطيع أن يُطلق على نفسه مؤلّف منهاج إلا جهلا، واستضافت معلمين مختصّين معروفين بالموادّ ولكنهم غير مختصّين في القياس والتقويم وتحليل الاختبارات بشكل كليّ وليس كأسئلة منفردة، فكان إعلام الوزارة ضعيفا أمام إعلام المواقع والقنوات الّتي انساقت وراء الشّارع وما يُحكى فيه فلم يكونوا مُنصفين.
أتساءل: كيف تسمح الوزارة لمن هم ضمن مَلاكها سواء أكانوا معلمين في القطاع الخاص أو العام أو مشاركين في فرق المناهج أن يظهروا عبر القنوات ليتكلّموا في أمر الاختبارات وهو أمر رسميّ؟ أين الناطق الإعلاميّ للوزارة؟ أليس هذا دوره؟
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد