أمامَ رئيس اليرموكِ : المَهمةُ صَعبةٌ؛ لكنّها لا تحتاجُ لمُعجزةٍ

mainThumb

19-08-2021 12:00 PM

 بعدَ أن تناوَلنا في المَقالِ السابقِ بعضَ الأَزماتِ التي تُلاحِقُ  جامعةَ اليرموكِ؛ كالوَضعِ المالي والتَراجُع الأكاديمي ، فإنَنا في هذا الجُزء نُقدِم ُ بعضَ الافكارِ والمُقتَرحاتِ، وهي اجتهاداتٌ  قابِلة للإثراءِ والتَعديل في ضوء الحِوارات والنِقاشات التي نَأمَل أن تَجرى معَ المُختصين في الشأنِ خِدمةً لِلبلادِ والعِباد، واستِكمالًا لِمَسيرةِ البِناء والتَحديث ،وتغييرَ الواقع نحوَ الأفضل اّلذي ننتَظره ونأمَل تحقيقَه ،وبِرأيِنا المُتواِضع فإنّ خَريطةَ الطريقِ التي تَعكِسُ تَطلُعاتَنا وآمالَنا ينبغي أن تَستنِدَ إلى المُرتَكزات التالية التي نقدمها على عُجالةٍ :
 
1. إِجراءُ تَقييمٍ سريعٍ وشاملٍ للفَريق الّذي يُعاوِنُ الرئيسَ الآن في قيادةِ الجامعة ،وعليه أن يعلمَ مُقَدمًا بِأنّ البعضَ نحن  لا نعمم من هذا الفريق عِبئٌ عليهِ بَدلَ أن يكونوا عَونًا وسَندًا له ،وقد سبقَ وأَغرقَ السفينةَ لِرئيسينٍ قَبله ولن يتَرددَ في أن يُغرِقَ سَفينَته ؛إِذا أحاطَ نفسَه بِحَفنةٍ من هؤُلاءِ الّذينَ يقولونَ لهُ:" نعم " على كُلِ شئٍ  وسَينتهي بهِ المَطافُ دونَ أن يُقدِمَ شيئًا . 
هذا النموذج يُطَبل لِمَنْ يَذهب ويُصفِقُ لِمَنْ هو قادِمٌ ،ومِنهُم مَنْ اشتَرى المَوقِعَ بثمنٍ بخسٍ، وهذا النَوع من المَسؤولين يَتحمَلُ القِسطَ الأَكبرَ من المسؤوليةِ التاريخيةِ في تَراجُعِ الجامعة على كافة الصُعُدِ ،  وأَوَدُ أن أذكُرَ على سَبيلِ المثالِ : أَنَ جامعةَ اليرموكِ مليئَةٌ بالكَفاءاتِ التي جَرى استِبعادَها لِدرجةِ أنَ الباحِثَ  الّذي تمَ تَصنيفَه ضِمنَ قائمة أَعلَى (2%) مِنَ الباحِثين الأكثرَ تأثيرَا واستِشهادًا  في بُحوثِه العِلميّةِ على مُستوى العالمِ حسبَ قاعدة بيانات جامعة ستنافورد ؛ لم يستَطعْ أن يتَسلّمَ مَنصِبَ العَمادةِ ، بينَما مَنْ كان آخِرَ إنتاجٍ عِلميٍ لَهُ عِندما تَمت  تَرقِيَتَهُ لِرُتبة أُستاذ؛ تَنقَلَ بينَ أكثرَ من موقع و عَمادةٍ ، لا بل إنّهُ حاربَ البحثَ العِلمي واستَغلَ سُلطَتهُ كعميدٍ لإعاقة زُمَلائه  والكيد لهم  ووقف ضد تطور كليته! فهل يَقبَلُ الرئيسُ الجديدُ بِمثلِ هذا النَوع من المَسؤولين كَي يعملَ معه حيث يسود قانون   توماس غرييشام (Gresham"s Law)  العملات الرديئة تطرد العملات الجيدة من السوق ؟َ إذا كانَ التغييرُ ضَرورةً ومَصلَحةً ، والرئيسُ عازمٌ على إحداثِ ذلك ؛ فَإنَّ المَنطِقَ يقتَضي أن يَتم تطبيقُ مَبادئَ العدالةِ وتكافؤَ الفُرصِ، والتقاليدَ والأعرافَ الأكاديميةَ في إشغالِ كافَةِ المَواقعِ القياديّةِ في الجامعةِ .
2. وَضعُ خُطَة أُستراتيجية مُتكامِلة لمدة 4 إلى 8 سنوات، وذلِك بِناءً على واقعِ الجامعة ولا نُريدُه أن يَرفعَ عَناوينًا غَيرَ واقعية. ويتمُ الإعلانُ عن المَلامحِ العامةِ لهذه الخُطة عبرَ خِطابٍ يُوجَه لِأُسرةِ الجامعة والرأي العامِ ، فَيعرِفُ كُلُ طَرفٍ المَهامَ المَسنودةَ إليهِ ويسعَى إلى تَنفيذها على أَكمَلِ وجهٍ .
3. القِيامُ بِإعادةِ هيكَلة جوهرية لِكافةِ كُليات ومَرافِق الجامعة ،وإعادةُ تَقييم الكَثير من البرامجِ والمشاريعِ في ضوء الواقع والكُلفَة والأهداف وغيرِها من الأبعادِ  ولا نريد ان نفصل هنا حيث يضيق المقام ولكن اعادة الهيكلة ساهمت في انقاذ الكثير من المؤسسات العامة والخاصة من شبح الافلاس  .
4. رَفعُ كافةَ المَظالمِ عن الّذين لَحِقَ بهُم الظُلمُ في الماضي واعادة الاعتبار لهم ، و لعّلَ أولَ مظلوميَة وقعَت على كافة الأكاديميين في الجامعة هي عَلاوةُ النقل؛ إذْ يتقاضَى الأكاديميون في الجامعة ِ منذ عام 2015علاوةَ نقلٍ أَقلُ بِما يَزيد عن خمسين إلى ستين  دينارٍ شهريًا عن زُملائِهم في كافةِ الجامعات الرسميّة ، والتي عَجزَ أربعَةُ رُؤساء عن تَحقيقها في عهدِ ما يَزيدُ عن ِ سِتةِ  من وُزَراء التعليم العالي؛ بِحِجَجٍ وأعذارٍ واهيةٍ ، إذ يُمكن للرئيس أن يوظِّفَ شبكة عُلَاقاتهِ ،ويجلِبَ لهُم هذا الحقَ المُستلب منذُ ما يزيد على سبعةِ سنواتٍ ، وهذهِ قضيّةٌ ينبغي أن يَضعَها على رأسِ أولَوياته لاسِيما بعدَ مرور سِنين عدةٍ  عليها دونَما حل . وصبرَ أساتذَةُ اليرموكِ على مُرِ الرُؤساءِ والوُزراءِ ، ولم يبقَى لَهُم إلا التعبيرَ عنها من خِلالِ الروايات والقِصص والأشعار ! ويمكن الاطلاع على اخر ما كتب في هذا الموضوع بعنوان :عَلاوَةُ الَنقلِ للعامِلين في جامعةِ اليرموكِ وذَكّرْ إِن نَفَعت الذِكرى ! وما مِن شكٍ بأن حَلَ هذه المُشكلة قبلَ نهاية هذا العام سَيكونُ له مَردودًا إيجابيًا جدًا في نُفوسِ الزُمَلاءِ ، ومُبَشِرًا بِبزوغِ فَجرٍ جديدٍ على اليرموكِ.  
5. احتِرامُ الحُرّيات الأكاديمية ،ورفضُ الَتدخُلات الخارجية في شُؤون الجامعة الأكاديمية وخُصوصًا التَرقِيات والتَعيينات والبِعثات وغيرها من شُؤونٍ أكاديميةٍ فالجامِعاتُ مُؤسساتٌ حُرّةٌ للتعليمِ، تُمارَسُ فيها مُختَلف أنواع الحُريات،  وضَمان استِقلالها وحُريتُها الأكاديمية والفكرية والإبداعية هو ضرورةٌ لا غِنى عَنها؛ لِتُؤَدي الجامعاتُ رسالَتَها على الوَجهِ الأكمل.  ونُؤَكِدُ هُنا بِأَنّ عهدَ التَضحيَةِ بالجامعةِ وسُمعَتها ،ومَكانَتها وتقاليدها وأعرافُها وقوانينها وأَنظمتها من أجلِ مَصلَحةِ فَردٍ او مسؤول ؛ أصبَحت مسألة ًمن الماضي السَحيق ولا عَودة لذلك الزَمن الأَغبر، ونُذَكِرُ هُنا بِأنَّ الرّسالةَ الملكيةَ بِعَدمِ تَدخُل الأجهزة الأمنية في كُلِ ما هو خارج صَلاحياتِها ونِطاق عمَلِها ،هي المَرجِعيَةُ والأساسُ في هذا الموضوع. وبتقديري أنّ الأجهزةَ الامنية حَريصةٌ على الامتِثالِ للتَوجيهاتِ الملكيةِ، وكذلك سُمعَة ومَكانة الجامعة والتِزامها بالقوانينِ والأنظمة من أَجلِ تَحقيق العَدالة والاستِقرار؛ فَالمُحاباةُ والواسِطةُ نوعٌ من الفَسادِ اّلذي يَجلِبُ الاضطِرابَ ويَمَس الأمن والاسِتقرار ، فضلا عن الاساءة لسمعة الاجهزة الامنية حيث تتحمل وزر تلك التدخلات لحساب اشخاص غير مؤهلين  .
6. إِعادةُ النَظر بِكافة التعليمات الجامعية خاصةً و أنَّ بعضَها من القَرن الماضي ،ولا تُلائم التطَورات التي نَعيشُها اليوم، فيما استمَرَ العبثُ ببعضِ التَعليمات وابرزها تعليمات الترقية والتامين الصحي ومقاعد ابناء العاملين  ، وترتَبَ على ذلك نتائج كارثية، وبالمُجمَل نريدُ تعليماتَ ترقيةٍ وتفَرُغًا عِلميًا ،وحوافزَ بحثٍ علميٍ وإشرافًا على طلبةِ الدراسات العُليا ،وقُبولاتَ أبناءُ العاملين و تأمينًا صحيًا ،وغيرها كَما هو مطبَقٌ في بقيةِ الجامعات الأردنية الرسمية ،وعلى رأسِها الجامعة الأردنية او جامعة العلوم والكنولوجيا الاردنية ، دونَ زيادةٍ أو نُقصانٍ .
7. الحِفاظُ على علاقاتٍ متوازِنةٍ مع المُجتمع المَحلي ؛ فالجامعة تَعكِس المُجتمعَ ولها دورٌ مِحوريٌ في تَبني هُمومَه، و مشاكِل المُجتمعِ جزءٌ أصيلٌ من رسالة الجامعة.
 
 وفي ضوء ما سبق أقولُ : كان اللهُ في عَونِ الرئيس الجَديد ،وعليهِ أن يَعلمَ جيّدًا أنَ رئاسة جامعة اليرموك ليست نزهة ، وان  طريقَه ُليست مَليئةً بالورودِ، وحَجمَ التَحِديات التي سَيواجِهها كبيرةً، وتتطلَب جُهودًا استثنائيةً وفريقَ عملٍ قادرٍ على تَرجمةِ الخِطط والطُموحات إلى واقعٍ عملي يعيشُه المُتعامِلون مع الجامعة كحقيقة وواقع على الارض. 
 
وخِتامًا  فإِنَنا نرَى أنّ إصلاحَ التَعليمَ العالي في البلادِ هُوَ تَرجمة حَقيقيةٌ لِطُموحاتِ سَيد البلاد جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين بِأن يكونَ الأردنُ الدولةَ الأُنموذج في المِنطقة في العِلم والمَعرفة ،والديمُقراطيّةِ واحترامِ حُقوق الإنسان وحُرية الرأي والتعبير ؛فلا استبدادَ في الرأي والقَرارُ لِمَنْ هُم في الحُكمِ أو المُعارضة.
 
       وَفقَنا اللهُ جَميعًا لِخدمَةِ الأُردن وشَعبه العَزيز ،وقيادَته الهاشمية الفَذة، وكَللّ مَساعيَ الجَميع مِن مَسؤولين ومُواطنين بالنَجاحِ ؛ لِيبقَى الأُردنُ عَزيزًا شامِخًا يُحقِق التَقَدُمَ في شَتى مجالاتِ الحياةِ بِإذنهِ تعالى .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد