سواقة الاتوبيس

mainThumb

16-10-2022 12:49 AM

الأتوبيس في اللهجة المصرية يعني حافلة نقل ركاب كبيرة، وعنوان المقال مقتبس من عنوان فيلم مصري عرض في دور السينما في مطلع ثمانينيات القرن الماضي عنوانه" سواق الاتوبيس"، وهو من بطولة نور الشريف وميرفت أمين، وأذكر أنني حضرته في سينما الفردوس قي مدينة اربد، وكنت حينها في مطلع المرحلة الثانوية من الدراسة.
المقال فيه تعديل بسيط على عنوان الفيلم، وذلك باضافة التاء المربوطة إلى كلمة سواق لتصبح سواقة.
نعم انها تلك التاء المروبطة التي اختصرت مدى التطور في المجتمع العربي، ومدى نمو العرف فيه، تلك التاء التي اقتحمت فيها المرأة العربية سوق العمل من مختلف أبوابه، وصارت النساء يزاحمن الرجال على عتبات الأرزاق بمختلف اطيافها، ليحدثن تغيرات في الأعراف اليوم كما فعلن في الأمس، وليتقبل الرجال - بعد حين- ذلك التغير بصدر رحب كما فعلوا فيما مضى، ما دام الأمر ليس متعلق بالمحرم المعلوم من الدين بالضرورة.
المهندسة الأردنية التي تقود حافلة عامة كانت قد سبقتها واحدة من مصر وأخرى من فلسطين، وحتى في السعودية - التي كانت قبل مدة قصيرة تنظر لفكرة سواقة المرأة للسيارات من زاوية الحرام والحلال - وجدتُ تقريراً حديثاً فيها يقول أن سيدة سعودية تقود حافلة لنقل طلاب مدرسة هناك.
في ماليزيا وفي عاصمتها العظيمة، التي أقمت فيها سنوات جميلات، من أواخر تسعينات القرن الماضي إلى بدايات قرننا هذا، كنت قد ذهلت عند ركوبي لأول مرة هناك حافلة عامة، فبعدما جلست على مقعدي بثقة، وأطلقت نظري من خلال نوافذ الحافلة كي أمتعه بجمال العاصمة الساحرة، وقع نظري صدفة على قائد الحافلة، فإذا هي سيدة ترتدي قميصا، وبنطالا وغطاء رأس، وتقود الحافلة العملاقة لتجوب بها شوارع عاصمة كبيرة ومزدحمة، تقودها بثقة وإتقان، لكن أنا ذهلت بل أصابني الخوف، فثقافتي تقول أن السيدات لا يصلحن لسواقة سيارة صغيرة في شوارع خالية، فكيف تقدر أن تقود الواحدة منهن حافلة كبيرة بشوارع مزدحمة و متفرعة وطويلة.
وبينما أنا في ذهولي فإذا بصوت يطلب مني "تكت" ركوب الحافلة، فمددت يدي إلى جيبي، وناولته ايها ناظراً إليه وقائلاً تفضل، وإذا به سيدة ترتدي نفس زي السائقة، فقلت عفواً سيدتي، تفضلي.
ثم لما عشت الحياة هناك، وجدت المرأة الماليزية تحمل معول البناء في كل مجالات العمل والعطاء في ماليزيا المسلمة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد