فما هو منهج رسول الله ؟

mainThumb

19-01-2023 02:17 AM

منهج رسول الله هو منهج القرآن ،
يبدأ منهج القرآن بالتعلم ، والتعليم ،ثم الدعوة ،و البيان ، ثم الدولة والسلام ثم الجهاد بعد ان تتأسس هذه المبادئ وليس كما يفعل البعض اليوم يبدؤون من المرحلة الاخيرة وهي الجهاد ويتركون المراحل الاولى ويقولون ان رسول الله فعل هذا ولكن في الحقيقة رسول الله لم يفعل ما يدعون ، بل هذا ما يفعلونه هم ، ،وهذ القرآن ينطق عليكم بالحق :
العلم قبل البيان والتبليغ
فكان أول ما نزل من الوحي على رسول الله صلى الله وسلم وقد بلغ الأربعين من عمره هو { اقرأ } نقل البخاري كتب الصحاح ،والمسانيد وكتب التاريخ " فجاءه الملك فقال له اقرأ قال : قلت : ما انا بقارئ فأخذني فغطني الثالثة ثم ارسلني فقال : ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ [العلق: 1 - 5] ُ ..الخ .[ 1] فالعلم والمعرفة قبل التبليغ :
ثم انبأه الله بقوله تعالى {يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً (4)} يقول الإمام الشوكاني " وكانَ خِطابُهُ ﷺ بِهَذا الخِطابِ في أوَّلِ نُزُولِ الوَحْيِ.
ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ خُوطِبَ بِالنُّبُوَّةِ والرِّسالَةِ."[ 2] فقال تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ﴾ [المدثر: 1 - 5][ 3 ] فأمره بالإنذار والتبليغ وهي الدعوة
قال ابن عطية وغيره من المفسرين " وقَوْلُهُ تَعالى: "قُمْ فَأنْذِرْ" بِعْثَةٌ إلى جَمِيعِ الخَلْقِ،"[5 ]
القرآن الكريم هو (البيان الإلهي )
وهو يعلم الدعاة إلى الله وفي مقدمتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ويبصرهم بالنهج الذي يسلكونه في تطبيق دعوتهم من خلال البينات والآيات :
{وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ۚ وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ ۚ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29).} [الكهف ] [ 6]
واستمر على هذ الحال يدعوا الله على بصيرة وبيان ثلاث عشرة سنة في العهد المكي ، ولم يؤذن له بالدفاع بل الصبر ، أمر رسوله والمؤمنين بأن يكفوا أيديهم ويقيموا الصلاة حتى ولو تعرضوا للقتل والأذى قال تعالى ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً ۚ وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ ۗ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَىٰ وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا (77) النساء)
لقد مكث الرسول صلى الله عليه وسلم بمكة ثلاث عشرة سنة يدعو الناس بالحجة والموعظة الحسنة ،وقد أذاقته قريش هو والمسلمين كل صنوف الأذى فصبر على أذاهم وحثه الله تعالى على التدرع بالصبر وضرب له الأمثال فقال تعالى (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ ۚ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ ۚ بَلَاغٌ ۚ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ (35) }[الأحقاف] [ 7]
العهد المدني
أقام المسلمون في مكة اعواما يسامون سوء العذاب ويصادرون حريتهم الدينية ،ويضطهدون في عقيدتهم التي اطمأنوا إليها ويفتنون في اموالهم وانفسهم ،حتى اكرهوا على الهجرة فخرجوا من ديارهم واوطانهم مكرهين ،ثم أقاموا في المدينة صابرين لأمر الله راضين بحكمه ،وكانوا كلما هموا ان يردوا على العدوان والظلم وينتصفوا لأنفسهم ردهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصبر قائلا لم اومر بقتال لم اومر بقتال عند ذلك نزلت أول آية
بهذا الخصوص { {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ....ٌ} [الحج:٣٩ - ٤٠].
وبينت الآيايت المبرر الطبيعي لهذا الإذن وهذه الآية واضحة ليس فيها من شوائب الإكراه في العقيدة
ثم بعد ذلك { وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعدوا إن الله لا يحب المعتدين }[ آية (190) البقرة ]
وإنما كان ذلك بعد ان استقر المقام برسول الله في المدينة ،وانيط برسول الله حماية هذ الكيان المجتمعي المدني وفقا للعهد والميثاق الذي توافق الجميع عليه وهو ما يعرف ( بوثيقة المدينة ) خلق ظروفا جديدة وواقعا جديدا يتحتم عليه ان يضيفوا الجهاد القتالي كفرع من فروع الجهاد الأكبر الدعوة إلى الله وليس بديلا عن الدعوة ضد كل من يتربص بالمسلمين ويعيق الدعوة [8 ]]
ثم أذن الله له بالقتال وهو ما يعبر عنه بالجهاد أو القتال في سبيل الله ولكن بعد قيام الدولة ومتطلبات السلام الذي كان مهدد من قبل قريش وغيرها من المتربصين وقد أذن الله لرسوله و للمسلمين بالقتال لأمور منها :
1-الدفاع عن النفس .
2 - تامين الدعوة والدفاع عنها .
3- تحقيق السلام .
* وعندما نرجع إلى تاريخ المدينة، نجده يمثل تاريخ الجهاد السلمي، الذي يطرح الحلول، ولا يزيد من المشاكل
لقد كانت قريش تصد عن الدعوة وتريد أن تحجب النور الذي أريد له أن يسطع في مشارق الأرض ومغاربها ،بل وكانت تمكر في الدعاة وتقتلهم ،وتتقطع لهم بالطريق
فكان من حق المسلمين أن ينشروا هذه الدعوة، ومن حقهم أن يدافعوا عن أنفسهم أمام هؤلاء الذين جاءوا ليقاتلوهم، ويمنعوهم من حقوقهم في إبلاغ هذه الدعوة، سواءً من أصحاب قريش، أو من القبائل التي تغدر بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، عندما كان يرسل لهم حفظة القرآن،
وهكذا ينبغي لنا اليوم ان نلتزم هذ النهج ليس من حقنا أن نغير العالم ولا أمرنا الله بذلك ،وهذ فوق طاقتنا فلا نقاتل الكفار إذا لم يعتدوا علينا فهذا باطل
لكن أن تدافع عن نفسك فهذا أمر آخر.
فما يجري اليوم في فلسطين نجد أن هناك حق في استعادة الحقوق المغتصبة، ولأن الناس ظُلموا ويطلبون رفع الظلم عنهم، وليس بمبرر أن فلسطين مقدسة،
وما يحدث اليوم من قتل وحروب بين المسلمين تدمي له العين وباطل ،او ما تعمله القاعدة وداعش
"، ومن يقاتل فقط من أجل السلطة، فهو باطل، وكثيرٌ من الحروب التي تحدث اليوم باطلةـ وليس لها مبرر، فلا حق لهذه الحروب، ولا معنى لها، فيجب أن لا نكون مع أنصار الباطل، ولكن إذا كان هناك ناسٌ صالحين، ولديهم مبررٌ دفاعي فلا مانع أن نكون معهم *

......
الهامش
مراجع :

1- » حديث عائشة رضي الله عنها أخرجه مسلم حديث (160)، وأخرجه البخاري أيضاً مطولاً في عدة مواضع أولها في " كتاب بدء الوحي " " باب كتاب كيف كان بدء الوحي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم " حديث (3).
وانظر كتاب السيرة د . علي محمد محمد الصلابي ج1 ص95 مكتبة الصحابة الشارقة ط1 /1422ه‍ - 2001 م .
2 - انظر فتح القدير للإمام الشوكاني في تفسير سورة المزمل .
3•- حديث جابر رضي الله عنه أخرجه مسلم حديث (161)، وأخرجه البخاري في عدة مواضع، أولها في " كتاب كيف بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم " حديث (4)، وأخرجه الترمذي في " كتاب التفسير " " باب ومن سورة المدثر" حديث (3325)
وانظر كتاب السيرة د . علي محمد محمد الصلابي ج1 ص95 مصدر سابق .
انظر سيرة ابن هشام ج 1 ص172،173
4 - انظر فتح القدري للشوكاني في تفسير الآيات الأولى من سورة المدثر
5 - تفسير ...
6 - البوطي ص38 الجهاد في الإسلام كيف نفهمه ؟
7 - انظر تاريخ الإسلام السياسي ص88 ،والزحيلي مرجع سابق ص54 ،55 .وكذلك بصائر من سورة الاحقاف بروفيسور سيف العسلي .
8- البوطي ص 23 ،24 بتصرف الجهاد كيف
*ومراجع أخرى
البروفيسور سيف العسلي ( بصائر من القرآن )
الشيخ محمود شلتوت ( القرآن والقتال )
بحث حماية المدنيين في القرآن والقانون الدولي / المحامي شمس الدين محمد



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد