إكتشاف 125 كهفا في الأردن منافسه للعالمية - صور

mainThumb

23-03-2023 08:46 PM

السوسنة - إن رحلة اكتشاف مكنونات جوف وأسرار البادية الأردنية في "حرة الشام" والتي تبلغ مساحتها نحو 50 ألف كيلومتر مربع ‏وتمتد من جبل العرب في سوريا مرورا بالأردن وصولا إلى شمال غرب السعودية عند ‏صحراء النفوذ الكبرى.‏

‏ ويشكل الجزء الأردني أو ما يعرف ب "الحرة الأردنية" حوالي 12 ألف كيلومتر مربع من مساحة حرة الشام. إن تاريخ اكتشاف الكهوف البركانية في منطقة البادية الشمالية ‏الشرقية يعود إلى عام 1985 حين سجل كاتب المقال شخصيا في ‏المنطقة أول هذه الكهوف في "أم القطين" وهو الكهف الشهير المعروف باسم "مغارة ‏عزام" الواقع بالقرب من بركان قعيس. والذي اعطى اشارة الى تواجد ‏أنفاق كثيرة مشابهة له نظرا لوجود نحو 200 بركان قديم في المنطقة المكسوة بالصخور ‏البازلتية الناتجة عن الاندفاعات أو الانسياب البركانية التي وقعت قبل 25 مليون ‏سنة ويعود أحدثها إلى حوالي 4 آلاف عام.‏
وجاء اكتشاف هذه الأنفاق والكهوف الجديدة ثمرة يانعة لحملة بحث متواصلة هدفها الإسهام في تطوير وتنمية البادية الأردنية وتأهيل الكهوف ‏المكتشفة وتحويلها إلى مناطق جذب سياحي.

إن جهود اكتشاف مواقع هذه الأنفاق تعززت في السنوات ‏الأخيرة وسجل كاتب المقال اكتشاف 125 نفاقا جديدا في عدة مناطق من الحرة الأردنية.‏ أهمها كهف البادية والفهدة (حشيفة) والعميد والراعي ودحدل والحية والوساد و غيرها.

حقول توزيع الأنفاق والكهوف البركانية:

حقل بلدات صبحا وصبحية:

وهو حقل سجل فيه حوالي 10 كهوف وانفاق وهي كهوف واعدة وممتدة ومع إكتشاف المدفن الروماني عند المدرسة الرئيسية في بلدة صبحا بدأت ملامح إكتشاف لعدد أكبر من الكهوف.

حقل حرة ام القطين
وهذا الحقل يمثل نموذجا لأكبر كثافة للكهوف في العالم .. حيث سجل في ٧٠ كم٢ حوالي ٢٥ كهف أفضلها هو كهف الجامعة الهاشمية وكهف ابو الكرسي.

حقل بلدة البشرية
ولقد سجل في هذا الحقل واحد من أروع الحقول البركانية .. وهو كهف البادية (أو الحونيت أو بئر الحمام) وهو كهف مميز بارتفاعة الذي يزيد عن ٨ امتار وعرضة الذي متوسطه ١٠ أمتار وامتداده المدروس حوالي قرابة ٦٠٠ متر ولا ينتهي ولكن الرسوبيات عبر ال ٥ مليون عام وهو عمر الكهف .. أغلقت نهايته ولكن الجزء الحالي يكفي لأغراض كثيرة منها السياحية. في الحقل كهوف كثيرة بإتجاة بلدة رماح ودير الكهف.

حقل حرة جاوا والصفاوي
وهذا الحقل فيه اروع الكهوف في الحرة وهو كهف الفهدة (أو حيشفة) ويبلغ طوله حوالي ١ كم وهو الأطول حتى تاريخية في الحرة الأردنية. وهناك ١٠ كهوف أخرى في المنطقة

حقل الاشقف البركاني
وهو حقل فيه الكثير من الكهوف مثل كهف الأمير وكهف القيصر وكهف كمبة. والتي تتميز المعادن نادرة تتدلى من سقف الحرة.
حقل بلدة الحلابات
وهذه الكهوف سجلت في الاطراف الغربية من الحرة وتمتد إلى منطقة المشنشلة شرقا وعددها ٥ كهوف



ومما يلفت النظران داخل هذه الكهوف والأنفاق البازلتية التكوينات الجيولوجية ‏البديعة إذ يصل طول بعض الأنفاق إلى أكثر من 1500 متر وتتراوح أقطارها بين 10 و15 ‏مترا وتزين سقوفها استدارات جميلة تتدلى منها الهوابط وكتل من المعادن النادرة.‏

وتعرف الأنفاق البركانية على إنها أنفاق طبيعية تحت أرضية تشكلت دون تدخل الإنسان وهي ناتجة عن انسياب ‏متصل لكتل (البازلت) المكونة من صخور بركانية سوداء والتي يكون معدل تبريد أسطحها ‏أعلى من جوفها مع استمرار حركة الانسياب الداخلية لتكون تجويفا داخليا على هيئة ‏نفق.‏

وتمتاز الصخور البازلتية المكونة لهذه الكهوف بمواصفات فيزيائية وهندسية ‏مناسبة وسقوف سميكة يتراوح سمكها بين خمسة وعشرة أمتار في حين تتميز أرضيات ‏الكهوف والأنفاق المكتشفة بوجود طبقة من تربة الطمي الناعمة التي حملتها المياه ‏معها خلال مواسم الأمطار ما يجعل المشي داخلها هينا لينا.‏

إن الأنفاق البركانية توفر المأوى للعديد من الكائنات مثل ‏الطيور والوطواط والحيوانات المفترسة وغيرها.‏

ولقد استخدامات هذه الأنفاق والكهوف في منطقة البادية أنها ‏ عبر عصور طويلة مساكن للمعيشة ولأغراض الدفاع إضافة إلى العبادة ودفن ‏الموتى وكمجمعات مائية إضافة إلى الزراع وكمستودعات غذائية في حالات الطوارىء.

وبالنسبة للكهوف المكتشفة حديثا يمكن استخدامها كمناطق سياحية ‏وترفيهية تضاف إلى المعالم السياحية الأردنية لأغراض السياحة البيئية ولكن بعد ‏إعادة تأهيل هذه الأنفاق والكهوف بتوفير الإنارة الداخلية والمياه وتحسين مداخلها ‏وإنشاء المنتزهات والاستراحات داخل الأنفاق.‏

ولا بد من ترويج هذه الكهوف محليا وعالميا لتشجيع السياحة باستقطاب ‏المواطنين للقيام بجولات استكشافية مبديا اقتراحه بإنشاء خطوط للسكك الحديدية ‏داخل الأنفاق الطويلة بهدف الترفيه.

كما انه يمكن استخدام الكهوف البازلتية لأغراض ‏إستراتيجية وعسكرية كملاجئ في حالات الطوارئ أو لتكون غرف مركزية للقيادة أو ‏مستودعات لتخزين ذخيرة وأسلحة أو لتكون تحصينات ثابتة تمثل حجز الزاوية في الدفاع ‏ويمكن إعادة تأهيلها في هذا المجال بفتح مداخل ومخارج متعددة للدخول والخروج ‏بسهولة وسرعة.‏

ونظرا لما تتميز به الكهوف من اعتدال درجة حرارتها التي تتراوح بين 16 و20 ‏درجة مئوية خلال معظم أيام السنة فان ذلك يشجع في استخدامها لتخزين المواد ‏التموينية الأساسية. ‏

كما يمكن استخدام الكهوف والأنفاق البركانية لأغراض تعليمية إذ ‏يمكن اختيار احدها لغايات البحث العلمي الذي يقوم به طلبة ‏المدارس والجامعات والباحثين من مختلف الجهات.‏

وعلى الصعيد الصحي يمكن استخدامها لأغراض طبية حيث أفادت الدراسات التي أجريت ‏في استراليا وجزر هاواي والبرتغال التي توجد فيها أنفاق مشابهة إمكانية استخدامها ‏لعلاج الأزمات الصدرية خصوصا الربو بسب استقرار الطقس فيها وهوائها النقي وكذلك ‏علاج بعض الأمراض كالقلق والتوتر لما توفره أعماقها للإنسان فيها من سكينة وهدوء.‏
وسجل الباحث في العديد من الكهوف والأنفاق قطع صوانيه ‏وفخارية تدل على العصر الحجري الحديث من 4000 إلى 8000 عام قبل الميلاد ما يثبت ‏إن الإنسان سكن هذه المنطقة منذ زمن موغل في القدم.‏

ولجعل ‏المستقبل أبهى وأجمل وحيث إن معظم هذه الأنفاق ‏بعيدة عن المناطق السكنية وعن الطرق المعبدة فانه يتوجب على الجهات المعنية إلى دعم جهود البحث اذ لا بد من إنشاء طرق فرعية معبدة ‏خاصة لهذه الأنفاق وكذلك إنشاء طرق جديدة في منطقة البادية لتسهيل حركة التنقل ‏بين هذه الأنفاق في إطار الجولات السياحية.‏

مع الاشاره إلى أهمية استغلال هذه الكهوف في السياحة العلاجية خاصة وان التجارب ‏العلمية أثبتت إن نقاء الهواء في داخل هذه الكهوف ونسبة الرطوبة المعتدلة تجعلها ‏بيئة مناسبة للأغراض الطبية لعلاج الكثير من الأمراض المستعصية مثل الربو والتحسس ‏وأمراض الجهاز التنفسي الأخرى مشيرا إن الكثير من الكهوف في العالم تستخدم بنجاح ‏لهذه الغاية كما هو الحال في استراليا.
وأخيرا ان ما تعرضت لها بعض الكهوف من الهدم والطمر وإغلاق المداخل وخصوصا كهف "ابو الكرسي" في منطقة غدير الناقة دق ناقوس الخطر وأصبح لزاما علينا جميعا وخصوصا الجهات المعنية من ان تقوم باستملاك الأراضي المتواجدة فيها هذه الكهوف والبدء بعمل خطة لتنظيفها وتأهيلها كجزء من واجبنا للمحافظة على تراثنا الطبيعي.

 

 

أ د. أحمد ملاعبة



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد