التوحش الإسرائيلي 1- 2

mainThumb

24-10-2023 11:43 PM

التوحش الإسرائيلي يقصد به حالة الانزلاق والفوضى نحو الحرب الشاملة التي استهدفت المدنيين والأعيان المدنية بطريقة وحشية وممنهجة ومتعمدة في مدينة " غزة " المشهورة باسم "سجن الهواء الطلق " دون وضع اعتبار لحرمة الإنسان وكرامته أو التقيد بقواعد الحماية المنصوص عليها بالقانون الدولي ،هذه المدينة المحاصرة الواقعة برقعة جغرافية صغيرة يسكنها أكثر من مليوني شخص نصفهم من الأطفال الذين يجدون أنفسهم محاصرين بالإجرام الوحشي في ساحة حرب خبيثة ليس لهم فيها مكان آمن ،وما يميز هذ التوحش أنه صناعة شيطانية زينت لهم بانهم الاهم في العالم وانهم الافضل، ومن يستهدفونهم لا يستحقون التمتع بالكرامة الإنسانية والحقوق الإنسانية وفقا لما صرح به أحد قادة الحرب ،ولا يمكن تفسير هذا التوحش إلا أنه الغرور بما لديهم من قوة وثقتهم بغياب المسألة القانونية والمحاسبة على جرائمهم، بفضل الدعم ألا محدود من القوة المتنفذة في العالم ،ما جعلهم يتخلوا عن كل القيم الإنسانية والدينية والاخلاقية والاعراف والقوانين الدولية والمواثيق والمعاهدات ،وما كان لهذا التوحش أن يستمر لولا الدعم الأمريكي والغربي والتخاذل العربي الإسلامي وموت الضمير العالمي وعدمية هيئة الأمم المتحدة ،ولعلى العقل يتسأل كيف يحصل هذا في عالم يدعي الحضارة ؟
وأين احترام كرامة الإنسان وصيانة دمه وعرضه وممتلكاته التي أقرتها الشرائع السماوية والوضعية والاعراف واكدتها نصوص اتفاقية لاهي 1907 في المادتين 25، 27، فضلا عن اتفاقيات جنيف الأربع و بروتكولاتها، والاتفاقيات الأخرى التي تحرم كافة الصور التي تستهدف المدنيين والأعيان المدنية؟
للأسف لقد تغلب الجهل على العقل والغواية على العلم ،والشيطانية على الإنسانية ،إذا كان قد نجح الشيطان لمرة واحدة بإقناع آدم بأكل الشجرة وصورها له بأنها شجرة الخلد والملك الذي لا يبلى ،فإنه قد نجح مرات ومرات بصناعة التوحش وزين لهم الأفعال الإجرامية وبررها وسماها "الدفاع عن النفس وعن القيم "،فعلينا ألا نستغرب هذ الإنسان حين ينسلخ من إنسانيته يمكن يعمل أي شيء ألم يقنع الشيطان أولياءه بصلاحية المثلية ،أي إمكانية تحويل الرجل إلى امرأة والمرأة إلى رجل ؟ بل واقنعهم بجدارتها وافضليتها ،ولكي تستمر هذه الجرائم استخدم المجرمون الإسرائيليون الأساليب الشيطانية فعمدوا إلى قلب المفاهيم فعلى سبيل المثال ؛ بدلا من عبارة " العدل قوة " قالوا " القوة عدلا "، وبدلا من أن " القتل جريمة " قالوا في حق إسرائيل : " القتل دفاعا عن النفس" ، وبدلا من القول بأن مقاومة الاحتلال حق مشروع " قالوا " المقاومة في فلسطين وفقط إرهابا "،حتى أضحت القوة هي الإله الذي يَحتكم إليها وهي القانون وهي كل شيء ،إذن هذ التوحش الإسرائيلي قد اعتمد الأساليب الشيطانية ولبس الباطل بالحق وزينه وغطى الحقائق فمن خصائصه الآتي :
إنهم اذكياء مهذبون ولديهم منظر لائق أنهم يمارسون القتل بكل برودة إنهم يملكون إغراء قويا فهم الأهم والأفضل ، ولديهم مذيعات حسناوات ،وقنوات إعلامية كثيرة ومحللين يبررون لهم كل ما يفعلونه ،و لديهم دعما غير محدود من أعظم قوة في العالم ، ولا يجدون تجاه ضحاياهم دافع الجوع الذي تجده الوحوش الضارية ،ولا الباعث للدفاع عن النفس كما يدعون لان من يستهدفونهم ليسوا عسكريين بل اطفالا ومدنيين ، وليس لديهم ضرورة عسكرية تدعوهم إلى الظفر لسبب بسيط فالجو والأرض والبحر ،والحدود محتلة من قبلهم ، إنهم يمارسون القتل بالتسلسل وما يثير الاستغراب والاشمئزاز هي برودة ممارستهم للقتل وابتهاجهم به وتبريرهم له .
،كل ما يميزهم ويحتاجون إليه هي علامة واحدة فقط يميزون بها ضحاياهم وعليهم أن يعرفوها وذلك أن تكون الضحية تنتمي إلى الارض الفلسطينية وفي الأرض الفلسطينية ذوي البشرة العربية واللسان العربي، فإذا مورس التوحش ضمن هذه العلامة في تلك المنطقة، فليس هناك بعد ذلك ما يدعو إلى توخي الحذر من أي شيء فكل ما يجدونه امامهم هدفا مشروعا ،كذلك لا يلزمهم التفريق بين المدنيين وغير المدنيين و لا التفريق بين الاعيان المدنية والعسكرية فالمستشفى كما المعسكر سواء بسواء ، والمسجد كما القاعدة العسكرية، والمنزل كما الثكنة العسكرية ، والمؤسسة التعليمية والإعلامية كما الكلية الحربية ومرابض المدافع ،الكل سواء التوحش يعني الانزلاق نحو الفوضى والحرب الشاملة وعدم التقيد بشيء أو التميز بين شيء وشيء أخر .
* ما الفرق بين الجرائم الوحشية ،والنزاع المسلح ؟
من الملاحظ ان استهداف المدنيين في غزة لم يكن داخلا ضمن النزاع المسلح والذي غالبا ما يحدث بين دولتين متحاربتين أو أكثر ،بينما هنا نجد دولة تمتلك كل المقومات والقوة العسكرية التي تتفوق على دول المنطقة بكلها في مقابلة مدينة محاصرة من كل الجهات خالية من السلاح ، فهو بالمفهوم الدقيق القتل من جهة واحدة حيث عرفت الجمعية العامة للأمم المتحدة الحرب بانها : ( استخدام القوات المسلحة من قبل دولة ضد سيادة وسلامة دولة أخرى واستقلالها السياسي او على وجه آخر لا يتفق وميثاق الامم المتحدة ) ،كذلك الحرب وإن كانت شرا فلها قيود وحدود يتفق العالم بضرورة التقيد و الالتزام بها أثناء الحرب ولا نجدهم يتخلون عنها أو يتنكرون لها إلا حين يتعلق الأمر بالتوحش الإسرائيلي ، فما يحدث لا يندرج إلا ضمن الأعمال الوحشية الإجرامية ،نحن هنا أمام جرائم وحشية تمارسها دولة الكيان الغاصب التي تمتلك أعظم قوة في المنطقة ضد سكان مدنيين يرضخون ضمن الاحتلال والحصار، فليس هناك مسوغ لأن تشن حرب لعدم التناسب وانعدام الأهداف العسكرية ،فلا توجد مطارات ولا قواعد عسكرية ،ولا بوارج ولا طائرات ولا مرابض للمدفعيات والمدرعات ولا شيء من هذا القبيل ،نحن أمام كلمات استبدادية تحيل المقاوم إلى إرهابي ،فكيف لك أن تستبد بهذا الوصف وتسمي المقاوم الذي جردته من السلاح وحاصرته في رقعة صغيرة وحرمته من كل المقومات حتى إذا وصل إلى حالة اليأس، و لم يبق في يده سوى قنبلة او بندقية وقذيفة فيرمي بها نحو قاتله ليوصل بها صوته إلى العالم ،أنزلت عليه أشد الاسلحة فتكا بما في ذلك القنابل الفسفورية بحرب تفوق التصور لا تستثني شيئا .
يا قومنا غزة تحتاج إلى وقف هذا التوحش الإجرامي - ربنا أنت تسمع نداءنا إذا لم يسمعوا - فأين العالم واين الامم المتحدة مما يحدث !؟
غزة تحتاج إلى مجتمع دولي يعمل على تحقيق العدالة والسلام وإيقاف سفك الدماء والآلام غير المبررة ،في حق المدنيين وممتلكاتهم ،إنهم بحق يستحقون الحياة وحمايتهم ،فما تتذرع به إسرائيل بالرد على حماس لا يتفق مع القانون الإنساني وإنما ينتهك مبادئه الخمسة بصورة فجة وقبيحة، فينتهك مبدأ الإنسانية ،ومبدأ الضرورة العسكرية ، ومبدأ التمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية ،ومبدأ زيادة الآلام غير المبررة ،ومبدأ التناسب ،فإن استكبر العالم على غزة المسكينة فما يؤمنه من بأس الله فالله ليس بغافل ، فإننا نخاف عليكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ ۖ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا ۖ فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ (52) } [سورة التوبة 52] ما يؤمنكم ان يصيبكم مثل ما أصاب العالم في الحرب العالمية الثانية التي راح ضحيتها ما يقارب خمسين مليون، بل سيكون الامر أشد فظاعة تفوق كل التوقعات إذا قامت حرب عالمية ثالثة .
إننا لا نطالب العالم بأكثر من احترام القيم الإنسانية والمعاهدات والمواثيق التي التزم بها ،والتي لو تم احترام هذه المبادئ الجوهرية مع القضية الفلسطينية لما احتاجوا إلى مقاومة أصلا ،و لما كان هناك هذا الكم الهائل من المعاناة الإنسانية التي نشاهدها والتي راح ضحيتها في الفترة ما بين" 22-7 اكتوبر 2023" أكثر من 4650 شهيدا و14200 جريحا .وتهجير اكثر من 600 ألف شخص بعد أن دمرت منازلهم .
ما ينبغي أن يعرفه - على وجه الخصوص - المجتمع الأمريكي والغربي أن عليهم أن يقروا أنهم قد انقلبوا على كل القيم الكونية والإنسانية فما تقوم به حكوماتكم لم يكن مشروعا ولا مبررا ،كيف تبررون الجرائم الوحشية وتدافعون عن مرتكبيها باستماته وكأنكم تقومون لأمر "عظيم "سيكتبه التاريخ في انصع صفحاته لشعوبكم" كمقاومة النازية او الفصل العنصري، أو الانتصار للقيم الإنسانية وحقوق الإنسان ."
فأسالوهم إن كان ما يتذرعون به إنما يهدف الى الوقوف مع إسرائيل لغرض الدفاع عن نفسها من حماس ، ومواجهة المخاطر ،فلماذا لم تلتزم إسرائيل بحماية المدنيين وفقا للقانون الدولي الإنساني ،بل عمدت على قتلهم بوحشية فقتلت الأطفال والابرياء بكل وحشية ،وهو ما يتنافى مع كل القيم والمواثيق التي أمنت بها شعوبكم ووافقت عليها ،لأن الدفاع على النفس يعني مواجهة المخاطر للتخفيف من الآلام مع الأخذ بعين الاعتبار بالمنفعة والنظر إلى ميزان المحاسن واحترام القانون الدولي الإنساني .بينما التوحش يستلزم مواجهة المخاطر "بزيادة الآلام غير المبررة والقتل وتدمير الأعيان المدنية والممتلكات ، وإسرائيل استخدمت القوة العسكرية بشكل مفرط لا يتناسب مع مبدأ التناسب والضرورة العسكرية فقد جعلت غزة بكاملها ساحت حرب.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد