آثار خفض رسوم السيارات
في ظل أزمة اقتصادية مركبة تعيشها البلاد، وفي وقت يئن فيه المواطن تحت ضغوط المعيشة وغلاء الأسعار، جاء قرار الحكومة بتخفيض الرسوم الجمركية على سيارات الهايبرد بنسبة عشرين بالمئة ورفعها في المقابل على السيارات الكهربائية، ليطرح جملة من الأسئلة حول خلفياته وآثاره، لا على الموازنة العامة فحسب، بل على الاقتصاد الوطني والمواطن الذي هو في نهاية المطاف من يتحمل عبء كل قرار مالي يتخذ.
تبدو الحكومة وكأنها تحاول تعويض تراجع الإيرادات الناتج عن الانتشار المتزايد للسيارات الكهربائية، والتي بطبيعتها لا تستهلك البنزين ولا تدخل في معادلة الضريبة المفروضة عليه، حيث تعتمد الدولة بشكل أساسي على ضريبة ثابتة تُقدر بسبعة دنانير لكل عشرين لتراً من الوقود ، وهو ما جعل توجه المواطنين نحو السيارات الكهربائية يضعف إيرادات الخزينة من هذا المورد الحيوي. من هنا، يقرأ الكثيرون قرار تخفيض الرسوم على الهايبرد، ورفعها على الكهربائية، كخطوة تهدف لإعادة المواطنين إلى استهلاك البنزين، وبالتالي إلى ضخ الأموال في صندوق الدولة يوميًا، ولكن من جيوب المواطنين التي أرهقتها الضرائب والرسوم منذ سنوات.
في المقابل، فإن السيارات الكهربائية لا توفر فقط بديلاً أوفر للمواطن، بل تقدم أيضًا خيارًا بيئيًا يتماشى مع التوجهات العالمية نحو الطاقة النظيفة والتقليل من الانبعاثات الكربونية. بينما تقف دول العالم اليوم في سباق نحو دعم السيارات الكهربائية وتوسيع البنية التحتية الخاصة بها، يأتي القرار الأردني ليعاقب هذا التوجه ويكافئ الخيار التقليدي الأكثر استهلاكًا للوقود والأعلى تكلفة على المدى الطويل. الأمر يثير تساؤلات حول انسجام السياسة الاقتصادية الوطنية مع الضرورات البيئية والمناخية التي لم تعد ترفًا، بل شرطًا عالميًا للاستدامة والتمويل والتعاون الدولي.
ولأن الأردن بلد غير نفطي ويعتمد بشكل شبه كلي على استيراد المشتقات النفطية، فإن تشجيع السيارات العاملة بالبنزين يعني بالضرورة رفع فاتورة الاستيراد، وزيادة الضغط على الميزان التجاري المختل أساسًا، كما يعني مزيدًا من الطلب على العملات الأجنبية التي تعاني البلاد في الأساس من شحها. وإذا كانت الحكومة ترى أن هذا القرار سينعش الاقتصاد، فالسؤال المنطقي هو لماذا لا تُحفز في المقابل السيارات الكهربائية الأقل كلفة على الدولة والمواطن؟ ألم يكن من الأجدى وضع سياسة نقل ذكية تربط بين الاقتصاد الأخضر وتقليل الاعتماد على الوقود المستورد بدلًا من تحميل المواطن أعباء إضافية تحت شعار تحسين الإيرادات؟
المقلق أيضًا أن هذا القرار قد يشجع على استيراد أعداد أكبر من السيارات، ومعظمها يتم شراؤه بتمويل من البنوك، ما يدفع المواطن نحو المزيد من الاقتراض في وقت تشير فيه البيانات الماليه إلى أن (الدين الشخصي) في الأردن تجاوز الأربعة عشر مليار دينار. وهنا ندخل في دائرة مفرغة من (الاستهلاك الممول بالديون)، دون إنتاج فعلي أو تحفيز للقطاعات الإنتاجية، فهذه السيارات ليست صناعة وطنية ولا توفر فرص عمل ولا تنشط القطاع الصناعي المحلي، بل هي سلعة استهلاكية بالكامل تُستورد بالعملة الصعبة وتستهلك البنزين المستورد أيضًا، وبالتالي فإن أثرها الحقيقي على الناتج المحلي محدود أو سلبي (ماعدا ما هو معد لإعادة التصدير)، وهي لا تنعش الاقتصاد بقدر ما تستنزف موارده وتزيد من التزامات المواطنين.
أما عن البنية التحتية، فهي أصلاً تعاني من اهتراء وتهالك واضح في الطرق وشح في مواقف السيارات وضعف في وسائل النقل العام، وبالتالي فإن الزيادة المتوقعة في عدد السيارات ستفاقم الأزمة المرورية والضغط على البنى التحتية المنهكة أصلًا، دون أن يقابل ذلك أي استعداد فعلي من قبل الجهات المعنية سواء على مستوى ( التخطيط الحضري أو التهيئة المرورية). وما دامت هذه العوامل غائبة، فإن القرار ليس فقط اقتصاديًا بحتًا، بل يبدو أيضًا بعيدًا عن الرؤية المتكاملة التي من المفترض أن تسبق أي خطوة بهذا الحجم.
في ضوء كل ذلك، يبدو أن القرار في جوهره يهدف إلى (تحصيل سريع للإيرادات) من خلال فرض عبء غير مباشر على المواطن بدلًا من بناء سياسة اقتصادية تعتمد على التوسع في الإنتاج وتحفيز الاستثمار وخلق الوظائف. وهو ما يعكس خللًا في فلسفة الجباية وفهم العلاقة بين الدولة والمواطن.
ومن المهم ألّا تُفهم مثل هذه السياسات على أنها امتداد لتجاذبات جيوسياسية أو اصطفافات في النزاعات التجارية العالمية، مثل تلك الجارية بين الولايات المتحدة والصين، خاصة في ما يتعلق بقطاع السيارات الكهربائية كما يقال. إذ قد يُنظر إلى تفضيل واردات معينة على حساب أخرى كخيار يعكس اعتبارات سياسية أكثر منه مصلحة اقتصادية داخلية، وهو ما يتطلب الحذر عند رسم السياسات الضريبية، لضمان أن تبقى موجهة أولًا وأساسًا نحو دعم الاقتصاد الوطني وتخفيف الأعباء على المواطن, وهو الأمر الذي تتنبه له الحكومة في رسم السياسات الاقتصاديه.
النتيجة أن المواطن الأردني، الذي يعاني أصلًا من نسب بطالة مرتفعة ومستويات دخل منخفضة، يجد نفسه اليوم أمام خيارين أحلاهما مر، إما العودة إلى السيارات العاملة بالوقود وتحمل تكاليف يومية متزايدة، أو شراء سيارات كهربائية برسوم مرتفعة تفقدها ميزة الجدوى الاقتصادية. أما على مستوى الاقتصاد الوطني، فالأثر المرجو من القرار سيبقى محدودًا ما دام لا يرتبط برؤية شاملة تتناول البيئة والبنية التحتية والعدالة الضريبية وتوزيع الأعباء بشكل يحقق التنمية المتوازنة ولا يزيد من الفجوة بين الدولة ومواطنيها..
الترك يهدد دنيا بطمة علناً .. ما القصة
ترامب يلقي خطابا هاما للشعب الأمريكي
أبرز مواصفات الهاتف المنتظر من Realme
الأردن يحصد المركز الثالث عربياً بمؤشر الاداء الاحصائي
المملكة على موعد مع منخفض جوي جديد .. أمطار وزخات ثلجية وصقيع واسع ليلاً
الحلقة الأخيرة من مسلسل سلمى يتصدر الترند .. ماذا حدث
الأردن يعزي مصر بضحايا غرق قارب هجرة بالقرب من ميناء جزيرة كريت اليونانية
الشيخ تميم يطمئن على يزن النعيمات
8 رحلات إضافية إلى الدوحة دعما للمنتخب الوطني بأسعار مخفّضة
طريقة لزيادة عمر بطاريات الهواتف الذكية
ولّعت .. خلافات شيرين وشقيقها إلى العلن مجدداً
ترامب يوقع قرارًا جديدًا يقيّد دخول مواطني دول عدة إلى الولايات المتحدة
مجلس الأمن يناقش القضية الفلسطينية
الأردن يطلق نظاما وطنيا لإعادة تدوير مواد التعبئة والتغليف
تأخير الدوام المدرسي في تربية البادية الجنوبية ليوم الأربعاء
أخطر الكتب في التاريخ .. هل تجرؤ على قراءتها
وفاة مشهور التواصل السعودي أبو مرداع بحادث مروع
مدعوون للتعيين في وزارة الأشغال .. أسماء
وظائف في مؤسسة الاقراض الزراعي .. الشروط والتفاصيل
البدء بإنتاج أول سيارة كهربائية طائرة
ارتفاع جنوني في أسعار الذهب محلياً اليوم
وظائف شاغرة في وزارة الصناعة والتجارة .. تفاصيل
فصل نهائي ومؤقت بحق 26 طالباً في اليرموك .. التفاصيل
الخطاطبة رئيسًا لجمعية أطباء العيون
التربية تستغني عن 50 مدرسة مستأجرة
الزراعة: 451 ألف زائر لمهرجان الزيتون الوطني 25
سعودية تُعلن نفسها أميرة المؤمنين وتدعو لمبايعتها
مجلس النواب يصوت على الموازنة .. الخميس
وزارة الأوقاف تُسمي ناطقها الإعلامي الجديد
اليرموك: مبادرة من "كلية الشريعة" لتعزيز القيم في المدرسة النموذجية




