هل نحن في حاجة إلى وزارة الثقافة
برزت مؤخرا بعض الأفكار وغيرها التي تصب في تفكيك هذا المرفق العمومي وتحويل جزء من اختصاصاته إلى جهات أخرى بالرغم من الطابع التقني الذي يطبع هذا الاقتطاع، فإنه يحول جزءا من ذاكرة الوطن"المغرب" نحو المجهول ويبعث على القلق ويثير أكثر من علامة استفهام في بلد لا زال يشق طريقه نحو النماء والحداثة والانتقال الديمقراطي، وهي بالفعل مؤشرات لا يمكن تحقيقها عمليا على أرض الواقع إلا بجدلية الثقافي والديمقراطي بحيث لا يمكن لأي أحد أن يجادل في أن عملية الانتقال الديمقراطي وتصالح المؤسسات الرسمية إلا بولوج عوالم التعبير الحر وشفافية التدبير ومصداقية الخطاب وتعدد الاختيارات، ولا شك أن المجتمعات الموجودة في مصاف التقدم والنماء سلكت منهج الانتقال في شروط تاريخية ومقدمات موضوعية واضحة كان للشق الثقافي الفاعل الرئيسي في ردم فجوات التخلف والانتقال نحو الانبعاث، فالثقافي هو التعبير عن كيان ووجدان الأمة وحاجاتها الذاتية وأنماط عيشها وأسلوب التواصل والتلاقح والتجانس بين متناقضاتها الداخلية والتفاعل مع محيطها الخارجي دون إلغاء أو تعسف.
فالإيمان بمكونات المجتمع ومجالات تعدده واختلاف أنساق تفكيره وطرق تدبيره هو الذي يصيغ عملية الانتقال السلس نحو الديمقراطية، لأنها تركيب معقد لأفكار ومفاهيم مجتمعية يؤطرها الفاعل الثقافي. وفي بلد كالمغرب ظل المؤشر الديمقراطي لفظا لغويا تتناقله الألسن وتدبجه الأحزاب السياسية في مقرراتها التنظيمية وأوراقها السياسية دون أن يكون له أثر أو مس بجوانبه النضالية أو مساره التدبيري، كما تستغله المؤسسات الرسمية بمختلف تشكلاتها وتلاوينها بترويض خطابها وتسويق صورتها تاركة المجتمع يعيش في فوضى مفاهيمية غامضة حول الديمقراطية، لا سيما وأن الحلقة الثقافية ظلت مفقودة بفعل عوامل متعددة منها ما هو سياسي وآخر نفسي.
فالمجتمع المغربي عبر حقبه التاريخية ومراحله الصعبة ظل متماسكا فكريا وعقائديا ولم تتمكن التيارات الواردة شرقا وغربا من التأثير في نسيجه الثقافي بل استطاع تذويبها وصياغتها وفق ميكانيزماته وأنساقه الفكرية وتمثلاته التعبيرية، بل عُرف عنه قدرته في تمطيط كل التناقضات وتصريفها في أشكال تنسجم وعمق هويته وخصوبة سهوله وانتصاب مرتفعات جباله وهضابه وصحاريه.
لكن المعطيات الجيوستراتيجية في بداية القرن لم تكن في صالح البلد خاصة بعد أن عجلت معركة إسلي 1844 بأن تعري كما قال المؤرخ الناصري عن ضعف البلاد عسكريا واقتصاديا ولم تكن الاتفاقيات السياسية التي تلتها إلا وجه آخر من الاختراق الكولونيالي للمغرب خاصة وأن معاهدة الجزيرة الخضراء جاءت لتكرس واقعا جديدا أملته ظروف دولية عجلت تطور الأحداث ما بين 1906 و معاهدة الحماية 1912 لتضع المغرب بكل بنياته الفكرية والسياسية أمام منعطفات وهزات قوية شكل النسق الثقافي والعمق الديني للشعب المغربي وحدة متكاملة ومتجانسة في مواجهة المد الاستعماري ومحاولاته لاختراقه أيديولوجيا فيما أصبح يعرف بالظهير البربري وبلاد السيبة والمخزن، لكن في خضم النقاش السياسي أو مشروع الإصلاح الذي تقدمت به الحركة الوطنية في مطلع الأربعينات من القرن الماضي ظلت الأرضية الثقافية ناقصة تتجاذبها أفكار وقراءات متعددة بحكم المحور الطبيعي الذي تشكلت منه نخبها السياسية (الرباط – فاس – سلا -)، ولم يكن بإمكانها في ظل القضايا الوطنية المستعجلة بلورة وصياغة خطاب فكري وسياسي مبني على مشروع ثقافي يؤمن بالتعدد والاختلاف حيث تجلت معالمه على الميدان ما بين مسار المقاومة واختيارات جيش التحرير وما أفرزته من تناقضات وصراعات في كيفية تدبير مغرب ما بعد الاستقلال كما أن المؤسسة الرسمية بحكم مشروعيتها الدينية والتاريخية ظلت تعتبر الميدان الثقافي مجالها الحيوي وامتدادها الطبيعي، لكن الصراع الأيديولوجي في مطلع الستينات والسبعينات من نفس القرن أجهض المشروع الثقافي الوطني ولم يكن قرار إحداث مرفق عمومي بالخيار الصائب في حكم التوجهات الرسمية التي حصرت مضامين تدخله وضيقت على هامش تحركه في صنوفه المتعددة (التراث الكتاب، الإبداع، التعدد، الفنون الشعبية، تأهيل الأنسجة والأنساق التعبيرية) ولم يشفع التدبير الحزبي من إنقاذ المؤسسة الرسمية (وزارة الثقافة) من طابعها التوثيقي بل أسهم في تعميق الهوة بين المشروع الوطني لتدبير الثقافة والاختيارات الحزبية الضيقة.
لذا، المطروح بعد هذا التوضيب التاريخي لمسلكيات الفعل الثقافي وأدواره الطبيعية في عملية الانتقال الديمقراطي أن نطرح وبدون عُقد تاريخية هل لنا فهم واحد للثقافة وهل الشأن الثقافي في حاجة إلى مؤسسة رسمية لاحتضانه وما الجدوى من قيامها وهي مشلولة الاختيار ومحدودة التأثير ولم تعد قادرة على أن تؤدي دورها كما جاء في التقريرين الأخيرين تقرير المجلي الاعلى للحسابات وتقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي وتهافت بعضهم لتشجيع التفاهة والميوعة وإقصاء الفاعل النقابي الجاد (النقابات الجادة) كما جاء في خطب صاحب الجلالة .والذي تحول إلى مسمى النقابات الأكثر تمثيلية لخدمة الحزبيين الحكوميين كما أن هذه المؤسسة غير قادرة على التدخل في الوقت الذي أصبح فيه جزء من ذاكرتنا يفوت ولا يعي 12 قرنا من الوجود.
ألم يآن الأوان لتفعيل المجالس الجهوية العليا للثقافة تماشيا مع تنزيل مشروع الجهوية الموسعة لتحيين وجرد ورد الاعتبار للصناعات الثقافية المحلية التي انقرضت أو في طريق الإنقراض من أجل الحفاظ على الهوية المغربية الأصيلة والأصلية والإسراع في إنقاذ جزء من ذاكرة وطن ومخططات تفكيك هويتنا وتسليعها.
- حسن الأكحل:
- الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للثقافة .
- عضو المكتب التنفيذي للمنظمة الديمقراطية للشغل .
- عضو المكتب التنفيذي للمركز الوطني للإعلام وحقوق الإنسان .
- فاعل ثقافي
وزير الداخلية يشارك بقداس منتصف الليل بكنيسة المهد
العساف يؤكد جاهزية المنتخب الوطني للتايكواندو للمنافسة
غزة… حيث يأتي الميلاد بلا زينة ويولد الدفء من الركام
انفانتينو يكرس هيمنته على الكاف
مهم للطلبة غير الأردنيين بشأن الرسوم المدرسية
مدعوون لاستكمال اجراءات التعيين في الصحة .. أسماء
أمم إفريقيا: ساحل العاج تفوز بهدف وحيد على موزامبيق
تنفيذ 2143 عقوبة بديلة عن الحبس منذ بداية العام
اكتشاف مليون وثيقة إضافية مرتبطة بإبستين
السعودية تستنكر التحركات العسكرية بمحافظتي حضرموت والمهرة
نقابة المحامين ترفع رسوم اشتراك التأمين الصحي
عائلة منفذ عملية الكرامة تعلن استعادة جثمانه
القضاء على داعش .. مسؤولية جماعية
جماهير الأرجنتين تنحني للنشامى بعد نهائي كأس العرب
يوتيوب يعود للعمل بعد تعطله لآلاف المستخدمين
الطب الشرعي يكشف سبب وفاة شاب مفقود في الكرك
بحث التعاون بين البلقاء التطبيقية والكهرباء الأردنية
اعلان مقابلات صادر عن وزارة التنمية الاجتماعية - أسماء
حوارية في اليرموك بعنوان المدارس اللسانية المعاصرة
اعلان توظيف صادر عن صندوق المعونة الوطنية .. تفاصيل
استيطان جديد في الضفة الغربية يفاقم الصراع
توصيات اللجنة المالية في الأعيان بشأن الموازنة العامة
انطلاق فعاليات أولمبياد اللغة الإنجليزية العالمي للجامعات 2025