نانسي بيلوسي حول غزّة: مكارثية الدرجة 3
ولا يزيد بلّة في طين هذا التفكير المسطح المعوّج سوى حقيقة أنّ قائلته ليست سوى نانسي بيلوسي، عضو مجلس النوّاب الأمريكي عن الحزب الديمقراطي منذ العام 1987، وأوّل امرأة تتبوأ رئاسة المجلس في تاريخ أمريكا وتبقى فيه سنوات 2007 حتى 2011، ثمّ 2019 حتى 2023. ورغم أنّ المكارثية، تراث السناتور الشهير جون مكارثي الذي ساد الولايات المتحدة ابتداء من 1950 وحتى 1954، عقدت محاكم تفتيش لأولئك الذين اتُهموا بالشيوعية؛ فإنّ لجوء بيلوسي إلى اتهام بوتين بالوقوف خلف تظاهرات الرفض لسياسات بايدن/ نتنياهو، وللمجازر الإسرائيلية استطراداً، لا يستدعي مناخات تلك الحقبة السوداء الفاضحة لأسباب على صلة بالمحتد الروسي/ السوفييتي سابقاُ فحسب. ثمة، في جهاز التفكير الذي يدير عقل بيلوسي وأحكامها، جذور وأصول وربما بعض «جينات» ترتدّ إلى 74 سنة خلت في الحوليات الأمريكية.
هنا ما ذكرته بيلوسي في حوار مع محطة CNN الأمريكية: «أن يطالب هؤلاء بوقف إطلاق النار أمر يعني نقل رسالة السيد بوتين. لا تخطئوا، هذا مرتبط مباشرة بما يحلو له أن يراه. الشيء ذاته بخصوص أوكرانيا. إنها رسالة بوتين. وأنا أقول هذا بعد أن تفحصت الأمر طويلاً». وحين تسألها المذيعة إنْ كان بعض المحتجين المناهضين للحرب هم من «المزروعين» تجيب بيلوسي: «بذور أم زرع، أعتقد أنه يتوجب التحقيق في بعض التمويل. وأودّ أن أطلب من مكتب التحقيقات الفدرالي أن يتولى ذلك».
وحين اعترضت منظمات سياسية وحقوقية مشاركة في تلك الاحتجاجات، لم يتراجع مكتب بيلوسي عن الاتهام، ووزّع النصّ التالي: «لأنها عليمة عبر ثلاثة عقود من العمل في لجنة الاستخبارات التابعة لمجلس النوّاب، فإنّ رئيسة المجلس عالية الإدراك لكيفية تدخل الخصوم الأجانب في السياسة الأمريكية بهدف بذر الشقاق والتأثير على انتخاباتنا، ويهمها أن ترى المزيد من التحقيق على أعتاب انتخابات 2024». والحال أنّ التاريخ لا يسجّل ذهاب مكارثي إلى هذه الدرجة من الحضّ على توريط مكتب التحقيقات الفدرالي، في مزاعم واهية مضحكة مثل تلك التي ساقتها بيلوسي، دون أن تكترث بتقديم أيّ برهان، أو حتى خيط دليل، على ما تقول.
هذه خلاصة تبيح الافتراض بأنّ بيلوسي لم تنتهج مكارثية «أصيلة» بمعنى أن تكون وفيّة في المعايير الدنيا لذلك التراث البغيض؛ بل اختارت الدرجة 3، في أفضل تقدير، من ذلك الهوس المَرَضي بتأثيم العالم الخارجي المتربص دائماً وأبداً بأمن الولايات المتحدة ومصالحها، وتلفيق نظريات المؤامرة على النحو الأشدّ استخداماً للهراء المحض.
لكنها تتجاهل، عامدة بالطبع إذْ لا يعقل أنها تجهل، حقيقة أولى أشارت إلى أنّ 10 فقط في مجلس النوّاب الأمريكي المؤلف من 435 عضواً؛ وافقوا على أيّ تحقيق بصدد انتهاكات دولة الاحتلال الإسرائيلي لحقوق الإنسان خلال حرب الإبادة على قطاع غزّة. حقيقة أخرى تتقصد بيلوسي إغماض العقل عنها، هي أنّ 61٪ من عموم الأمريكيين، و76٪ من أنصار الحزب الديمقراطي؛ يؤيدون وقف إطلاق النار.
فإذا وضع المرء جانباً أعراض الخبل والخرف، في اتهام المحتجين على الحرب بالعمالة للرئيس الروسي، فإنّ موازين بيلوسي بصدد الانحياز الأعمى لدولة الاحتلال ليست ثقيلة ومثقلة فقط، بل هي بدورها تقترب في كثير أو قليل من التفكير التخبّلي، إذا جاز اشتقاق كهذا. ففي سنة 2019، ومن سدّة رئاسة مجلس النوّاب تحديداً، خرجت بيلوسي بهذه المعادلة: «قلت لبعض الناس حين سألوني، لو أنّ مبنى الكابيتول هذا صار ركاماً على الأرض، فالأمر الوحيد الذي سوف يبقى هو التزامنا بالمساعدة إسرائيل، وإنني أيضاً لا أطلق عليها صفة المساعدة، بل التعاون. هذا أمر جوهري يخصّ هويتنا ومَن نكون». ولأنّ هذه السطور أتت على ذكر الجينات في هوس بيلوسي الإسرائيلي، هنا ما قالته أواخر تشرين الأوّل (أكتوبر) الماضي، خلال خطبة تصويتها لصالح قرار مجلس النواب 771 المؤيد لدولة الاحتلال: «قبل 80 سنة، من منصة هذا المجلس، كان والدي عضو الكونغرس توماس دأليساندرو من ماريلاند قد دعا إدارة روزفلت لدعم تأسيس دولة إسرائيل في ما كان آنذاك يُعرف باسم فلسطين. كانت دعوته تلك مبكرة، ولهذا فإنّ حماية دولة إسرائيل كامنة في جيناتي».
ثمة، إلى هذا، مورّثات من طراز آخر يقود سلوكيات بيلوسي، وإنْ كان يفضي في نهاية المطاف إلى مراقصة أنظمة الطغيان والاستبداد والفساد، بعد نظام الاستيطان والتمييز العنصري والأبارتيد؛ ثمّ الجمع بينهما في سلّة واحدة، لا يكون التناقض مادّة تشكيلها. ففي نيسان (أبريل) 2007، قامت بيلوسي بزيارة دمشق والاجتماع مع رأس النظام السوري بشار الأسد؛ وأعلنت من هناك أهداف مبادرتها تلك: «جئنا من موقع الصداقة، والأمل، والتصميم على أنّ الطريق إلى دمشق هو طريق إلى السلام» و«ليست لدينا أوهام، بل أمل كبير» لمحادثات سوف تتركز على «محاربة الإرهاب». رئيس حكومة الاحتلال يومذاك، إيهود أولمرت، لم يتأخر في فضح الأكذوبة؛ ودافعه في ذلك كان اعتبارات إسرائيلية ـ إسرائيلية أساساً، فأعلن أنه لم يحمّل بيلوسي أية رسالة إلى الأسد، لأنّ النظام السوري يظلّ في تقدير الحكومة الإسرائيلية ضمن «محور الشرّ» الشهير، ذاته الذي سبق أن شخّصه الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن.
أكذوبة أخرى، وتالية، فضحها البيان الرسمي ذاته الذي أصدره وفد مجلس النواب الأمريكي الزائر (وتألف من توم لانتوس، هنري واكسمان، نك رحال، لويز سلوتر، وكيث إليسون) حين أوحى بأنه التقى مع «قادة المعارضة وممثلي عوائل المنشقين» ونقل لهم «اهتمامنا القوي بحالات الناشطين الديمقراطيين العراقيين أنور البني، عارف دليلة، محمود عيسى»…؛ فافتُضح عجز النوّاب الاشاوس عن التمييز بين معارضين عراقيين (كما قال البيان) وسوريين (كما أشارت الأسماء)؛ فضلاً عن عدم اكتراث مساعدي بيلوسي وصحبها حتى بتصحيح الخطأ، في سجلات المجلس لاحقاً.
ولعلّ المظهر الإضافي من هذا الولع بدولة الاحتلال، الأقرب إلى المسّ والهوس، يقتضي أن تكون بيلوسي إسرائيلية أكثر من كونها أمريكية، أو إسرائيلية أكثر من غالبية الإسرائيليين أيضاً؛ كما في الحكاية التالية التي يستطيب سردها سام لوتر، صديق بيلوسي وأحد كبار النشطاء في دعم الاحتلال: ذات يوم، خلال أحد اجتماعات «لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية» AIPAC، خلال فترة هجمات 11/9، كانت بيلوسي تلقي خطبة حين دوّت صفارات الإنذار، فساد القلق والاضطراب في القاعة، فما كان منها إلا أن أنشدت الـ»هاتيكفا» النشيد الوطني الإسرائيلي، فهدأ روع الحاضرين وانخرطوا في التصفيق.
وبالفعل، إذْ من دون مسرح مبتذل مثل هذا، أو مراقصة طاغية مثل الأسد، أو مجرم حرب مثل بنيامين نتنياهو، أو تلفيق اتهامات مثل عمالة لرافضي الحرب… كيف للدرجة الثالثة من مكارثية الزمن 2024، أن تتأصل في قرارة نفس بيلوسي!
(القدس العربي)
وزيرة الأمن الداخلي الأميركية: على مادورو الرحيل
تراجع مبيعات العقار 13% .. ومطالب بتخفيض فوائد القروض السكنية
بحبح: حماس مستعدة للتفاوض حول نزع السلاح
نواب: قانون المعاملات الإلكترونية الجديد يلغي الاستثناءات
ممداني يشجّع أسود الأطلس وسط الجالية المغربية
قصي خولي ينهمر في البكاء .. ما السبب
إيمي سمير غانم تثير الجدل: لو حسن الرداد تزوج غيري من حقه
قيادة أركان الجيش السوري تأمر بوقف استهداف مصادر نيران قوات "قسد"
مهاجم زامبيا يسقط على رقبته بعد هدف قاتل في كأس أمم افريقيا
الحسين إربد يتعاقد مع البرازيلي ني فرانكو مديرا فنيا للفريق الأول
نتنياهو: إسرائيل تعلم أن إيران تجري "تدريبات" في الآونة الأخيرة
وفاة أبو بشت تهز مواقع التواصل في السعودية
قتيلان و11 مصابا باشتباكات بين القوات السورية وقسد في حلب
حسابات إسرائيلية تلجأ للذكاء الاصطناعي للتشكيك بمأساة فيضانات غزة
وظائف شاغرة في الضمان الاجتماعي والبحرية الأردنية .. تفاصيل
طريقة لزيادة عمر بطاريات الهواتف الذكية
أبرز مواصفات الهاتف المنتظر من Realme
تجارة عمان تدعو لإنشاء مجلس أعمال أردني -أذري
وظائف شاغرة بدائرة العطاءات الحكومية
الأردن يوقع اتفاقيتي توسعة السمرا وتعزيز مياه وادي الأردن
الصناعة توافق على استحواذين في قطاعي الطاقة والإسمنت
المملكة على موعد مع منخفض جوي جديد .. أمطار وزخات ثلجية وصقيع واسع ليلاً
الأردن يشارك في البازار الدبلوماسي السنوي للأمم المتحدة
جماهير الأرجنتين تنحني للنشامى بعد نهائي كأس العرب
بحث التعاون بين البلقاء التطبيقية والكهرباء الأردنية

