الحرية تتآكل في فرنسا
بالتزامن مع شكوى بونيفاس، اعترف أحد أكثر فلاسفة فرنسا شهرة، وكثافةَ إصدارات، وشعبية، ميشال ونفري، بأنه مُقاطَع إعلامياً من غالبية وسائل الإعلام منذ أكثر من 6 سنوات، ويُمنع من الظهور، بعد أن اتُّهم بالنازية، وشُبِّه بهتلر، ووُجِّهت له أقذع التهم، ومع ذلك لم يعترض أحد، أو تنافح عنه جهة.
هذا النوع من الاعترافات لم يعد نادراً في فرنسا، وبدأ يطفو على السطح بعد صمت طويل. الحرب على غزة، وبشاعة الإبادة، كشفتا المستور، وأطلقتا الألسن. قد تفهم شغل اللوبيات ومؤامراتها في أميركا، لكن كيف لفرنسا أن تذهب إلى هذا المنزلق؟ وتتدحرج صوب رقابة كانت تعيبها على الآخرين؟ القوانين العادلة متوفرة لحماية الجميع. وشعب شعاره «حرية... مساواة... أخوة» لم يكن يقبل المساس بأغلى مكتسباته. لكن إسكات ناقد، واستبعاد رياضي، وطرد إعلامي، أو ترهيب كاتب، لم يعد مما يزعج الرأي العام، وتقبل تبريراته، دون مضض.
محطة «تي في 5 موند»، لم تتردد في طرد المذيع محمد قاسي، من أصول جزائرية، بعد أن طرح أسئلة أزعجت الضيف المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أوليفييه رافوفيتش، حول الوضع الإنساني في غزة واقتحام المستشفيات.
في فرنسا، ترى الشيء وضده. ففي الوقت الذي تتزايد فيه الشكاوى من تكميم الأفواه، يحتفي برلمان الاتحاد الأوروبي (ومعه فرنسا)، بأعضائه الـ27، بالتوصل إلى تشريع جامع يكفل حماية تعددية وسائل الإعلام واستقلالها. تلحظ بوضوح أن أكثر المنافحين شفاهة عن الحرية هم أنفسهم الذين يضعون العصي في دواليبها. كان من المفاجئ حقاً طلب البعض إسقاط الجنسية الفرنسية عن لاعب كرة القدم الشهير كريم بنزيما، لمجرد أنه كتب تغريدة يناصر فيها المدنيين في غزة، لا، بل واتهم بانتمائه إلى جماعة الإخوان المسلمين.
ولم تتوانَ وزيرة المساواة بين الجنسين، أورور برجيه، عن مراقبة ما يصدر عن الجمعيات من مواقف، لتحدد إن كانت الدولة ستدعمها، أم تقطع عنها المعونة.
الأمثلة كثيرة. لكن بالعودة إلى بونيفاس، يشرح أن الانحدار متواصل منذ سنوات طوال، وأن محاربته بدأت منذ بداية القرن حين أصدر كتاباً عن تحول موقف الحزب الاشتراكي من القضية الفلسطينية، واتهم على أثره بأنه معادٍ للسامية. وفي وجهه «أخرجوا البطاقة الصفراء». وكانت القطيعة النهائية حين نشر كتابه، «المثقفون المزيفون»، ورفضت نشره 14 داراً، قبل أن يبصر النور. هنا أُشهرت «البطاقة الحمراء» مع أنه أعاد كتابة وقائع معروفة لم يكذبها أحد. «أصبحت عدواً للأقوياء وأصحاب النفوذ في النشر والإعلام».
في شيء من السخرية، يستغرب بونيفاس، كيف كان ضيفاً دائماً على الشاشات، يوم كان باحثاً مبتدئاً بلا خبرة، وصار مقصياً حين عُرِف في العالم. ويسأل: «لماذا لا يغضب أحد من كاتب يوجه انتقاداً لمسؤول فلسطيني؟ ولماذا لا يتم التفريق بين انتقاد الحكومة الإسرائيلية، وانتقاد الإسرائيليين؟».
بعد إحكام المال قبضته على الإعلام الفرنسي، صار تحت سلطة أفراد لا يتعدى عددهم قبضة اليد الواحدة. فانسون بولوريه، وباسكال برو اسمان لامعان في الاستحواذ على الوسائل الإعلامية. إلى الأول تعود محطة «سي نيوز»، التي صدر بحقها مؤخراً قرار غريب يقضي بمراقبة ميول المتحدثين والصحافيين وكتّاب الرأي، للتأكد من تحقق التعددية، واحترام القانون، إثر شكوى قضائية. أمر أثار غضباً وتذمراً؛ فمن له الحق في الحكم على انتماء أو تصنيف كل شخص يفتح فمه على محطة؟ ووفق أي معايير؟
وكتبت المستشارة القانونية فانيسا لاميه أن «القرار الذي اتخذه مجلس الدولة خطوة واضحة إلى الوراء قبل عام 1881؛ تاريخ إعلان حرية الصحافة في فرنسا، وشكل جديد للرقابة من خلال المحاصصة والرصد، يصل إلى حد خنق النقاش العام».
هل بدأ صراع النفوذ؟ هل دخلت الحرية في فرنسا عصر الصراعات العقيمة، والجدل المرّ؟ الفيلسوف ونفري يتهم السلطة بأنها تعيّن أتباعها في المراكز الحساسة، وأنها تفضل المطيعين منهم، وأن الصحافيين لم يعودوا بحاجة لرقابة أصلاً، لأن في رأس كل منهم شرطياً يأمره بما يتوجب عليه أن يكتب أو ينطق. أخطر من ذلك أن ونفري يتهم رأس المال بأنه، بعد أن أحكم سيطرته على الإعلام التقليدي، يدفع ليشن الحملات على وسائل التواصل، ولتعزيز نشر أخبار بعينها، أو تلميع صورة أشخاص دون آخرين. ويستغرب فيلسوف فرنسا أن تُستعمل المحرقة ضد اليهود سلاحاً يُشهَر في وجه مَن يُراد التخلص منهم، واستغلال تهمة معاداة السامية وإلصاقها بكل مَن يتفوه بما لا يعجب أصحاب النفوذ.
يفقد الإعلام ثقة جمهوره، وتقلّ الإعلانات بطبيعة الحال، وتُقرأ على وسائل التواصل شتائم لبرامج باتت أبواقاً وبروباغندا أكثر مما هي مجال للنقاش الحرّ. فلا تجد المحطات وسيلة سوى حجب التعليقات. البحث عن الحقيقة، لم يعد هدفاً. وتحوُّل المنابر الرئيسية إلى منصات تكرر ما يُطلب منها يقوّض أهم أسس الديمقراطية، وتلك كارثة لم تعد فرنسا تتفرد بها.
لكن قريباً سيكون من الصعب على غرب يفقد مصداقيته الإعلامية أن يوجه تهمة الديكتاتوية وتقييد الحريات لبلد مثل الصين، حين قامت ضدها الحملات لأنها منعت ذات يوم البحث على «غوغل» أو حظرت «فيسبوك»، ممن يقفون على مبعد خطوتين من بدء حظر «تيك توك».
أساليب التعليم الحديثة في عصر الذكاء الاصطناعي
مجلس محافظة اربد: ذكرى الوفاء والبيعة نقطة فارقة في تاريخ الأردن
التزكية تحسم انتخابات ثلاثة فروع لنقابة المهندسين
موكب سيارات بلا لوحات في مأدبا .. فيديو
عروس تخلع زوجها بأول أسبوع زواج والسبب لا يخطر على بال
108 مليار دولار تتبخر من ثروات الأغنياء بسبب ديبسيك
26.5 مليار دولار أرباح ألفابت الفصلية .. نمو بـ 28%
تفاعل غير مسبوق مع رسالة الأمير تركي لترامب بشأن تهجير الفلسطينيين
توقعات بهطول زخات من الثلوج على هذه المناطق
مجهولون يسطون على صيدلية بإربد
كتاب كاملات عقل ودين يثير الضجة .. ما القصة ولماذا سُحب من معرض الكتاب
إنقاذ نمر وخنزير سقطا في بئر بالهند .. فيديو
إسرائيل تستعد للمرحلة الثانية من مفاوضات غزة
أراضٍ بالأقساط للموظفين والمتقاعدين والجيش والأمن في الأردن .. رابط
قرار هام من الضمان الإجتماعي يخص المتقاعدين
الحكومة تكشف سعر القطايف في رمضان 2025
الأمن يضبط سائق المركبة الاستعراضية في الزرقاء
إيعاز من مدير الأمن العام بشأن النزلاء الناجحين بالتوجيهي
المناطق التي قد تشهد تساقطًا للثلوج .. أسماء
منخفض ثلجي شديد البرودة قادم للأردن .. تفاصيل
تنقلات وتشكيلات بين كبار موظفي وزارة التربية .. أسماء
كتاب لاتحاد كرة السلة بخصوص مباراة الأردن وإسرائيل
الأردن يحسم الأمر بشأن استقدام عمالة فلبينية للعمل بالتمريض
الجيش يفتح باب التجنيد .. تفاصيل وشروط