الصيام عند اليهود والمسيحيين والمسلمين

mainThumb

09-03-2024 10:36 PM

الصوم موجود عند الرسالتين السماويتين التي سبقتا الإسلام اليهودية والمسيحية. يصوم اليهود ستة أيام فقط طوال العام، ويتبع اليهود فى صيامهم طقوس التقشف، كالنوم على الأرض والامتناع عن الأكل، والشرب، والجماع، والاستحمام، وتغيير الملابس، والتعطر، وغسل الأسنان، والعمل، وارتداء الأحذية، منذ غروب الشمس إلى غروب شمس اليوم التالي. ويتم إعفاء الأطفال والمرضى والنساء الحوامل والمرضعات من الصيام.
ويعتبر أهم أيام الصيام بالنسبة لليهود هو "يوم الغفران" ويوافق شهر سبتمبر أو شهر اكتوبر، يصومون فيه 25 ساعة مع الكثير من الصلوات، ويرتدي فيه الرجال وشاحًا أبيضا، والنساء ملابسا بيضاء، ويليه فى الأهمية صيام يوم 9 أغسطس، ثم يوم 13 نوفمبر ويسمى "صيام جداليا"، لإحياء ذكرى مقتل حاكم أورشليم. كما يصوم اليهود يوم السابع عشر من يوليو، إضافة ليوم العاشر من "تيفيت" فى التقويم العبرى، الموافق لشهر ديسمبر أو يناير، وهو اليوم الذى بدأ فيه القائد بختنصر البابلى حصاره لأورشليم، وآخرها يوم الثالث عشر من مارس، ويسمى "صيام استير"، وهو لإحياء "عيد الفور"، فى ذكرى خلاص اليهود من مجزرة هامان، وزير الإمبراطور الأخمينى أحشويرش وفقًا للتراث اليهودى.كما أن هناك نوعان من الصوم لدى اليهود، الأول، فردى (يقوم به كل شخص لوحده ذكرا كان أم أنثى) ويسمى صوم الأسر، ويقع فى حالات الحزن الفردي، أو عند التكفير عن خطيئة، والثانى جماعى، وهو غير ثابت، وغالبًا ما يفعلونه عند حدوث حزن عام يقلقهم، كالصوم عند رداءة المحصول، أو غارات الجراد، أو الهزائم فى الحروب مثل السابع من اكتوبر 2023.

أما الصوم عند المسيحيين لم يذكر في الإنجيل نصوص بخصوص الصيام، لكن التقاليد الكنسية تدعو للصيام أربعين يوما قبل عيد الفصح، ثم زيدت لتصبح ستة أسابيع بما سمى الصيام الأكبر، وفى هذا الصيام يمنع أكل لحوم الحيوان ومنتجاته كالألبان ومشتقاتها، إلا أن الأمر يعود للكنيسة، فالكنيسة الروسية تمنع أكل اللحوم والسمك، أما الكنيسة الكاثولوكية فى إنجلترا، فرخصت لأتباعها أكل اللحوم والسمك فى أيام الصيام إلا فى أيام معدودة، كالأربعاء والجمعة والخميس المقدس. أما الأقباط الأرثوذوكس فيصومون فى أيام كثيرة، ويمتنعون عن اللحوم والألبان ومشتاقتها. ويمكن تقسيم الصيام حسب الطوائف المسيحية إلى ثلاثة أقسام هى: الصيام فى الكنيسة الكاثوليكية: يبدأ فى منتصف الليل إلى منتصف النهار، ويلتزم به كل من بلغ السابعة من العمر، وينتهى بالستين سنة من العمر للرجال، والخمسين سنة من العمر للنساء، والصيام اللازم فى الكاثوليكية هو الصيام الكبير، ويمتنعون عن أكل اللحم والألبان ومشتقاتها (البيض، والجبن، والحليب، والزبدة) يومي الأربعاء والجمعة. وأما الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية تتفق مع نظيرتها الكاثوليكية فى الصوم الكبير باعتباره أهم وأعم أنواع الصيام ومدته خمسون يومًا أو خمسة وخمسون يومًا ولديهم طريقة فلكية لضبط وقته من عام إلى عام، وينبغى أن يبدأ بيوم الاثنين. والكنيسة لها أصوام أخرى أهمها: صوم الميلاد، ومدته أربعون يومًا من 25 من نوفمبر إلى 6 من يناير، وصوم (الرسل)، وتمارسه الكنيسة منذ عصر الرسل ليس عدد محدد من الأيام، وصوم العذراء، ومدته خمسون يومًا، صوم نينوى، ومدته ثلاثة أيام، ويعتقدون أن يونس عليه السلام قد بدأ هذا الصيام ببطن الحوت، وللكنيسة صيام آخر متفاوت بين اليوم والثلاثة أيام، ويسمى صيام البراموت (الاستعداد). أما الصيام فى الكنيسة البروتستانتية، تترك الكنيسة البروتستانتية مسألة الصوم للشخص الذى يقرر فيه الصائم لنفسه الصوم، وكيفيته، وفق رغبته الشخصية النابعة عن إحساسه الذاتى، فإذا ما صام وأفطر يحل له أكل ما يشتهيه من المأكولات، فهو عندهم مستحب وليس واجب.

أما الصيام عند المسلمين فجاء حلا وسطا بين طرق الصيام عند أتباع الرسالتين السابقتين في عدد أيامه وشروط أدائه فتم توحيد بداية الصوم من رؤية هلال شهر رمضان حتى رؤية هلال شوال بحيث لا يتجاوز عدد أيامه الثلاثًون يوما. حيث يمتنع الصائمون عن جميع المأكولات والمشروبات بكل أنواعها من طلوع فجر كل يوم من شهر رمضان إلى مغيب الشمس فيه وعندها يحل للصائم اكل وشرب كل شيء يريده إلا ما حرمه الله عليه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ، أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ، شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (البقرة: 183-185))، (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ً(البقرة: 187)). علاوة على انه يوجد سحور (أكل ما يريده الذي ينوي الصيام قبل أذان صلاة الفجر) قبل الصيام كما قال رسول العالمين محمد بن عبد الله ﷺ: عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً رواه البخاري (1923)، ومسلم (1095).


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد