استطلاعات الرأي .. والمسرَحَة الدوليّة

mainThumb

24-03-2024 09:56 PM

يجلسُ نحوُ مليونٍ ونصف المليونِ فلسطينيّ في رفح، تحتَ رحمةِ الله أوًلًا وطبعًا، ثمّ تحتَ رحمةِ محادثاتِ بايدن- نتنياهو، و«هلوساتِ» كوشنر، ولعبة الانتخابات الأمريكيّة، وشكِّ خارجيتهم، لعدِمِ توفُّر أدلةٍ كافيّة، أنّ «إسرائيل» تستخدمُ الجوعَ كسلاح. أمّا على الجانِبِ الآخر مما تبقى من قطاعِ غزّة، فيقبعُ فلسطينيو الضفة الغربيّة تحتَ رحمة الله، ثمّ رحمةِ الولاياتِ المتّحدة التي تختارُ لهم، من باب: لا تطلبوا «الوزارة»، فإنْ طلبتموها وكِلْتُم إليها، وإنْ طلبتُمْ لها، و«اجتَزْتُم المقابلة» أعِنْتُم عليها. كما يقبعونَ في فوضى أرقامٍ عجيبة؛ فاستطلاعاتِ الرأي لا تتوافقُ مع ما يقالُ في العَلَن، ولا مع ما يجري على أرضِ الواقع، فإمّا أنّ الاستطلاعاتِ غير دقيقة، وأنّه يتمُّ التلاعبُ بها، أو أنّها أُجريت على عَيِّنة «باطِنيّة»، وليسَ لـ«حسن الصّباح»، والحشاشين أو «Assassin» أيّةُ علاقة بالأمر، لكنّ الواضح أنّ القومَ في استطلاعاتِ الرأي غيرُ القوم في العَلَن.
ليسَ وقتَ سخرية، لكنّ العالم اليوم في قمّة السّخافة والسّخرية. وينظرُ إلى الفلسطينيين أنّهم قطع ليغو حرفيًا، تُنقل وتُعاد، ويبحثُ العالم أينَ سيذهبُ بهم، لإتاحة الفرصة للجيش الإسرائيليّ أنْ (يبحث) عن الأسرى الإسرائيليين وقادة حماس، مع أنّ تقديراتِ هذا الجيش أشارَت إلى أنّهم في الشّمال، ثمّ في الشفاء، ثمّ تحتَ الشفاء، ثمّ في خانيونس، ثمّ في دير البلح، ثمّ لا أعرفُ إلى أينَ ستصِلُ تخمينات هذا الجيش الذي كأنه يلعب بالنّرد، ربما.. بعد اجتياح رفح، تكون تقديراتُ الجيش أنّ الأسرى وقادة حماس في سيناء أو في جنوب إفريقيا، وها هُم أعادوا اقتحامَ مجمّع الشّفاء، الذي لم يجدوا شيئًا فيه لا سابقًا ولا الآن، وليسَ إلّا المجازِر الواضحة بالصّوت والصّورة التي ترتكب ضدَّ الفلسطينيين، دونَ أنْ يهتزَّ شيء في العالم.
ليسَ هناك أيّ أهميّة لتكرار المعروف بالضرورة. لكنّ حالة «الاستهبال» الدوليّ تصبحُ نهجًا وسبيلًا، ولا يخفى على أحدٍ إطلاقًا، أنّ نتنياهو لا يُريدُ أنْ يتوقّف، وأنّ مجلس الأمن الذي في حالةِ مخاض مزمِن، لن يلدَ لا فأرًا ولا جملًا، وأنّ العالم يستمرُّ بتجزئة الأشياء وتشتيت الانتباه عن القضيّة الأساسيّة، كأنْ يحصر الأمر في المساعدات، أو غيرها. وما زالَ نفسُ السؤال حاضرًا بكامِل ثقله: إذا كانَ العالمُ كلّه فشل ويفشل في وقفِ قتلِ المدنيين والعُزّل، وفي وقفِ المجاعة، ويفشلُ في «إقناع» نتنياهو ألّا يجتاحَ رفح، فكيفَ ننتظرُ من هذا العالمِ نفسه أنْ يضمَن قيامَ «دولةٍ» فلسطينيّة، على حدود الرابع من حزيران، بناءً على قراراتِ «الشرعيّة الدوليّة». ويبدو سؤال آخر، وهو ما البديل؟.. ويبدو الثاني أصعبَ من الأوّل وأعقد، ويبدو الوجودُ الفلسطينيّ برمّته مهددًا.
أتذكّرُ أنّه قبل عدّة سنواتٍ ظهرت دعوات لتحويلِ مقرِّ جامعة الدول العربيّة إلى «قاعة أفراح»، وأرى اليوم فعلًا ضرورة تحويل مقرّات الأمم المتّحدة، وقاعة اجتماعات مجلس «الأمن» الدّولي، إلى أوتيل، أو متحف للإنسانيّة، أو مَزار...؛ لأنّها ستكونُ أكثر فائدة من دورها المسرحيّ الحاليّ.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد