خرائط المحو… معجزات البقاء
الأدباء في فلسطين البحرية، التي احتلت عام النكبة، أوجدوا أدب المقاومة، ويمكن القول إن الأدباء في المنفى أوجدوا أدب العودة، فالتقى التوأمان ليشكلا جناحَي الأدب الفلسطيني.
لقد كان للأدب الفلسطيني أكبر الأثر في إعادة صياغة وتوحيد الهوية الفلسطينية التي شطرها الاحتلال وبعثرتها المنافي، كما أنه أعاد رسم صورة الفلسطيني في العالم العربي، والعالم في ما بعد، بأسمائه ورموزه الذي هم رموز جديدة لهذا الشعب، بحيث لا نستطيع اليوم أن نتخيل فلسطين أو نُكمل رسم صورتها بغيرهم، لأن الثقل الحقيقي لأمة ما في هذا المجال هو هذا العدد المذهل من المبدعين فيها: ويمكن أن نورد هنا عشرات الأسماء، مثل أبي سلمى وإبراهيم طوقان وغسان كنفاني وفدوى طوقان وسلمى الجيوسي وسميرة عزام ومحمود درويش وسميح القاسم وتوفيق زياد وإميل حبيبي وجبرا إبراهيم جبرا وسالم جبران وحنا أبو حنا وفاروق وادي وراشد حسين وحسين البرغوثي وأحمد دحبور ومحمد القيسي وفواز عيد وعز الدين المناصرة وعلي فودة ومريد البرغوثي وإحسان عباس وإدوارد سعيد…
وسأتوقف هنا في المجال الأدبي عند بعض من رحلوا، فما تقدّمه فلسطين من رموز، باستمرار، لا نستطيع حصره.
ولكن هل رحل هؤلاء حقاً، بالتأكيد لا، فاستمرار أثرهم جزء أساس من صمود أيّ شعب ومقاومة أي شعب، فالشعوب التي لا تنتج مفكرين وثورات (على كل مستوى) لا مستقبل لها ولأولادها، وإن عاشت فإنها ستكون الهامش، والهامش يسهل التخفّف منه. لذا، فإن هؤلاء المبدعين يعيشون اليوم في غزة وفي كل ضميرٍ وقلبٍ وروحٍ تقف مع غزة في كل مكان في هذا العالم:
هذه فلسطين وهذه ثقافتها، ولعل من أجمل الظواهر التي سطعت في حياتنا منذ سنوات، حين قامت شابات وشباب القدس بإحاطة المدينة كلها من الخارج بسلسلة القرّاء، التي نظمها وعمل على أن تنظيمها الشهيد بهاء عليان، ثم ذلك الدّور المضيء للشهيد باسل الأعرج، وقبلهما وبعدهما الكثيرون، ولذا لم تكن مصادفة أن يقوم الصهاينة بملاحقة مبدعي فلسطين وكتّابها واغتيالهم حيث كانوا: من غسان كنفاني، إلى الشاعر كمال ناصر، وأبو يوسف النجار وكمال عدوان، إلى نعيم خضر وماجد أبو شرار ووائل زعيتر وعلي فودة، وصولاً إلى قتل حوالي 50 كاتبة وكاتباً وفنانة وفناناً في حرب الإبادة التي يشنها الصهاينة على غزة اليوم، وعشرات الأكاديميين من أساتذة الجامعات ورؤسائها، إضافة إلى تدمير الأماكن الأثرية، والجامعات والمراكز الثقافية الفلسطينية، وسرقتها في غزة، كما سُرقت مكتبات فلسطين ووثائقها عام النكبة، وعام النكسة، وعقب معركة بيروت عام 1982، حين سرق الصهاينة محتويات مركز الأبحاث الفلسطيني، وعملوا قبل ذلك على اغتيال مديره الدكتور أنيس الصايغ، لكنه نجا بأعجوبة، وسرقة الأعمال الفنية من لوحات وغيرها، كما أخبرني أحد شعراء غزة قبل يومين، حيث سرقوا كل ذلك من بيته.
لا يتمّ محو ما هو غير موجود أصلاً، يتم محو كلّ ما هو كائن، وكلما كان هذا الكائن أكثر ارتفاعاً ورسوخاً، تتضاعف القوة القادمة لمحوه، والأدب الفلسطيني على صورة شعبه يتمّ استهداف هذا العدد الهائل من كتّابه، كما يتم استهداف هذا العدد الهائل من شعبه، وتراث شعبه، ومعالمه الحضارية، ولا أظن أن هناك شعباً تم اغتيال هذه العدد من مبدعيه، مقارنة بعدد أفراده، مثلما حدث مع الشعب الفلسطيني، وإذا أضفنا عدد الصحافيين الذين تمّ اغتيالهم مع سبق الإصرار في غزة والضفة، فإن العدد سيصبح مرعباً.
لكننا اليوم يمكن أن نشهد ظاهرة ثقافيه فلسطينية لا يتصدرها الكتاب والمبدعون الفلسطينيون وحدهم، بل كتاب ومبدعون ومثقفون عرب ومن كل أنحاء العالم، انخرطوا فيها بإبداعية عالية، مثل المغنين بأغنياتهم، من «معلش» المستوحاة من جملة وائل الدّحدوح، إلى الأغنية السويدية الفلسطينية التي باتت سيدة الأغنيات في هذا المجال «تحيا فلسطين وتسقط الصهيونية» التي تم إطلاقها عام 1978، وقد كتبها ولحنها المغني الفلسطيني جورج توتاري، ابن الناصرة الذي استقر في السويد بعد عام 1967، وهي واحدة من الأغنيات التي لا يطويها الزمن، إلى «رقصة الحرية» التي باتت عالمية، إلى قول الممثلة العظيمة سوزان ساراندون ومساهماتها: «لا أحد حرّ حتى يصبح الجميعُ أحراراً»، ويسجل لحركة المقاطعة الثقافية والاقتصادية للكيان الصهيوني دورها الكبير في هذا المجال منذ أن تأسست، في مجالات الفن والثقافة والاقتصاد. كما قدّم مبدعو فلسطين الكثير، مَن رحلوا ومَن استشهدوا، ومَن ما زالوا يعطون، ومعهم كتّاب العالم العربي ومبدعوه وكتّاب العالم ومبدعوه. فرفعت العرعير الذي استشهد في غزة يردد العالم قصيدة: إذا متُّ فعش أنت لتروي الحكاية»، وقرية الجارنيكا الإسبانية التي دمرها الطيران الألماني المساند للفاشية عام 1937، تبتكر إبداعاً خالصاً وهي تقف مع غزة. وأتوقف هنا عند نقطة مهمة في تاريخ الشعب الفلسطيني، وهي ما يمكن أن أدعوها ظاهرة الناطق الرسمي الحقيقي باسم هذا الشعب وجراحه، صحيح أن أطفالاً أو نساء أو رجالاً لا يمتّون للسلطات والوزارات بصلة هم هؤلاء، ولكنهم باتوا الناطقين باسم هذا الشعب، وباتت لهم أقوال متداولة، لا تقل إبداعية عن أقوال كتّاب ومبدعين كبار، من «روح الروح»، إلى الفتاة الصغيرة حلا التي تم إنقاذها، الفتاة التي كانت تصرخ «أنا عطشانة بس ما في حولي غير الدم»، إلى الأمّ التي صرخت «ماتوا وهمّ جعانين»، إلى المرأة الأخرى، قبلها، التي صاحت في وجه الجنود الصهاينة في باحة الأقصى «إنكلعوا»، إلى المرأة الفلسطينية التي غنت بصوتها العظيم «شدّوا بعضكم يا اهل فلسطين شدّوا بعضكم»…
كل هؤلاء وهؤلاء رموز، وأثرُ كل واحد منهم لا يزول.
وبعد: يعمل المحتلون أول ما يعملون أيضاً، على «تهميج» البشر، بترويج صورتهم كهمجيين، «ويُبَدْئِنون» البشر باعتبارهم بدائيين يشكلون عبئاً على الحضارة والأرض نفسها، ليسهل قتلهم، أما الصهيونية فقد عملت منذ البداية على فكرة: أرض بلا شعب، أي أنها نفت وجود البشر أنفسهم، لتقوم بعملية الإبادة على هواها؛ إذ كيف يمكن أن تُتَّهَمَ بإبادة شعب هو غير موجود أصلاً!
(القدس العربي)
أسعار النفط تتجه لمكاسب أسبوعية
السماح لولاية تكساس بإجراء انتخابات وفق الدوائر الجديدة
هل سيصل سعر الفضة إلى 65 دولار للأونصة
منتخب النشامى يواجه الكويت غداً ومصر الثلاثاء
ترامب يعتزم الانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق غزة قبل عيد الميلاد
طوينا العار .. بيان من قبيلة الترابين بعد مقتل أبو شباب
أمطار وانخفاض ملموس على الحرارة بهذا الموعد .. التفاصيل
الشرع وتلفيق الـ«نيو ـ جهادية»: المنبر إسرائيلي والحجاب مصري
سمات الحالة الجوية المرتقبة مساء السبت
حماس: مقتل أبو شباب رسالة لكل من خان شعبه
تخصيص 10% من أراضي مدينة عمرة للقوات المسلحة الأردنية
بيت جن… مشهد جديد يكشف طبيعة الكيان المجرم
وزارة الخارجية تعلن عن وظائف شاغرة
مجلس الوزراء يوافق على تسوية غرامات المبتعثين وفق شروط
مدرسة الروابي للبنات هل خدش الحياء أم لمس الجرح
الحكومة تعتمد نظاما جديدا للمحكمة الدستورية 2025
الحكومة تقر نظام وحدة حماية البيانات الشخصية لعام 2025
ماهي شبكة الذكاء الاصطناعي اللامركزية الجديدة Cocoon
مجلس الوزراء يوافق على تعديل رسوم هيئة الأوراق المالية 2025
وزارة البيئة تعلن عن حاجتها لتعيين موظفين .. التفاصيل
نجل رئيس سامسونغ يتخلى عن الجنسية الأميركية للخدمة العسكرية
فنان مصري ينفجر غضباً ويهدد بالاعتزال
لأول مرة منذ 14 عاما .. "آيفون 17" يعيد آبل إلى الصدارة العالمية

