المنافسة في الخير
وَجَدَتُ أَصْحَابُ الْمَشَارِيعِ الْجَادَّةِ يَبْحَثُونَ دَائِمًا عَنْ مُنَافِسٍ جَادٍّ ، يَبْحَثُونَ عَنْ مُنَافِسٍ نَاجِحٍ قَوِيٍّ ، يَكُونُ نِدًّا لَهُمْ فِي الْمُنَافَسَةِ ، يَكْسِرُونَ بِهِ الْجُمُودَ ، أَمَّا النَّكْدِيُّونَ وَيَبْحَثُونَ عَنْ خَصْمٍ لَهُمْ يَتَرَاشَقُونَ مَعَهُ بِالسِّبَابِ وَ كَيْلِ التُّهَمِ ، وَ رَصْدِ الْعُيُوبِ .
وَقَدْ خَلَقَ اللَّهُ الْإِنْسَانَ وَأَوْدَعَ فِيهِ رُوحَ الْمُنَافَسَةِ ، مُنَافَسَةً يَسْعَى مِنْ خِلَالِهَا إِثْبَاتَ وُجُودِهِ ، يَسْعَى بِهَا جَاهِدًا لِتَرْكِ بَصْمَتِهِ ، يُظْهِرُ مِنْ خِلَالِهَا نُبُوغَهُ وَتَمَيُّزُهُ .
كَانَتْ الْمُنَافَسَةُ قَدِيمًا وَ حَدِيثًا عَلَامَةً نَلْتَمِسُ أَثَرَهَا فِي مَحَافِلِ الشِّعْرِ وَ الْادِّبِ ، نَتَلَمَّسُ أَثَرَهَا فِي الْمُنَافَسَاتِ بَيْنَ الْقَادَةِ وَ الْجُنُودِ ، كَمَا نَتَلَمَّسُ أَثَرَهَا فِي الْمُنَافَسَاتِ التِّجَارِيَّةِ ، أَتَخَيَّلُ الْمُنَافَسَةَ مَظْهَرًا طَبِيعِيًّا فِي كُلِّ عَصْرٍ ، فَلَا عَجَبَ أَنْ يُقِرَّ اللَّهُ هَذَا الْأُسْلُوبَ فِي طبيعة خلق الإنسان ، ليكون أسلوبا تَحْفِيزِيٌّا نَشِيطٌا وَ تَفَاعُلِيٌّا . فشرع الله الْمُنَافَسَةُ فِي استباق الْخَيِّرَاتِ ، وَ التَّسَابُقُ فِي رِبْحِ الْأَجْرِ . يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى [] خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسْ الْمُتَنَافِسُونَ ( 26 ) [] [ سُورَةِ الْمُطَفِّفِينَ ]
إِنَّ الَّذِينَ يَضِيقُونَ بِالْمُنَافَسَةِ أُنَاسٌ نَرْجِسِيُّونَ ، لَهُمْ مَنَاعَةٌ ضَعِيفَةٌ فِي مُمَارَسَةِ الْمُنَافَسَةِ ، فَتَرَاهُمْ يَرْفُضُونَهَا ، يَجْنَحُونَ لِلثَّوْرَةِ الْعَنِيفَةِ ، لِأَنَّهُمْ بِبَسَاطَةٍ يَتَهَرَّبُونَ مِنْ الشَّخْصِيَّةِ الْقَوِيَّةِ الْجَادَّةِ ، فَتَرَاهُمْ يُصْدِرُونَ أَحْكَامًا عَاطِفِيَّةً ، هُرُوبًا مِنْ الْمُنَافَسَةِ الشَّرِيفَةِ ، كَمَا تَرَى أَحْكَامَهُمْ فَوْقِيَّةً مُتَرَفِّعَةً ، أَحْكَامٌ تَسْتَصْغِرُ الْخُصُومَ وَالْمُنَافِسِينَ ، لِأَنَّهُمْ فِي تَصَوُّرِهِمْ فَوْقَ النَّقْدِ ، وَ أُطْرُوحَاتُهُمْ مُنَزَّهَةٌ مِنْ الْعُيُوبِ ، فَهُمْ يَرَوْنَ أَنَّ الطَّرَفَ الْأُخَرَ طَرَفٌ ضَعِيفٌ ، يَنْسَاقُ لَهُمْ طَوْعًا ، لِأَنَّهُمْ بِبَسَاطَةٍ يَمْتَلِكُونَ الْحَقِيقَةَ الْمُطْلَقَةَ .وَ أَنَّ الْأَشْخَاصَ الَّذِينَ يَضِيقُونَ بِالْمُنَافَسَةِ تَشْغَلُهُمْ الْأَحْكَامُ النِّهَائِيَّةُ ، فَبِذَلِ أَنْ يُنَاقِشُوا الْمَشَارِيعَ وَ الْبَرَامِجَ ، تَجِدُهُمْ مُصْرِفُونَ لِلْحَدِّ الْمُتَطَرِّفِ سَلْبًا أَوْ إِيجَابًا ، فَبِذَلِ الْمَيْلِ لِمُنَاقَشَةِ الْأَفْكَارِ وَ بَيَانِ الْعِلَلِ ، وَ تَوْضِيحِ الرُّؤَى أَوْ الْوُقُوفِ عِنْدَ الْمَحَاسِنِ وَ الْإِيجَابِيَّاتِ بِالتَّحْلِيلِ وَ الْمُحَاجَجَةِ ، لَكِنَّهُمْ بِطَبْعِهِمْ الْمُخْتَلِفِ يَفْرِضُونَ حَصْرَ الْجُمْهُورِ الْمُتَابِعِ فِي الزَّوَايَا الْحَادَّةِ ، يَسْتَصْغِرُونَ الْآخَرَ لِأَنَّهُمْ بِبَسَاطَةٍ أَوْصِيَاءُ عَلَى الضَّعِيفِ الْقَاصِرِ ، وِصَايَةَ تَقْدِيرٍ وَ حُكْمٍ ، مَا دَوْرُ الطَّرَفِ الضَّعِيفِ فِي نَظَرِهِمْ سِوَى الْمُبَارَكَةِ وَ التَّصْفِيقِ ، وَ هَذَا تَصَوُّرٌ غَيْرُ سَوِيٍّ وَ طَبْعُ مُتَسَلِّطِينَ أَصْحَابِ الطَّبْعِ الْعَنِيدِ ، الَّذِي يُصَوِّرُ الْإِنْسَانَ الرَّاشِدَ الْمُمَيَّزَ فَاقِدًا لِلْأَهْلِيَّةِ ، يُطَبِّقُ سِيَاسَةَ الْأَقْوِيَاءِ امْتِثَالًا لِلْحِكْمَةِ الْمَعْرُوفَةِ " أَغْمِضْ عَيْنَيْكَ وَ اتَّبِعْنِي " وَ الْحَقِيقَةُ أَنَّ قَانُونَ الْمُنَافَسَةِ يَرْفُضُ مِثْلَ هَذَا السُّلُوكِ ؛ لِأَنَّ الْمَسَائِلَ الَّتِي يَعْمَلُ فِيهَا النَّظَرُ تَقْدِيرِيَّةٌ وَ مِيزَانُ الْمُفَاضَلَةِ فِيهَا وَارِدٌ ، لِأَنَّ مَنْطِقَ السِّيَاسَةِ الشَّرْعِيَّةِ لَيْسَ هُنَاكَ شَرٌّ مُطْلَقٌ أَوْ خَيْرٌ مُطْلَقٌ ، إِنَّمَا هُوَ تَقْدِيرُ الْمَصْلَحَةِ وَ تَحْيِيدُ الْمَفْسَدَةِ .
وَ عِنْدَ الْعُقَلَاءِ الْمُنْصِفِينَ تَظَلُّ الْمُنَافَسَةُ فِي حَيَاتِهِمْ ضَرُورَةً تُمْلِيهَا سُنَّةُ الْحَيَاةِ ؛ لِأَنَّ مَا نَرَاهُ الْيَوْمَ مِنْ ضُعْفٍ فِي صُرُوفِ حَيَاتِنَا بِكُلِّ تَشَعُّبَاتِهَا مَرَدُّهُ لِضِيقِ الْأُفُقِ ، وَ الضِّيقِ بِالتَّنَوُّعِ الَّذِي هُوَ مَصْدَرُ إِلْهَامٍ لِلْإِبْدَاعِ ، فِي مُنَاخِنَا الْيَوْمَ لِلْأَسَفِ يَرَى التَّنَوُّعَ الطَّبِيعِيَّ بِدْعَةً ، يَجِبُ مُحَاصَرَتُهَا وَ التَّضْيِيقُ عَلَيْهَا ، لِأَنَّ الْفِكْرَ الْمُبْدِعَ يَحْبِسُ أَنْفَاسَهُمْ .
وَ فِي الْحَقِيقَةِ أَنَّ قَبُولَ الْآخَرِ قِمَّةُ التَّحَضُّرِ وَ الرُّقِيِّ ، فِي الْمُنَافِسِ الشَّرِيفِ دَائِمًا يَبْحَثُ لَهُ عَنْ شَرِيكٍ مُنَافِسٍ ، حَتَّى تَنْتَعِشَ الْفَضَاءَاتُ وَ تَزْهَرَ ، يَصْنَعُ مِنْ الْمُنَافَسَةِ فَضَاءً تَتَلَاحَقُ فِيهِ الْأَفْكَارُ ، فَيَكُونُ فِيهَا الْبَقَاءُ لِلْأَصْلَحِ ، يَكُونُ فِيهَا الْبَقَاءُ لِصَاحِبِ النَّفْسِ الطَّوِيلَةِ ، يَكُونُ فِيهَا الْبَقَاءُ لِلْمَشَارِيعِ ذَاتِ النَّفْعِ الْعَامِّ الْخَادِمَةِ لِلْإِنْسَانِيَّةِ .
وَ فِي خِتَامِ الْمَقَالِ يَجِبُ التَّنْوِيهُ وَ التَّذْكِيرُ إِنَّ حَاجَةَ الْأُمَّةِ لِكُلِّ أَبْنَائِهَا بِاخْتِلَافِ مَشَارِبِهِمْ وَ قَنَاعَتِهِمْ الْفِكْرِيَّةِ ضَروُرَةٌ مُلِحَّةٌ ، لِأَنَّ مَشْرُوعَ الْأُمَّةِ لَا يَبْنِيهِ فَصِيلٌ بِمُفْرَدِهِ ، أَوْ جَمَاعَةٌ بِمُفْرَدِهَا ، إِنَّمَا نَبْنِي الْمُسْتَقْبَلَ الْمَنْشُودَ بِجُهُودِ كُلِّ الْمُخْلِصِينَ
تَلْتَقِي كُلُّ الْإِيرَادَاتِ الْخَيِّرَةِ عَلَى الْبِنَاءِ لَا الْهَدْمِ ، تَلْتَقِي عَلَى الْخَيْرِ ، تُحَفِّزُ كُلَّ الْجُهُودِ الدَّاعِمَةِ لِكُلِّ مَنْ يُرِيدُ السِّبَاقَ فِي الْخَيْرِ
يَقُولُ اَللَّهُ تَعَالَى :[] لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلْ الْعَامِلُونَ ( 61 ) [][سورة الصافات]
مقطع مضحك من مسلسل أردني يُثير التفاعل .. فيديو
فضيحة طبية تهز جرش .. فيديو وصور
ضبط سائق شاحنة تسبب بتلف 15 كم من الطريق الصحراوي
مدعوون للامتحان التنافسي في مؤسسات حكومية .. أسماء
وظائف ومدعوون لإجراء المقابلات .. أسماء وتفاصيل
حرارة تلامس 50 مئوية بسبب قبة حرارية لاهبة .. تفاصيل
توجه حكومي لخفض جمارك السيارات المستوردة
انخفاض جديد على أسعار الذهب محلياً السبت
محاميان: منع الطلبة من الامتحانات تجاوز أكاديمي خطير
استئناف النقل البري بين أوروبا والأردن بعد انقطاع دام 14 عامًا
بلدية إربد تدعو لتسديد المسقفات قبل نهاية الشهر الحالي
مهم للأردنيين الراغبين بالسفر براً عبر السعودية
الحكومة ترفع أسعار المحروقات بنوعيه البنزين والديزل .. تفاصيل
تعيين أول سيدة برتبة متصرف في الداخلية .. من هي
أستاذ مخضرم ينتقد امتحان الرياضيات: لم يراعِ الفروق الفردية .. فيديو