هل تنجح الديمقراطية في بلادنا العربية
لا أحد يمكن أن ينكر أن معظم الدول التي تقدمت وتطورت وتحررت على كل الأصعدة اعتمدت النظام الديمقراطي، ولو نظرنا اليوم إلى كل الدول الغربية التي تتسيّد العالم سنجد أنها كلها ديمقراطية. ولا ننسى أيضاً أن عدد الدول التي تعتمد الديمقراطية نظاماً للحكم في ازدياد مضطرد. لكن البعض قد يقول لنا إن الصين تعتمد على نظام شيوعي، مع ذلك فهي في طريقها إلى حكم العالم. وهذا الكلام ليس دقيقاً تماماً، فقد تفوقت الصين اقتصادياً وصناعياً لأنها اقتبست النظام الرأسمالي الغربي الذي يشكل الأساس المتين للنظام الديمقراطي عموماً. ولو ذهبت إلى الصين لوجدت أن كل شيء في الصين ذو طابع غربي باستثناء اللغة الصينية التي نجدها مكتوبة على العمارات والمباني ذات الشكل الغربي شكلاً ومضموناً. إذاً تعالوا نتفق أن النظام الديمقراطي على علاته أثبت أنه الأفضل حتى الآن. لذلك من حق الجميع في العالم العربي أن يطالب بتبني ذلك النظام أساساً للحكم في بلادنا. لكن سأعود إلى إشكالية قديمة جديدة تطرقنا إليها مرات ومرات على مدى السنين تواجه العالم العربي منذ نشأة الأنظمة السياسية فيه، ألا وهي التربية الديمقراطية. لقد عملت كل الأنظمة العربية تقريباً على تكريس كل ما يتعارض ويناهض نمو الديمقراطية في بلادنا وذلك بتثبيت دعائم التخلف والرجعية، لأنه من الأسهل لتلك الأنظمة أن تحكم وتتحكم بشعوب جاهلة ومتخلفة ومنقسمة على نفسها طائفياً ومذهبياً واجتماعياً وقومياً كي تعيش على تناقضاتها الدينية والطائفية والعشائرية والقبلية والعائلية والاجتماعية، فكلما تحررت الشعوب من نزعاتها وانتماءاتها الضيقة وواكبت التطور السياسي في العالم أصبحت أكثر نضجاً وتحرراً، وصار من الصعب على الطغم الحاكمة في العالم العربي التحكم بها، لهذا مازال معظم الحكام العرب يشجعون النزعات الطائفية والقبلية والعشائرية والدينية والمذهبية في بلادهم لأنها أكبر داعم للأنظمة. في سوريا مثلاً، رفع النظام الأسدي الساقط شعار التقدمية، لكنه كان من وراء الستار يغذي الطائفية والمناطقية والعشائرية والقبلية بحيث يبقى الشعب منقسماً على ذاته ليسهل التلاعب به واستخدامه ضد بعضه البعض عندما يشعر النظام بالخطر على نفسه من الشعب. وقد استخدم بشار الأسد وعصابته الطوائف والمذاهب والأعراق ضد بعضها البعض بأبشع الطرق وأقذرها على مدى سنوات الثورة السورية، فحرض هذا على ذلك، وكان على الدوام يلجأ إلى دسائس وأساليب غاية في القذارة لتأليب السوريين ضد بعضهم البعض لتثبيت نظام حكمه.
وأتذكر في بداية الثورة السورية أن وفيق ناصر رئيس الأمن العسكري في المنطقة الجنوبية كان يحرض على الدوام أهل السويداء من الموحدين الدروز ضد جيرانهم السنة في درعا، وكانت عصابة الأمن العسكري تخطف أناساً من درعا وتتهم أهل السويداء بالخطف وذلك كي تؤلب أهل درعا ضد أهل السويداء خوفاً من أن يتحد أهل السهل والجبل ويكونوا صفاً واحداً ضد النظام. وكان وفيق ناصر مثلاً يجمع بعضاً من شباب السويداء ويقول لهم: «تعالوا قاتلوا معنا ضد أهل حوران، فهم يستعدون الآن لذبحكم» مع أن الطرفين يعيشان في وئام وانسجام منذ مئات السنين. صحيح أن عمليات التحريض ودق الأسافين بين السوريين لم تنجح في كل مكان، لكنها كانت سلاحاً ناجعاً في أيدي النظام على مدار سنوات الثورة. وقد حدثني أحد الصحافيين أنه سأل ذات يوم ضابط أمن كبيراً في سوريا: «لماذا ترفعون يا سيادة العميد شعارات تقدمية، بينما أنتم تتحالفون مع الزعماء والوجهاء المحليين في البلد» فقال له الضابط: «أنتم تسيرون وراء هؤلاء الوجهاء بشكل أعمى، فلماذا نعترض سبيلكم؟» لاحظوا الجواب، وكأنه يتبرأ من الأمر، بينما في الحقيقة أن النظام البائد كان يتشدق بشعارات التقدم والتطور، بينما كان يعتمد على كل أشكال التخلف كي يحمي نفسه. إذاً فإن المسؤول عن عرقلة الديمقراطية في بلادنا هي الأنظمة ذاتها التي بدل أن تشجع على التحرر الاجتماعي والسياسي للقضاء على أنماط الانتماء البدائية، كانت تكرسها. وهذا ما يواجهنا اليوم في أكثر من مكان.
لا شك كما قلنا آنفاً: نحن نشد على أيدي كل من يطالب بأنظمة ودساتير ديمقراطية في بلادنا، لكن العبرة ليست في اعتماد الديمقراطية كنظام حكم في بلاد خارجة من تحت نير التخلف والاستبداد، بل في أن الشعوب ليست مستعدة بعد لممارسة الديمقراطية، فالديمقراطية ليست فقط مجرد صناديق اقتراع، بل نظام تفكير ديمقراطي شامل لا يتوفر حتى الآن لدى الغالبية العظمى من الشعوب.
من السهل جداً أن ترفع شعار الديمقراطية في أي بلد بالعالم، لكن العبرة ليست في تبني النظام الديمقراطي، بل في الشعوب نفسها، فما فائدة الديمقراطية إذا كانت بعض الشعوب تفكر وتتصرف على أسس قومية وطائفية ومناطقية ومذهبية ودينية، وقبائلية، وعشائرية، وعائلية؟
ولو ذهبت تلك الشعوب إلى صناديق الاقتراع لن تنتخب الأفضل، بل ستنتخب (أولاد جماعتها) على علاتهم. إذاً قبل أن يكون لديك ديمقراطية يجب أن يكون لديك شعوب ديمقراطية. لكن هذا لا يعني أبداً أننا نستسلم ونقول إن الديمقراطية ليست مناسبة لنا. لا أبداً، بل إن كل الشعوب التي سبقتنا على طريق التطور السياسي كانت تعاني من الأمراض نفسها، فجربت وفشلت حتى نجحت في نهاية المطاف، إلا أن هذا يحتاج بالدرجة الأولى إلى أنظمة تريد فعلاً أن ترتقي بشعوبها وتنتشلها من ربقة التخلف والجهل إلى عالم الديمقراطية والتقدم، فهل يوجد لدينا مثل تلك الأنظمة يا ترى؟ أليس حرياً بالشعوب أن تساعد نفسها بنفسها بدل الاعتماد على أنظمة لا تهمها سوى مصالحها الضيقة، حتى لو بقيت الشعوب قابعة تحت التحت حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً؟
كاتب واعلامي سوري
الدوريات الخارجية توقف مركبتين مسرعتين على طرق رئيسية
نقل مطلق النار في بونداي من المستشفى إلى السجن
مجلس النواب يناقش معدّل قانون المعاملات الإلكترونية
وزارة العدل الأميركية تستعيد صورة لترامب من ملفات إبستين
الذهب والفضة يسجلان مستويات مرتفعة قياسية
النفط يرتفع بعد الاعتراض الأميركي لناقلة نفط
طقس بارد نسبياً يستمر حتى الخميس في معظم المناطق
إسعاد يونس نائبا لرئيس غرفة صناعة السينما
جوخة الحارثي تُذكِّر اللّيلَ بودائعِه
شباب السودان يُحْيي ذكرى الثورة في زمن الموت
دبي 2026: أفضل أماكن وحفلات رأس السنة بين الفخامة والمغامرة
موسى التعمري يتألق في كأس فرنسا ويقود رين لانتصار بثلاثية
خفض ضريبة السجائر الإلكترونية يضاعف أعداد المدخنين .. تفاصيل
وظائف شاغرة في الضمان الاجتماعي والبحرية الأردنية .. تفاصيل
ماسك ينشر قائمة الدول الأكثر توقيفا لمعلقين على الإنترنت
عندما تصبح الشهادة المزورة بوابة للجامعة
طريقة لزيادة عمر بطاريات الهواتف الذكية
أبرز مواصفات الهاتف المنتظر من Realme
تجارة عمان تدعو لإنشاء مجلس أعمال أردني -أذري
الأردن يوقع اتفاقيتي توسعة السمرا وتعزيز مياه وادي الأردن
الصناعة توافق على استحواذين في قطاعي الطاقة والإسمنت
المملكة على موعد مع منخفض جوي جديد .. أمطار وزخات ثلجية وصقيع واسع ليلاً
وظائف شاغرة بدائرة العطاءات الحكومية
الأردن يشارك في البازار الدبلوماسي السنوي للأمم المتحدة
جماهير الأرجنتين تنحني للنشامى بعد نهائي كأس العرب
