تحديات اقتصادية جديدة تهدد النمو العالمي المتوقع

mainThumb
شعار صندوق النقد الدولي

17-04-2025 07:10 PM

السوسنة- حذّرت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا، من أن الاقتصاد العالمي يمر بمرحلة حرجة تُختبر فيها قدرته على الصمود، نتيجة تصاعد التوترات التجارية والتغيرات الكبرى في النظام التجاري العالمي.

جاء ذلك في كلمة ألقتها قبل انطلاق اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، حيث أوضحت أن هذه التوترات، إلى جانب التحولات العميقة في حركة التجارة العالمية، ستدفع بالصندوق إلى خفض توقعاته للنمو الاقتصادي.

وأشارت غورغييفا إلى أن هذه التحديات لن تؤدي إلى ركود عالمي، لكنها ستؤثر سلبًا على الأداء الاقتصادي، قائلة: "الاضطرابات تأتي بتكاليف... توقعاتنا الجديدة ستتضمن خفضًا ملحوظًا للنمو، لكنها لا تشير إلى ركود". كما توقعت أن يشمل التحديث المقبل للتقديرات احتمال ارتفاع مستويات التضخم في عدد من الدول.

وأضافت غورغييفا أن العالم يشهد "تحولات مفاجئة وجارفة" تهدد الاستقرار الاقتصادي العالمي، مشددة على أن بناء اقتصاد عالمي أكثر توازنًا وصمودًا لا يزال في المتناول، لكن "يتطلب تحركًا حكيمًا وسريعًا".

وأشارت إلى أن العولمة الاقتصادية رفعت مستويات المعيشة للكثيرين، لكنها تركت وراءها مجتمعات تضررت من انتقال الوظائف إلى الخارج ومن ضعف الأجور وارتفاع الأسعار، مما عزز الشعور بانعدام العدالة الاقتصادية.

كما شددت مديرة الصندوق على أن اعتبارات الأمن القومي باتت تلعب دورًا متزايدًا في السياسات التجارية، حيث تعود مفاهيم "الاكتفاء الذاتي" إلى الواجهة، وتتصاعد الدعوات لإنتاج السلع الاستراتيجية محليًا، من الرقائق الإلكترونية إلى الصلب.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب تسبب في هزة كبيرة في نظام التجارة العالمية عبر سياسة تجارية جديدة شملت رسوما جمركية بنسبة 10% على جميع الدول، إضافة إلى رسوم أعلى على بعضها، وذلك قبل تعليقها لمدة 90 يوما لإتاحة الفرصة للتفاوض. وأعلنت الصين والاتحاد الأوروبي ودول أخرى عن إجراءات مضادة.

وتوقع صندوق النقد في كانون الثاني نمو الاقتصاد العالمي 3.3% في 2025 و3.3% في 2026. وسيصدر الصندوق تقديراته المحدثة يوم الثلاثاء.

تداعيات ملموسة وخطيرة

وتحدثت غورغييفا عن تداعيات هذه التطورات، مؤكدة أن فرض الرسوم الجمركية المتبادل بين القوى الكبرى أعاد مستويات التعرفة الفعلية في بعض البلدان إلى ما كانت عليه منذ عقود.

كما لفتت إلى أن الدول الصغيرة والنامية تقع في مرمى الصراع التجاري بين القوى الكبرى، ما يعرضها لمخاطر مالية واقتصادية متزايدة.

وطرحت غورغييفا 3 ملاحظات رئيسية حول التأثيرات الاقتصادية للتوترات التجارية، وهي حالة عدم اليقين، التي تعيق اتخاذ قرارات الاستثمار وتؤدي إلى تقلبات في الأسواق المالية وزيادة الادخار الاحترازي.

وثانيا؛ الأثر المباشر على النمو، حيث تؤدي الرسوم إلى تقليص النشاط الاقتصادي ورفع الأسعار، وفق مديرة الصندوق التي أضافت أيضا، تآكل الإنتاجية على المدى الطويل، خصوصًا في الاقتصادات الأصغر التي تعتمد على المنافسة والانفتاح لتحفيز الابتكار.

وأكدت أن "التجارة تشبه المياه"، فهي لا تتوقف بل تعيد توجيه تدفقها، مما قد يؤدي إلى إغراق بعض الأسواق أو نقص في أخرى، وهو ما يسبب تكاليف اقتصادية فعلية.

وأشارت غورغييفا إلى أن التوقعات الاقتصادية الجديدة، التي ستصدر ضمن تقرير "آفاق الاقتصاد العالمي" الأسبوع المقبل، ستتضمن خفضًا ملحوظًا في تقديرات النمو لبعض الدول، دون التوقع بحدوث ركود عالمي، إلى جانب زيادات في معدلات التضخم المتوقعة.

دعوة إلى إصلاحات محلية وتوازنات عالمية

وفي محور رئيسي من كلمتها، دعت غورغييفا الدول إلى "إصلاح بيوتها من الداخل"، مشددة على ضرورة تعزيز الاستقرار الاقتصادي والمالي، وتقليص المديونية العامة التي ارتفعت بشكل كبير في السنوات الأخيرة. كما طالبت بسياسات مالية حازمة ومرنة، وسياسات نقدية مستقلة تحافظ على استقرار الأسعار.

وحثت الاقتصادات الناشئة على الحفاظ على مرونة أسعار الصرف، واتباع إطار السياسة المتكاملة الذي يعتمده الصندوق، بينما شددت على ضرورة دعم البلدان منخفضة الدخل من خلال مساعدات دولية وجهود إصلاح محلية.

وفي ما يخص مسألة الديون السيادية، كشفت غورغييفا أن "المنتدى العالمي للديون السيادية" سيصدر قريبًا دليلاً لصناع القرار حول كيفية التعامل مع عمليات إعادة هيكلة الديون.

ودعت غورغييفا الدول إلى العمل على تقليص الاختلالات الداخلية والخارجية، مشيرة إلى أن هذه الاختلالات تسهم في زيادة هشاشة النظام المالي وتغذية التوترات التجارية. كما خصّت الصين والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بجملة من التوصيات لتعزيز الطلب المحلي، وتحقيق توازن أفضل في الحسابات الجارية، وضمان استدامة المالية العامة.

التعاون في عالم متعدد الأقطاب

وفي ختام خطابها، شددت غورغييفا على أن "الهدف في السياسات التجارية يجب أن يكون التوصل إلى تسوية بين القوى الكبرى تحفظ الانفتاح التجاري وتؤسس لبيئة عادلة". ودعت إلى تخفيض الحواجز الجمركية وغير الجمركية، وتوفير الحماية والدعم للفئات المتضررة من التحولات الاقتصادية، مشيرة إلى أن "السياسات التوزيعية تشكل جسرًا بين الاقتصاد الجيد والسياسة الجيدة".

واختتمت غورغييفا بالتأكيد على أن "التغيير الجذري يحمل في طياته فرصًا كبيرة"، داعية إلى توجيه الطاقات نحو "بناء اقتصاد عالمي جديد، أكثر توازنًا وأكثر صمودًا".

المملكة



اقرأ المزيد عن:






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد