جريمة القتل العمد

mainThumb

02-07-2025 01:25 AM

جريمة القتل العمد في القانون الأردني - قراءة نقدية في العقوبة والردع
نصت المادة رقم 326 من قانون العقوبات ألأردني: أن من قتل إنسانا قصداً، عوقب بالأشغال الشاقة عشرين سنة، وهذه هي العقوبة ألأصلية لجريمة القتل ألعمد.
وتعليقي على هذه العقوبة سأقسمه الى عدة اقسام:
أولا: من أين استمد قانون العقوبات الأردني هذا الحكم المتعلق بجريمة ماسة بالحياة؟
وفقاً لما هو موجود بموسوعة Law of Jordan، يستند القانون الجنائي الأردني إلى القانون العثماني لعام 1858 والذي يستند بدوره إلى قانون العقوبات الفرنسي لعام 1810.
في عام 1960 أصدر الأردن قانون العقوبات رقم 16. وقد تأثر هذا القانون بشدة بقانون العقوبات اللبناني لعام 1943، الذي استعار أحكاماً من قانون العقوبات الفرنسي.
ثانياً: هل تُعد هذه العقوبة كافية لردع الجاني خاصةً والأشخاص عامةً؟
أهم أهداف العقوبة هي:
الردع العام: يقصد به تخويف عامة الناس من ارتكاب جرائم.
الردع الخاص: يهدف إلى منع الجاني نفسه من العودة لارتكاب الجريمة مستقبلاً.
تعليقي على موضوع الردع الخاص في جريمة القتل العمد:
جريمة مثل جريمة القتل العمد، يجب ألا ينظر لها مثل أي جريمة أخرى.
فالردع الخاص للجاني بجريمة القتل، يجب أن يكون باستئصال الجاني من المجتمع.
فلو نظرنا في عقوبة جريمة القتل العمد وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية سنرى بأن العقوبة هي القصاص، والقصاص هو عقوبة مقدرة شرعاً تقضي بمعاقبة الجاني بمثل ما فعل، أي يحكم على من قام بجريمة القتل العمد (بالقتل)، الآية الدالة على مشروعية القصاص هي الآية 178 من سورة البقرة: "يَا أَيُّهَا: الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي القتلى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [البقرة: 178]
يُعفى الجاني من القصاص إذا عفا جميعُ أولياء الدم، أو قَبِلوا الدية، بشرط أن يكون العفو صريحاً، صادراً من ذي صفة، دون إكراه أو غبن.
فهذه العقوبة تعد أكثر عدالة وهي العقوبة ألأمثل لجريمة القتل. إن الردع العام في هذه العقوبة أشد أثراً نظراً لما تحمله من صرامة ووضوح، ما يجعلها أكثر فاعلية في تخويف الناس وزجرهم عن ارتكاب مثل هذه الجرائم.
لقد ذكرت في هذا النص عقوبة جريمة القتل العمد وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية، لأنه حسب ما جاء في المادة 2 من دستور المملكة ألأردنية الهاشمية (الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية)
ونظراً الى انه تم ذكر أن دين الدولة هو الدين الإسلامي، فيمكن تعديل العقوبة ألأصلية لجريمة القتل العمد الى القصاص مثل ما جاء في الشريعة الإسلامية.
الآثار الاجتماعية لجريمة القتل العمد
تُعد جريمة القتل العمد من أبشع الجرائم التي تُقوّض أساس المجتمع، إذ لا تنحصر آثارها على الجاني والمجني عليه فقط، بل تمتد لتطال النسيج الاجتماعي بأكمله. أولى هذه الآثار تتجلى في تفشي مشاعر الخوف وانعدام الأمان، فحين لا يُعاقب الجاني بعقوبة حاسمة، يتنامى الشعور بأن العدالة غير فعّالة، ما يؤدي إلى فقدان الثقة بالمؤسسات القضائية والقانونية.
من جهة أخرى، فإن غياب الردع الكافي قد يدفع ذوي المجني عليه إلى البحث عن العدالة بأيديهم، وهو ما يُعرف بمفهوم الثأر، الذي قد يُشعل سلسلة من الجرائم الانتقامية المتبادلة، خاصة في المجتمعات العشائرية أو القروية. وهذه السلسلة لا تهدد حياة الأفراد فحسب، بل تؤدي أيضاً إلى زعزعة استقرار المجتمع، وانتشار العنف غير المنضبط قانوناً.
إن عدم تحقيق العدالة بشكلٍ كافٍ قد يُؤدي إلى إشاعة ثقافة التطبيع مع العنف، بحيث يُصبح القتل وسيلة "مقبولة" لحل النزاعات في نظر البعض، مما يزيد من مستوى الجريمة في الدولة. لذا، فإن إقرار عقوبات حاسمة كعقوبة القصاص ليس فقط تحقيقاً للعدالة، بل وسيلة فعالة لحماية المجتمع من التفكك والعنف والفوضى.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد