السابع من أكتوبر في الميزان

mainThumb

02-07-2025 01:17 AM

يحاول كثيرون، للأسف الشديد، تحميل حركة المقاومة الإسلامية "حماس" مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في غزة بعد ملحمة السابع من أكتوبر، وكأن حركة حماس جاءت من المريخ، وليست من قلب الشعب العربي الفلسطيني، وغزة هي مركز ثقل الحركة السياسي، بحكم أنها فلسطين مصغرة، يقطنها أبناء كل مكونات الشعب الفلسطيني بعد النكبة.
أصحاب هذه النظرية أصابهم تلوث فكري، ناسين أو متناسين أن غزة، وبحكم أنها أكبر تجمع فلسطيني رغم صغر مساحتها، إلا أنها تمثل في ضمير الشعب الفلسطيني "فلسطين المصغرة".
فقاطنوها هم مهجّرو المدن والقرى الفلسطينية كافة، وما يُسمى بـ"غلاف غزة" احتله العدو خلال فترة الهدنة الموقّعة عام 1948م، أي إنه جزء من مساحة غزة التي تقلصت بعد النكبة. والعدوان المتواصل على غزة منذ النكبة له عنوان واحد: تصفية القضية العربية الفلسطينية، فهو لم يتوقف منذ إعلان الهدنة.
وكانت غزة تمثل كابوسًا لكل قادة العدو الصهيوني، فهذا إسحاق رابين يتمنى لو يصحو في الصباح ليجد غزة قد ابتلعها البحر، وهذا شمعون بيريز يصفها بأكبر بؤرة توتر، وحتى شارون أُجبر على الانسحاب من طرف واحد بعد أن رأى أن احتواء مليونين ونصف المليون فلسطيني في بقعة صغيرة أمر مكلف عسكريًا وسياسيًا، فأعلن انسحابه من جانب واحد، تاركًا القطاع لأهله.
وبالتالي، فإن تحميل الضحية جرائم الجلاد هو الظلم بعينه، وعندما يأتي هذا الظلم من ذوي القربى، يكون أشد ألمًا وحزنًا.
لقد كان السابع من أكتوبر في الحقيقة مرآة كاشفة لكل العورات، ومؤشرًا على الضعف والخذلان في أمة أصبحت، للأسف، في ذيل الأمم والشعوب.
السابع من أكتوبر كان ملحمة حقيقية، لكنها وقعت في الزمن الخطأ. من قاموا وأشرفوا على تلك الملحمة كانوا يعتقدون أن هذه الأمة ستنتفض بعد تلك الضربة الموجعة للعدو، التي أفقدته اتزانه في بضع ساعات، وأثبتت لكل الأنظمة المتخاذلة أن هذا الكيان الذي يخشونه "نمر من ورق"، وأن قوة صغيرة منظمة استطاعت أن تهزمه في بضع ساعات.
لكن أمة الضاد، للأسف، كانت في وادٍ آخر. صُنّاع تلك الملحمة في السابع من أكتوبر تناسوا أن هناك أنظمة عربية وُجدت لحماية هذا الكيان، وبالتالي فإن وجودها مرتبط ببقائه. كما أن البيت الفلسطيني، بعد جريمة أوسلو، أصبح في أسوأ حالاته.
ومع ذلك، فإن الظلم والتجني والهروب من الحقيقة، المتمثل في تحميل السابع من أكتوبر مسؤولية ما حدث ويحدث في غزة، أمر مرفوض. فالعدوان الصهيوني على غزة لم يتوقف منذ النكبة العربية الكبرى وإنشاء هذا الكيان.
والأغرب من ذلك هو تحميل الضحية جريمة الجلاد! أليس الاحتلال هو المسؤول الأول؟ وكل قوانين الأرض والسماء تعطي الحق للمقاومة ما دام الاحتلال قائمًا.
ما أود قوله هو أن السابع من أكتوبر هو المسمار الأقوى في نعش العدو الصهيوني، وزوال هذا الكيان السرطاني، الذي يحمل في داخله من التناقضات ما سيقضي عليه. والسابع من أكتوبر أثبت ذلك... والغد لناظره قريب.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد