الجولة الملكية في شرق آسيا تصنع أُفقاً اقتصاديه فريدة

mainThumb

16-11-2025 09:53 PM

لم تكن جولة جلالة الملك عبدالله الثاني في شرق آسيا مجرد زيارة بروتوكولية تتنقل بين عواصم مُترعة بالأضواء والتكنولوجيا، بل بدت أقرب إلى رحلة سياسية ـ اقتصادية تستعيد من خلالها الدولة الأردنية موقعها الطبيعي كجسرٍ يربط الشرق بالشرق قبل أن يربط الشرق بالغرب،و في عالم يتغير أسرع من خرائطه إختار جلالة الملك أن يتقدم بخطوات محسوبة نحو دولٍ تمتلك اليوم مفاتيح مستقبل الاقتصاد العالمي من اليابان إلى سنغافورة ومروراً بفيتنام وإندونيسيا ووصولاً إلى باكستان، حاملاً معه خطاباً أردنياً رصيناً يوازن بين الثوابت السياسية والطموحات الاستثمارية.

أهمية هذه الجولة لا تنبع فقط من حجم الاقتصاديات التي زارها الملك، بل من طبيعة الرسالة التي حملها: أن الأردن ليس دولة متفرجة على حركة الأسواق، بل شريك قادر على تقديم قيمة مضافة، سواء عبر الاستقرار السياسي الذي نادر ما يتوفر في الإقليم، أو عبر موقع يربط أهم الممرات التجارية، أو من خلال رأس مالٍ بشري مرن استطاع أن يفرض حضوره في مجالات الخدمات والطاقة المتجددة والصناعات التقنية.

في اليابان كان التركيز على التكنولوجيا ونقل المعرفة، وهو ما يحتاجه الأردن لتطوير اقتصاده الإنتاجي. أما في سنغافورة فقد بدت الفرص واضحة في قطاعي الخدمات المالية واللوجستية، فيما فتحت فيتنام وإندونيسيا الباب أمام شراكات زراعية وصناعية يمكن أن تعزز الأمن الغذائي الأردني وتدعم صادراته ،وفي باكستان أيصاً حيث الروابط التاريخية والدينية حملت اللقاءات بعداً استراتيجياً يمس الأمن الإقليمي والتعاون العسكري إلى جانب الاقتصاد.

هذه الجولة تحمل رسائل قوية للمستثمرين: الأردن لا ينتظر الظروف بل يصنعها، ولا يقف عند حدود التحديات بل يتجاوزها بفتح نوافذ جديدة على العالم. والأهم أن الملك قدّم نموذجاً للقيادة التي تقرأ التحولات الدولية بعين واقعية تدرك أن المستقبل صار يُكتب في آسيا وأن من يتأخر عن اللحاق بهذا القطار سيجد نفسه على هامش الحركة الاقتصادية الكبرى.

لقد رسّخ الأردن عبر هذه الزيارة حضوراً دبلوماسياً متقدماً يعكس وزناً دولياً يتجاوز حجمه الجغرافي والاقتصادي. ومع نهاية الجولة يشعر الأردني بأن بلاده ما تزال تمتلك القدرة على التقدم ، وأن القيادة تمسك ببوصلة دقيقة لا تنحرف وسط العواصف، إنها جولة تُضاف إلى سجل الفخر الوطني وتثبت أن الأردن رغم التحديات حاضر في الخارطة العالمية بثقة واعتزاز.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد