الإدارة من الأذن على أنغام زقزقة العصافير

mainThumb

16-11-2025 11:17 PM

ظاهرة العصفورة التي تنقل الأخبار ظاهرة قديمة حديثة، وهذه الآفة منتشرة في جميع المؤسسات العامة والخاصة، وتقوم بدور الحمام الزاجل في نقل الأخبار ونشر الشائعات في أروقة المؤسسات، ودائماً ما تجد هناك متطوعين لنقل أخبار زملاءه في العمل وكل ما يدور في المؤسسة إلى المدير. وهذا التطوع ليس مجاناً ولا خوفاً على المؤسسة ولا حباً في المدير، ولكنه في الحقيقة يصب في مصلحة تلك العصافير التي تسعى للتقرب من المدير والحصول على بعض الإمتيازات،ترقيات، سفريات، مكافأت، والحوافز . وهذه الظاهرة تتواجد حتى في منازلنا فتجد أحد الأبناء دائماً ما يتبرع بنقل جميع أخبار العائلة إلى رب الأسرة عند عودته من العمل.
وفي الحقيقة لا تكاد تخلو مؤسسة أو منظمة من أفة العصافير المتطوعة أو المكلفة من قبل المدير للتجسس على الموظفين لنقل أخبار المؤسسة والعاملين بها وما يدور في أروقة المكان. ولا تنجح خطة هذه العصافير إلا بعد أن تتأكد بأن المدير ضعيف الشخصية وليس لديه ثقة بنفسه ويرغب في معرفة ما يقال عنه داخل المؤسسة وكل ما يدور في أروقة مكان العمل.
فزقزقة العصافير تطرب آذان المدير غير الواثق بنفسه ويجيد السمع بقوة ويعطيها أهمية أكبر من حواس البصر والبصيرة والإحساس والتحليل، فهو يسيئ الظن بالجميع، ويعتقد هذا النوع من المديرين بأن الناس أو الموظفين يتربصون به ويحاربونه ويعادونه ويتصيدون أخطائه. وهذه الظاهرة تلعب دوراً مهمًا في حياة المنظمات وأسلوب قيادة المدير.
كثيراً ما يوصف المدير الذي يتبنى هذا الأسلوب الإداري بأنه مدير ودني أي يطرق سمعه للوشاة والمتملقين ليصبوا فيها من سمومهم لأنهم وجدوا منه أذاناً صاغية، فيصبح فريسة لهم ولم يقولونه وبما يحب أن يسمع، حيث يعشق المدير الودني الإطراء والمديح. ويتصف بأنه خائف، متقلب المزاج، سريع التأثر برأي الناس بما يقال له وعنه، غير واثق بنفسه، وسريع التأثر. لذا تراه يسمع كثيراً لكلام الناس. ومن سيئة هذا الأسلوب هو اتخاذ القرار بناء على المعلومات غير الدقيقة التي تنقلها العصافير والتي عادة ما تكون لمصلحة العصافير وضد الأخرين.
وهذا الأسلوب الإداري يؤطر ويؤسس لبيئة عمل مسممة فاسدة، والمدير الذي يفتح آذانه للعصافير فإنه بالضرورة سيتلقى معلومات خاطئة تعتمد على ظاهرة الوشاية ونقل الأخبار والنميمة والقيل والقال، والنفاق والتملق وكلام الحواري والمقاهي في المؤسسة أكثر منه على الجدارة والكفاءة، وتقتل روح الإبداع وتحبط الناجحين الذين يعملون بصمت وبجهد ولا يلقون بالاً إلى نفاق المدير مما يتيح الفرصة للعصافير للكذب والتهويل والتقليل من نجاح الأخرين. وبالتالي فإن بعض هذه الفئة من المديرين يظلمون موظفيهم بناء على وشاية العصافير ويقتل المنافسة وينخفض الأنتاج والاهتمام بالاجراءات والقيل والقال أكثر من اهتمامهم بالاداء.
فالمدير الجيد القوي الناجح لا يسمح بتضييع الوقت والاستماع إلى كلام الوشاة والعصافير الذي لا يسمن ولا يغني من جوع. ولا يعني ذلك فشل أو نجاح لهؤلاء المديرين، فقد يكون جميعهم أو بعضهم ناجحون أو فاشلون ولكن نمط إدارتهم إيجابي او سلبي.
وفي الختام.
تقول الحكمة لم تخلق الأذن التي لا تطرب للمديح، لكن يحب ألا تصبح نمط الإدارة من الأذن بالاستماع إلى الوشاية والتملق والنفاق، فيفشل المدير ويضعف الإنتاج وتتهاوى المؤسسة.

 

مدرب ومستشار تنمية إدارية وتطوير إداري



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد