التجارب الدولية في الاقتصاد الإسلامي
بعد أن طرحنا الرؤية النظرية للاقتصاد الإسلامي واستعرضنا معوقات تطبيقه في الأردن في عدة مقالات سابقة ، يبرز سؤال جوهري: هل نجح هذا النموذج في أماكن أخرى؟ !
الإجابة الواضحة تأتينا من دول استطاعت أن تحقق معادلة صعبة: الجمع بين الأصالة والحداثة، بين الثبات على المبادئ والمرونة في التطبيق, تشير الأرقام إلى أن حجم الصناعة المالية الإسلامية العالمية تجاوز 4 تريليونات دولار في 2024، بنمو سنوي يتراوح بين 10-15%، مما يؤكد أننا لسنا أمام نموذج نظري فحسب، بل أمام واقع اقتصادي ضخم تتبناه أكثر من 80 دولة.
عندما استقلت ماليزيا عام 1957، كان ناتجها المحلي لا يتجاوز 1.9 مليار دولار، وكانت تعاني من الفقر والتبعية الاقتصادية , اليوم، أصبحت مركزاً عالمياً للتمويل الإسلامي، حيث تبلغ أصول الصيرفة الإسلامية فيها أكثر من 250 مليار دولار.
الدرس الماليزي يكمن في الرؤية الاستراتيجية والتحول التدريجي. بدأت عام 1969 بإنشاء "الحجاج" لإدارة أموال الحج، ثم أنشأت أول بنك إسلامي عام 1983، وتوالت الخطوات حتى أصبحت العاصمة كوالالمبور تحتضن أكثر من 30 بنكاً ومؤسسة مالية إسلامية.
الأهم من ذلك، أن ماليزيا لم تقدم الاقتصاد الإسلامي كبديل ديني فحسب، بل كمنتج اقتصادي تنافسي, فقد طورت نظاماً متكاملاً يشمل هيئة الرقابة الشرعية المستقلة وبورصة متخصصة في الصكوك الإسلامية ومراكز بحثية دولية متخصصة وتشريعات مالية متطورة.
دبي تمثّل اليوم أحد أهم المراكز المالية الإسلامية العالمية، حيث تستحوذ على 28% من إجمالي أصول الصيرفة الإسلامية العالمية.
النموذج الإماراتي يعلمنا كيف يمكن التكامل مع النظام المالي العالمي دون تنازل عن المبادئ , استطاعت الإمارات أن تجذب استثمارات إسلامية من مختلف أنحاء العالم من خلال منطقة دبي المالية الحرة التي أصبحت مركزاً للصكوك الإسلامية وتطوير منتجات مالية إسلامية مبتكرة وبناء تحالفات استراتيجية مع المراكز المالية التقليدية وتوطين الخبرات العالمية في الاقتصاد الإسلامي.
تركيا رغم أنها لا زالت دولة علمانية، إلا أنها أصبحت تحتل المرتبة الثالثة عالمياً في الصيرفة الإسلامية بأصول تتجاوز 100 مليار دولار, التجربة التركية تثبت أن الاقتصاد الإسلامي يمكن أن يتعايش ويتكامل مع النظام الرأسمالي.
بدأت تركيا بشكل جاد عام 1985 بإنشاء بيت التمويل التركي الكويتي، ثم توسعت لتملك اليوم أكثر من 6 بنوك إسلامية, النجاح التركي يعود إلى مرونة التشريعات المالية ودعم الدولة مع الحفاظ على استقلالية القطاع وتطوير منتجات تتناسب مع السوق المحلي والعالمي والاستفادة من الموقع الجغرافي والثقافي.
رغم التحديات السياسية والاقتصادية، استطاعت إندونيسيا أن تصبح لاعباً رئيسياً في الاقتصاد الإسلامي، حيث تمثل الصكوك الإسلامية فيها 18% من إجمالي السندات الحكومية.
التجربة الإندونيسية تعلمنا أهمية الإرادة السياسية والتدرج, بدأت عام 1992 بإنشاء أول بنك إسلامي، ثم أنشأت مجلس الخدمات المالية الإسلامية عام 2001، وأصدرت أول صكوك إسلامية حكومية عام 2008.
من خلال هذه التجارب، يمكن استخلاص دروس مهمة: التحول التدريجي وليس الثورة، فكل الدول التي نجحت بدأت بخطوات صغيرة ثم توسعت، لم تحاول تغيير النظام بين ليلة وضحاها.
الجمع بين الأصالة والحداثة، فالناجحون استطاعوا تطوير أدوات عصرية تحافظ على المبادئ الأساسية .
بناء الكوادر قبل البنى، فقد أثبتت التجارب أن نجاح النموذج يعتمد على توفر الكفاءات قبل توفر التشريعات, وأخيراً التكامل لا القطيعة، فالاقتصاد الإسلامي الناجح هو الذي يتكامل مع النظام العالمي ولا يعزل نفسه عنه.
يمكن للأردن أن يبدأ برحلة تحول منظمة عبر مراحل ثلاث. تبدأ المرحلة الأولى بين 2026-2028 بالتركيز على التأسيس من خلال إنشاء مجلس أعلى للاقتصاد الإسلامي وتطوير التشريعات المالية الداعمة وتأهيل متخصصين في الاقتصاد الإسلامي.
ثم تأتي المرحلة الثانية بين 2029-2031 للتوسع عبر تحويل 30% من المؤسسات الاقتصادية التقليدية لنوافذ إسلامية وإصدار صكوك إسلامية حكومية وإنشاء منطقة اقتصادية للتمويل الإسلامي.
وأخيراً المرحلة الثالثة بين 2032-2035 لتحقيق الريادة من خلال جعل الأردن مركزاً إقليمياً للتمويل الإسلامي وتحقيق 25% من الناتج المحلي عبر الاقتصاد الإسلامي وتصدير الخبرات الأردنية في المجال.
الأردن اليوم أمام فرصة تاريخية , نحن لا نفتقر للكفاءات ولا للرؤى، وإنما نفتقر للإرادة السياسية والجرأة في اتخاذ القرار , فالدول التي ذكرناها بدأت برؤية واضحة وإرادة حقيقية، والنتائج تتحدث عن نفسها.
السؤال ليس: هل يمكننا تطبيق الاقتصاد الإسلامي؟ بل السؤال هو: متى نبدأ رحلتنا نحو اقتصاد يحقق الكرامة والعدالة لشعبنا، ويجعل الأردن نموذجاً يُحتذى به في المنطقة؟
الوقت ليس في صالحنا، والخيارات ليست كثيرة , إما أن نكون تابعين لنماذج أثبتت فشلها في تحقيق العدالة والنمو الاقتصاد ، أو نكون رواداً لنموذج يجمع بين الكفاءة والقيم، بين النمو والعدالة
عشرات الموظفين مُهددون بالفصل .. أسماء
إعادة كتابة التاريخ .. حتى تاريخنا
النرويج تتأهل لكأس العالم وإيطاليا إلى الملحق
الاحتلال ينفذ غارات عنيفة على غزة
المحارمة مديراً لضريبة شرق ووسط عمان
البيئة الاستثمارية بيت زجاجي لا يحتمل الخدش
الحاج توفيق: الأردن من أسهل الدول بالوصول إلى المسؤولين
الأردن يستضيف المؤتمر العام للجمعية البرلمانية الدولية للأرثوذكسية
التجارب الدولية في الاقتصاد الإسلامي
الفصائل الفلسطينية تحذر من إنشاء قوة دولية بغزة
إرادات ملكية سامية .. التفاصيل
بعد تداول فيديو .. بلدية تتبرأ من قتل الكلاب الضالة
تعيينات جديدة في وزارة التربية والتعليم - اسماء
مي عز الدين تعلن زواجها وتفاجئ الجمهور
وصفة الدجاج بالعسل والثوم والحامض
مدعوون لإجراء المقابلات الشخصية في الأمانة .. أسماء
قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين .. وصمة عار في جبين الإنسانية
مدعوون للامتحان التنافسي في الحكومة .. أسماء
وظائف شاغرة في وزارة الاتصال الحكومي
حماية المجتمع الأردني بالأرقام ..
معدل التضخم سيبقى عند مستواه ..
ارتفاع أسعار الذهب محلياً في التسعيرة الثانية اليوم
7 علامات على القدمين .. مؤشر لمشاكل صحية خطيرة
ارتفاع جنوني بأسعار الذهب محلياً مساء الأربعاء


