كيف يؤثر أوزيمبيك على الدماغ والجسم

mainThumb
صورة تعبيرية

05-05-2025 05:00 PM

السوسنة- لا يقتصر تأثير دواء أوزيمبيك على الجسم فقط، بل يمتد أيضاً إلى الدماغ. فهذه الأدوية، المستخدمة لإنقاص الوزن، تعمل من خلال التأثير على مراكز الشبع في الدماغ، مما يقلل الشهية ويحد من الرغبة الشديدة في تناول الطعام. وقد يؤدي استخدامها إلى فقدان ما بين 5% إلى 20% من الوزن خلال عام واحد.




ويكشف نجاح هذه الأدوية الكثير عن الدور الذي يلعبه الدماغ في إنقاص الوزن بشكل عام. لا يزال هناك الكثير مما لا نعرفه حول كيف ولماذا تؤثر أوزيمبيك وأدوية ناهضات الببتيد الشبيه بالجلوكاجون 1 (GLP-1s) الأخرى على الدماغ — لكننا نعرف أنها تحاكي هرموناً طبيعياً في الدماغ يتحكم في آليات مثل الشبع والشهية، وغيرها.

ويقول الباحثون والأطباء إن تأثيرها يمكن أن يتجاوز السكري وإنقاص الوزن، ليشمل علاج أمراض الدماغ المرتبطة بالإدمان ومرض الزهايمر.



صلة الأمعاء بالدماغ في إنقاص الوزن

ما يميز أدوية GLP-1 — مثل أوزيمبيك، مونجارو، ويجوفي، وزيبباوند — هو أنها تستهدف الهرمونات، التي تلعب دوراً كبيراً في وزنك وعملية إنقاص الوزن، بحسب الدكتور مايكل روسو، جراح سمنة معتمد في مركز ميموريال كير لجراحة فقدان الوزن في مركز أورانج كوست الطبي. تعمل هذه الأدوية عن طريق محاكاة هرمون يشير إلى الشبع، مما يبقيك ممتلئاً لفترة أطول ويقلل من حاجتك للأكل.

بينما يُفرز هذا الهرمون في الأمعاء، فإنه يُفرز أيضاً في الدماغ، مكوناً حلقة تغذية راجعة بين الاثنين تخبرك متى تشعر بالشبع، بحسب الدكتور روسو. (هذه واحدة فقط من التفاعلات التي تحدث على محور الأمعاء والدماغ، والذي يشير إلى الهرمونات، والميكروبيوم، وغيرها التي تربط الجزأين معاً، وفقاً لمراجعة نُشرت عام 2020 في مجلة Frontiers).


وبالنسبة للأشخاص الذين يعانون من الوزن الزائد، فإن هذه الحلقة الراجعة تتعطل. ويحدث هذا بسبب مزيج من العوامل الوراثية والبيئية — مثل تناول نظام غذائي غني بالأطعمة فائقة المعالجة — التي تُخلّ بتنظيم الهرمونات وتعيد تشكيل الدماغ، كما تقول الدكتورة ألكسندرا سوا، أخصائية طب السمنة ومؤلفة الكتاب القادم "ثورة أوزيمبيك".



وتضيف أن هذه الهرمونات المختلة تساهم في كل شيء تقريباً: من مدى سهولة اكتساب الوزن، ومدى صعوبة فقدانه، وكيف وأين يُخزن في الجسم، بحسب موقع وومن هيلث مغازين.


وباعتبارها أدوية هرمونية، تعمل GLP-1s على هذا المحور بين الأمعاء والدماغ لإعادتك إلى "نقطة التوازن"، كما يقول الدكتور روسو.



أما عن موقع تأثيرها في الدماغ، فيعتقد الخبراء أن معظم النشاط يحدث في تحت المهاد (الهيبوثالاموس)، وهو جزء "بدائي" من الدماغ يحفز الرغبة في الأكل والنوم والتكاثر. يقول روسو: "نعتقد أن GLP-1s تؤثر على مركز المكافأة والمتعة، تقريباً مركز الإدمان في الدماغ، ما يجعلنا نتصرف بسلوك قهري للبحث عن تجارب ممتعة معينة".



هل الطعام جزء من دائرة الإدمان؟

قد لا تعتقد أن الطعام له علاقة بمركز الإدمان في الدماغ، لكنه في الواقع كذلك. نعلم أن النظام الغذائي الغربي، الذي يتميز بالأطعمة المعالجة والسكر السائل، يمكن أن يكون إدمانياً، وفقاً لمقال نُشر عام 2020 في مجلة Nutrients.

كما نعلم أن GLP-1s تعدّل الدوبامين، الذي يلعب دوراً كبيراً في الإدمان، بحسب مراجعة لعام 2022 في The British Journal of Pharmacology. لذا، فإن جزءاً من سبب مساهمة GLP-1s في فقدان الوزن هو كبح الرغبة الشديدة في الأكل، جزئياً لأن ضربة الدوبامين الناتجة عن الأطعمة "اللذيذة جداً" مثل الحلويات والوجبات الخفيفة تصبح أقل شدة. وبينما تقلل GLP-1s من مستويات الدوبامين الناتجة عن الكحول أو المخدرات، فإنها لا تؤثر على المستوى الأساسي من الدوبامين لدى الشخص، بحسب نفس المراجعة.


وتضيف الدكتورة سوا أن GLP-1s لا تقلل فقط من الشهية بشكل عام، بل تُغيّر نوع الأطعمة التي يرغب الشخص في تناولها. الأطعمة المعالجة مثل الحلويات تصبح أقل جاذبية، وبعض الأطعمة قد يتغير طعمها، بحسب الدكتور روسو. لا يزال البحث جارياً، لكن دراسة أجريت على البشر وجدت أنه خلال مرحلة فقدان الوزن أثناء تناول GLP-1 (مقارنة بمرحلة الحفاظ على الوزن)، قلّت تفضيلات المرضى للأطعمة الدهنية، وفقاً لمراجعة عام 2024 في International Journal of Obesity. كما وجدت مراجعة أخرى نُشرت عام 2023 في مجلة Diabetes, Metabolic Syndrome and Obesity أن المرضى أبلغوا عن انخفاض في تفضيل الحلويات ومنتجات الألبان أثناء تناول سيماجلوتايد.



ما الذي تعنيه هذه التغيرات الدماغية خارج نطاق الأكل والوزن؟

GLP-1s لا تُقلل فقط من رغبتك في تناول الوجبات السريعة؛ إذ يأمل الخبراء في أنها قد تُستخدم أيضاً لعلاج اضطرابات تعاطي المواد، بحسب تقرير سابق لمجلة Women's Health. وقد أظهرت دراسات مبكرة أُجريت على الفئران، وبعض الدراسات المحدودة على البشر، إمكانية تقليل السلوكيات الإدمانية لدى الأشخاص الذين يعانون من اعتماد على الكحول أو النيكوتين أو الأفيون، وفقاً لمراجعة نُشرت في سبتمبر 2024 في Pharmacological Research.

وبعد تحليل بيانات من 228,000 شخص في السويد، كتب الباحثون في دراسة نُشرت في نوفمبر 2024 في JAMA Psychiatry أن الأشخاص الذين تناولوا أدوية GLP-1 كانوا أقل عرضة للدخول إلى المستشفى بسبب مشكلات مرتبطة بالكحول، وخلصوا إلى أن هذه الأدوية "توفر أملاً كعلاج جديد للحد من استهلاك الكحول ومنع تطور مضاعفاته".



ومرة أخرى، لا تزال الأبحاث مستمرة، لذلك لا يعرف الأطباء بالضبط ما الذي يسبب هذا التأثير، لكن يُعتقد أنه يرتبط بنفس المسار في تحت المهاد الذي يقلل من الرغبة في الطعام ويضعف ضربة الدوبامين، وفقاً للدكتور روسو.


في المقابل، فإن انخفاض نشاط مركز المكافأة في الدماغ قد يؤثر أيضاً على المتعة المستمدة من الأنشطة الصحية الأخرى، مثل الهوايات المفضلة، بحسب روسو. ويلاحظ أن عدداً قليلاً جداً من المرضى — أقل من واحد بالمئة في ممارسته — يعانون من حالة تُعرف بـ"انهدونيا"، أي فقدان الاهتمام بالأشياء التي كانوا يجدونها ممتعة، أثناء استخدام أدوية GLP-1.



كيف قد تُحسّن GLP-1s صحة الدماغ؟

أمر آخر مثير للاهتمام قد تفعله GLP-1s في الدماغ؟ تقليل خطر الإصابة بمرض الزهايمر والخرف. وإذا كنت تتساءل عن السبب، فالجواب هو: لا يعرف الباحثون تماماً بعد. في أكتوبر 2024، وجدت دراسة نُشرت في مجلة Alzheimer’s and Dementia أن مرضى السكري من النوع الثاني الذين تناولوا أدوية سيماجلوتايد كانت لديهم مخاطر أقل بكثير للإصابة بالمرض التنكسي مقارنة بأولئك الذين استخدموا علاجات أخرى.

والسبب المحتمل، بحسب الدكتورة سوا، هو أن GLP-1s لها خصائص مضادة للالتهاب بطبيعتها، وأيضاً لأنها تساعد في استقرار مستويات السكر في الدم. ويُعرف الزهايمر، كسبب رئيسي للخرف، بأنه مرتبط بالالتهابات في الدماغ.


ولا يزال هناك الكثير من الأبحاث الواجب إجراؤها لمعرفة التأثيرات الدقيقة لـ GLP-1s على الدماغ. لكن ما نعرفه من الأطباء الذين يصفونه هو أن النتائج الأولية مثيرة، وتكشف إمكانيات واعدة في كبح الرغبة بالطعام فائق المعالجة، ودعم التعافي من الإدمان، وحتى الوقاية من الخرف — مع آمال بظهور المزيد من هذه الأدوية التي تعمل في صلب العلاقة بين الدماغ والجسم.

اقرأ المزيد عن:






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد