رئاسة منذ الطفولة

mainThumb

11-05-2025 03:17 AM

للإخوة (والأخوات) اللبنانيين أفضال كثيرة عليّ. إنهم يلبّون نداء النجدة في حالات طارئة أو غير طارئة. وكم أقدّر لهم (أثمن) - يقول اليساريون - ساعات الإنقاذ. إذ يحدث أحياناً أن أبحث في الدنيا عن موضوع للزاوية، فتواجهني الأسوار والسدود. دائماً في هذه الحال، ألجأ إلى أخبار البلاد الساخرة، فأجد منها ما يفرح الجميع ولا يغضب أحداً. صحيح أننا شعب مقاتل غضوب، لكننا قوم متفهمون أيضاً، ونقدّر الظروف الصعبة أو القاهرة. وقعت اليوم فيما يسميه بعض الزملاء «الانسداد»، ويكون هذا فكرياً أحياناً، وفي هذه الحال مَن لي بمنقذ إلا بني قومي. ألم يقل الأخطل الصغير:

ولي كبد مقروحة من لي بكبد ليست بذات قروح

موضوعنا اليوم أيها المواطنون، رئيس وزراء لبنان: يحمل هذا الرجل سيرة شخصية نادرة بين السير: ابن عائلة كبرى، وأستاذ جامعي مميز، وسفير سابق لدى الأمم المتحدة، وقاضٍ في المحكمة الجنائية الدولية، وعلى خلق رفيع، وصداقات ممتازة. لكن النقد اللبناني لا يتوقف. فالرجل كان يسارياً درجة أولى، والدليل الصورة المرفقة مع أبو عمار، ونوعية الكتب التي كان يقرأها في شبابه، ناهيك بأصدقائه.

منذ أن شكّل نواف سلام حكومته، لا يجتمع ثلاثة في مكان إلا ويحمل اثنان منهم سراً عنه لا يعرفه أحد. ولا أتبرع عادة بما أعرفه لأنه لا يستحق أن يوضع في أي سريّة، خصوصاً، المصرفية منها. وما عدا ذلك، ليس من طبعي، ولا من عادتي، وخصوصاً، ليس من اهتمامي أن أبحث عن الأشياء الصغيرة في حياة المسؤولين الكبار.

اعتدت أن ألتقي الرئيس سلام منذ 50 عاماً بسبب علاقتي بعائلته ومحبتي لها. كما جمعتنا الزمالة في «النهار»، وكنَف الرائع الجبار غسان تويني. وبما أنني كثير السفر، وهو كثير المناصب، فقد كنا نلتقي في مدار هذه الدنيا ومراكز عمله من نيويورك، إلى لاهاي، إلى باريس، إلى سائر الضواحي.

إذاً أين الخبر في كل ذلك: هناك عشرات الأشخاص الذين تجمعهم بنواف سلام هذه المجامع، وماذا يجعل في موضوعنا سخرية مضحكة من شعبنا العظيم؟

كنت أخيراً في جلسة جمعت حساد الرجل، ومحبيه، ومثرثريه، وأدعياء القرب والقربى. وراح كل جليس يروي قصة تعطيه الأولوية. وكسح أحدنا الجميع عندما روى أنه صديق نواف منذ الطفولة. وقد تأخر في المشي. ابتسم، أنت في لبنان.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد