واشنطن تصدر ترخيصاً بالتخفيف الفوري للعقوبات على سورية

mainThumb

24-05-2025 08:45 AM

وكالات - السوسنة

في تحول مفاجئ ولافت على صعيد السياسة الأمريكية تجاه دمشق، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية، الجمعة، إصدار ترخيص عام يقضي بالتخفيف الفوري للعقوبات المفروضة على سورية، شمل لأول مرة الرئيس السوري للفترة الانتقالية أحمد الشرع وعدداً من كبار المسؤولين والمؤسسات الحكومية.

وقالت الوزارة إن الترخيص العام رقم 25 يمنح الإذن بتنفيذ معاملات كانت محظورة بموجب العقوبات الأمريكية المفروضة على سورية، الأمر الذي يعني عملياً رفعاً واسعاً للقيود الاقتصادية على دمشق.

وشمل الترخيص أسماء بارزة على رأسها الرئيس أحمد الشرع ووزير الداخلية أنس خطاب، إلى جانب قائمة من الكيانات الكبرى مثل "المصرف التجاري السوري" و"المؤسسة العامة للبترول" و"الشركة السورية لنقل النفط"، بالإضافة إلى "الخطوط الجوية العربية السورية" و"وزارة السياحة".

وجاء في بيان رسمي صادر عن وزارة الخزانة أن هذا الإجراء ينسجم مع استراتيجية "أمريكا أولاً"، ويهدف إلى فتح الباب أمام استثمارات جديدة وتحفيز النشاط الاقتصادي في سورية، مضيفاً أن وزارة الخارجية الأمريكية أصدرت بالتوازي إعفاءً بموجب "قانون قيصر لحماية المدنيين"، ما يتيح لحلفاء واشنطن ودول المنطقة المساهمة الفاعلة في عملية إعادة الإعمار.

وقال وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسينت: "كما وعد الرئيس ترامب، نعمل على تمكين سورية من الانطلاق نحو مستقبل مستقر ومزدهر من خلال تشجيع الاستثمارات ورفع العوائق أمام النمو الاقتصادي"، مؤكداً أن القرار يمثل "خطوة أولى مهمة في تنفيذ إعلان الرئيس الصادر في 13 أيار".

البيان أشار إلى أن الحكومة الأمريكية تعتبر أن "عهد الوحشية والدعم للإرهاب قد انتهى"، وأن مرحلة جديدة بدأت في سورية، تتسم بالانفتاح والاستقرار، ودعم الأقليات الدينية والعرقية، وهو ما اعتبرته واشنطن شرطاً أساسياً لتقديم هذا الترخيص.

وفي السياق ذاته، أعلنت "شبكة مكافحة الجرائم المالية" (FinCEN) عن إعفاء استثنائي يسمح للمصارف الأمريكية بالاحتفاظ بحسابات مراسلة لصالح المصرف التجاري السوري، وهو ما يعد خطوة تقنية بالغة الأهمية لإعادة دمج سورية بالنظام المالي العالمي.

وشددت وزارة الخزانة على أن الترخيص لا يشمل أياً من الجماعات الإرهابية أو المتورطين في جرائم حرب وانتهاكات حقوق الإنسان، ولا يسمح بأي تعاملات لصالح حكومات روسيا أو إيران أو كوريا الشمالية.

وفي ملحق مرفق بالترخيص، نشرت الوزارة قائمة بالمؤسسات والجهات المشمولة بالإعفاء، تضمنت إضافة إلى الرئيس الشرع، مؤسسات مالية وصناعية ونفطية وإعلامية، منها:

  • المصرف المركزي السوري

  • المصرف الصناعي

  • الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون

  • شركة مصفاة بانياس

  • وزارة النفط والثروة المعدنية

  • شركة الوكالات الملاحية

  • فندق الفورسيزون – دمشق

  • الشركة العامة لمرفأ طرطوس

  • المديرية العامة للموانئ
    وغيرها من المؤسسات المرتبطة بالبنية التحتية الاقتصادية.

لقاء تاريخي في الرياض

وجاء هذا التطور بعد لقاء ثلاثي جرى في الرياض وجمع بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والرئيس السوري أحمد الشرع، وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، على هامش القمة الخليجية الأمريكية الخامسة. وشارك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الاجتماع عبر تقنية الفيديو، وأشاد بالقرار الأمريكي واعتبره "خطوة تاريخية نحو الاستقرار الإقليمي".

وأفادت مصادر مطلعة أن الاجتماع ركّز على خارطة طريق اقتصادية لإنعاش الاقتصاد السوري بدعم من السعودية وتركيا والولايات المتحدة، مع تعهد الحكومة السورية الجديدة بعدم إيواء التنظيمات الإرهابية وضمان الأمن الداخلي واحترام التعددية الدينية.

الاتحاد الأوروبي يلتحق بالموقف الأمريكي

بالتزامن مع القرار الأمريكي، أعلن الاتحاد الأوروبي رسمياً رفع جميع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سورية، في خطوة قالت بروكسل إنها تهدف إلى "دعم الشعب السوري وتعافي البلاد من آثار الحرب".

ومن المتوقع أن يؤدي هذا التخفيف المزدوج من العقوبات الأمريكية والأوروبية إلى فتح الباب أمام المنظمات الإنسانية لممارسة أنشطتها بشكل أوسع داخل سورية، إضافة إلى استقطاب الاستثمارات الأجنبية وتمهيد الطريق أمام انخراط دولي في جهود إعادة الإعمار.

مرحلة اقتصادية جديدة لسورية

وبحسب الخزانة الأمريكية، فإن الترخيص العام رقم 25 يتيح للمستثمرين الأجانب، بما في ذلك الأمريكيين، تنفيذ معاملات كانت محظورة، تشمل القطاع المالي والطاقة والنقل والسياحة، وهو ما يعد تحولاً جذرياً في الموقف الأمريكي الذي ظل لعقود يفرض حصاراً اقتصادياً صارماً على البلاد.

وأكدت الوزارة أن هذا الترخيص سيخضع لمراجعة دورية ومراقبة دقيقة، لضمان التزام الحكومة السورية الجديدة بالمعايير المتفق عليها، مشيرة إلى أنه لا يشمل أي تبييض لانتهاكات سابقة ارتكبها النظام السوري السابق.

ختاماً، يُنظر إلى قرار التخفيف المفاجئ للعقوبات كأحد أكبر التحولات في السياسة الأمريكية تجاه سورية منذ اندلاع الأزمة عام 2011، ويطرح تساؤلات عميقة حول شكل المرحلة القادمة في العلاقة بين واشنطن ودمشق، ومكانة الرئيس الشرع في خارطة التوازنات الإقليمية.



إقرأ المزيد :   






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد