صناعة النجم والنقد الأدبي
هل يمكن لدور النشر أن تكون مؤسسات دعائية، تصنع نجوماً في سماء الثقافة، تماما مثل صناعة نجوم السينما والتلفزيون؟ الجواب نعم؛ فثمة دور نشر تحترف صناعة النجوم بأشكال شتى، بما يجعل من الترويج والانتشار أمرين مؤكدين لمن يطبع كتابه فيها بغض النظر عن قيمة الكتاب العلمية أو الأدبية. والغريب أن من ينظر بعين فاحصة، فسيجد أن ثمة أسماءً صارت في عالم النقد والأدب نجوما بلا منازع، بيد أن العودة إلى منجزها أو ما لديها من عطاء لا يكشف عن شيء يتناسب مع ما تحظى به تلك الأسماء من نجومية في محافل الأدب والنقد وأوساط البحث العلمي وأكاديمياته.
وقد يذهب الظن إلى أن ذلك وليد ما نشهده في حياتنا الراهنة من تطور تقنيات النشر وتسارع التكنولوجيا وتزايد المطابع ومعارض الكتب، والحقيقة أنه يعود إلى أواسط ثمانينات القرن الماضي حين أخذت الدراسات العليا تجد طريقها إلى كثير من الجامعات العربية. وبرز من بين طلاب هذه الدراسات من هم باحثون مرموقون لهم إضافاتهم المعرفية التي تنم عما لهم من جهود علمية أصيلة غير أن الحظ لم يحالفهم في الترويج لأسمائهم عربيا؛ إما لعدم اندفاعهم إلى ذلك أو لضيق ذات اليد أو لأنهم طبعوا كتبهم في دور لا تملك الاحتراف الكافي في النشر والتسويق. وإذ بقيت كتب هؤلاء في الظل، فإن ثمة باحثين آخرين من متحصلي الماجستير والدكتوراه ليسوا أكثر أصالة ولا احترافاً من سابقيهم، لكنهم أكثر حرصاً على نشر أسمائهم، وأشد شغفاً بالانتشار والشهرة، فاختاروا لنشر رسائلهم وأطروحاتهم دوراً لها شروطها في احتساب تكاليف المطبوع وتسويقه. وأغلب دور النشر الكبرى كانت ولا تزال دكاكين تجارية، لا تنظر إلى قيمة الكتاب العلمية بقدر ما تنظر إلى إمكانية المؤلف المالية.
بهذه الصيغة التجارية البحتة، تمت صناعة أسماء أدبية ونقدية، صار لها بمرور العقود صيت ونجومية. صحيح أن من حق فلان الفلاني أن يصير نجماً لكن من المهم أيضا أن يتذكر أن ذلك لم يكن ليحصل بسبب عطائه العلمي وجهده الذاتي حسب، بل هي أيضاً – وربما من دون أيضاً – دار النشر التي تكفلت بمهمة نشر كتابه بين الأوساط الأكاديمية وغير الأكاديمية. ومن غير اللائق أخلاقياً أن يتناسى النجم هذه الحقيقة، فيتصور أنه المرجع الأعلى في الميدان الذي أنجز فيه كتابه قبل ثلاثين عاما أو حتى قبل عشر سنوات؛ لأن العلم والمعرفة وميادين الإبداع كافة لا شك تتطور. ومن الضروري لكتابٍ مرت عليه السنون أن يُعرِّج عليه الباحثون ويعيدوا قراءته بقصد البناء عليه أو الإضافة إليه. هذا إن كان في الكتاب ما هو أصيل وقيِّم. وقد يكون الأمر بالعكس، أي أن في الكتاب نقصاً أو إشكالاً معيناً، يستدعي إعادة النظر في قيمته كلها؛ وربما التخطئة الكاملة لأطروحته. فلماذا إذن تكون ثورة النجم عند نقد كتابه عارمة، فتنتفخ ذاته وتظهر كل سلبيات سلوكه من تعملق وغرور.. أهذه هي أخلاق الذين يعدون أنفسهم علماء ونجوماً؟ من المؤسف أن مثل هذا وغيره هو المتحقق على أرض الواقع. ونقصد (بغيره) أن يتحول النجم – برئاسته للجان أو إدارته للتشكيلات أو سيادته في المحافل – إلى قاض يأمر وينهي، يُجرِّح في ذمة هذا ويزكي ذمة ذاك، يَستبعد الغريب ويُعلي القريب. فبهذه الطريقة فقط تزداد هالات نجوميته، ومعها يزداد المتطلعون إلى نيل رضاه وبالتالي بركاته، من المشتغلين في الحقل نفسه النقدي أو الأدبي. ومثل هؤلاء لا ينفكون يُظهرون للنجم آيات المودة وأفانين الخضوع، لأنهم يعلمون مدى قدرته على الأخذ بأيديهم في التسلق بحثاً عن المنافع وبأقل جهد وأسرع طريقة وربما يجدون خيراً بمجرد الاقتداء بمسلكيته. أما من يقف إزاء هذا النجم منتقداً أو مناقشاً أو معترضاً أو نداً بند، فالويل كل الويل له. لأن النجم سيكون حجر عثرة أمام أي فعل يقوم به أو رغبة يسعى إلى تحقيقها.
من المنقصة أن يتسلط الغرور على النجم أو أن تكون نجوميته دريئة تحصنه من أية مسؤولية، تارة يبذخ في شأن هذا ويشكك في شأن ذاك من دون رقيب أو حسيب. وتارة أخرى، يعتلي المنصات مبرئاً ساحة فلان ومشيداً بعلان، مع أن علانا غير بريء ولا متميز.
هذه السلوكيات مرفوضة لكنها تمارس بكل أريحية، ولمَ لا؟ إذ ما دام الأساس باطلاً، وهو صناعة دور النشر للنجم من دون استحقاق، ولا يمكن تبرئة وسائل الإعلام من ذلك، فإن من الطبيعي أن كل ما يُبنى على هذا الأساس هو خاطئ بالتأكيد.. فما الحلُّ إذن؟
بالطبع لا يمكن تغيير النهج الاحترافي الذي اعتادته مؤسسات كبرى هذا ديدنها في صناعة النجوم، لكن من الممكن المراهنة على التوعية والتذكير بأهمية أن يكون النجم معتدلاً، بلا تعالٍ. والاعتدال أمر محمود في كل مجالات الحياة، فكيف إذا كان هذا المجال هو البحث العلمي وحقول الإبداع الأخرى!
لا مراء في أن مجافاة النجم للاعتدال يجعله ضيق الصدر، لا يحتمل النقد، وإذا مسَّه أحدهم مساً خفيفاً اضطربت حاله وفسد مزاجه فقلب ظهر المجن دفعة واحدة. ومن ثم لا يرى في النقد مناظرة علمية وجدلاً معرفياً، بل يحسب ذلك مخاصمة وحقداً ونكداً وشكوى. أما مؤيدوه ومتملقوه، فيرون الأمر حرباً، ومن الواجب أن يخوضوها معه أو بالنيابة عنه. والمحصلة ضياع النزاهة في النقد، واستشراء المظالم وهضم الحقوق.
ومن الواجب السخط على وجود هذه الظاهرة المقلقة بيننا، فصناعة نجوم الثقافة هي تماما كصناعة نجوم الفن والسياسة، فيها من الزائف والطارئ الكثير. وما أشد حاجة النقد الأدبي إلى أناس يمتلكون الشجاعة، ويكونون أشداء في الحق يشخِّصون الدخيل والفاسد. ولكن ما أثقلها من مهمة ينهض بها هؤلاء!
ولو عدنا إلى نجوم النقد والأدب في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي لوجدنا أن كتبهم على قلتها كانت موضع جدل واختصام فيما بينهم وفي أجواء صحية أي بلا شللية ولا معارك جانبية، وإنما هو خلاف يحرك المياه الراكدة. خذ مثلاً خصومة سلامة موسى والرافعي أو منازعات خليل السكاكيني وشكيب ارسلان. ولا ننسى خصام طه حسين مع مصطفى صادق الرافعي حول قضية القديم والحديث. وثمة قضايا أُخر كان أسلوب العتب هو الدائر بين عميد الأدب العربي ومن تخاصم معه.
إن وجود النجم خيرٌ إن كانت فيه القدوة على الإجادة والإتقان وله دور في الحدِّ من الإسفاف والابتذال والضعف وسوء الاتجاه. ويكون وجوده نقمة ومحنة حين يصبح طريقاً، يصل من خلاله الأدعياء والقاصرون أدبياً ونقدياً إلى الصدارة، فكيف بعد ذلك ترقى الحياة الأدبية؟ وكيف لا تكون موبوءة بالجاهل والمغرور؟ وقس على هذا المنوال عشرات الممارسات التي فيها تضيق الثقافة أشد الضيق بالتكسب بالأدب غروراً وبطالةً ودعوةً إلى الإنتاج الفج والانبهار بهذا الإنتاج أيضا.
ومطالعة بسيطة في ما كتبه الباحثون في مجال نقد النقد اليوم، ستظهر أن ثمة محاذير من نقد النجوم أو التقرب من ساحتها، خشية على النفس منها. ولو كان النجم موضوعيا لا يعرف الافتراء ولا يحمل الضغينة لكان هو نفسه الذي يحض على نقد منجزه، قاصداً من وراء ذلك معرفة مواطن قصوره أو لعله يجدد في هذا الذي أنتجه قبل سنين أو يضيف إليه، ولكن أنّى له ذلك، وسيفه يسبق عذله.
*كاتبة من العراق
وزير الأوقاف يتفقد الحجاج في مكة المكرمة
ترفيع 6 متصرفين إلى رتبة محافظ وإحالتهم للتقاعد .. أسماء
منتخب السيدات لكرة القدم يلتقي نظيره البنغالي الثلاثاء
وثائق سرية تكشف احتجاز الصحافي الأميركي تايس في سوريا
القوات المسلحة تحبط تهريب مخدرات بطائرتين مسيرتين
ملحق لمذكرة التفاهم بين مؤسسة الغذاء والدواء وبلدية الكرك
مؤسسة الغذاء والدواء تحتفي بعيد الاستقلال التاسع والسبعين
بلدية إربد الكبرى تحدد دوام سوق الخضار المركزي خلال عطلة العيد
226 ألف متر مياه مستعادة بإزالة اعتداءات قناة الملك عبدالله
الهاشمية تستحدث 5 برامج جديدة في شهادة الاختصاص العالي في الطب
ضعف الإقبال على الأضاحي رغم وفرتها في الأسواق بسبب ارتفاع الأسعار
أسعار النفط ترتفع أكثر من دولار بعد قرار أوبك+
أوتشا: الاحتلال الإسرائيلي يخنق مدنيي غزة في 18% من القطاع
إحالة عدد من المحافظين في وزارة الداخلية على التقاعد .. أسماء
كاظم الساهر يناشد والجمهور يتأثر
تعميم حكومي إلى جميع الوزارات والدوائر الرسمية والجامعات
تعديلات حبس المدين تدخل حيز التنفيذ في 25 حزيران
إنهاء خدمات موظفين في التربية .. أسماء
الجبالي يشيد بقرار الإعفاء الجمركي الجديد
امتحان تنافسي حكومي محوسب الأربعاء المقبل .. أسماء
إدارة السير تدعو لإزالة أي إضافة على المركبات
جمعية مكافحة المخدرات توضح حقيقة سحب حلوى الكولا من الأسواق
تشغيل أولى مراحل نقل المحافظات لعمان في حزيران
توجيه من ولي العهد بشأن بث مباراة الأردن وعُمان
كم بلغ سعر الذهب في السوق المحلي الأربعاء
مهم لطلبة وخريجي الجامعة الأردنية
بعد عطلة عيد الأضحى .. هذه العطل الرسمية المتبقية للأردنيين في 2025