السهام الخاطئة

mainThumb

16-06-2025 10:30 PM

في أحيانٍ كثيرةٍ، تتكرر في حياتنا تجارب الصياد الفاشل. كانت قصةً من نصوص جيلنا الذهبي، ظلت عالقةً في أذهاننا، نقتبس من عبرتها الدروس الكثيرة.

واليومَ، بعد أن بلغنا عمرنا المتقدم، ظلت تلك القصة تحاكي وقائع مؤلمةً لصيادين آخرين فاشلين. صيادون لا يحسنون التصويب، تسبقهم السهام الخاطئة، وترافقهم الخيبة والإخفاق، لم يستفيدوا من دروس الأيام وغدرها.

إن حال الصياد الفاشل قد رسمت له في تصوري صورًا ونماذج، لكل صورةٍ نموذجٌ فاشلٌ. فمع أن الفشل قد يكون فرصةً للتعلم، إلا أن الغير مقبولٍ أن يتحول إلى عادةٍ مستدامةٍ تتكرر في مسار حياتنا.

وهذا الإخفاق يظهر في صورٍ متنوعةٍ تمس جوانب حياتنا جميعًا:

إخفاقٌ شخصيٌّ: يمس الذات في لحظات التيه والضياع.
إخفاقٌ أسريٌّ: في تسيير شؤون البيت والعلاقات الداخلية.
إخفاقٌ مؤسسيٌّ: في إدارة المشاريع والوظائف.
وكل ذلك سببه السهام الخاطئة التي نصوبها في غير مواقعها.

نرصد بعض صور هذا الفشل:

1. الانحراف عن الهدف: حين يشغل الفرد بأهداف غيره، وينسى ما رسم له من مقاصد ومشاريع. فالحياة دون وضوح وجهةٍ صورةٌ ضارةٌ من صور الفشل.

2. آفة الاستعجال: التي أفسدت المشاريع، وأوقعت الفرق في الهزائم، وقطعت خيوط الوداد في لحظات طيشٍ. وقد قيل: "في التأنّي السلامة، وفي العجلة الندامة".

3. التردد بعد التخطيط: فالمتردد لا يصيب الهدف، ويفقده تشتت الذهن واهتزاز الثقة. إنما يعزز القرار بالثقة في النفس، وفي المهارات، وبالتوكل على الله.

4. الانقطاع بعد البداية: فكم من مشروعٍ وئد في نصف الطريق، وفقد فرص النجاح لأن صاحبه توقف قبل الوصول. والعطاء المستمر هو علامة الصحة وسبيل النجاح.

5. إهمال الأسباب والمؤيدات: فالتغافل عن الوسائل المساعدة يُضعِف التنفيذ، ويُجمِّد الأفكار. وما تقدم غيرنا وتأخرنا نحن إلا بسبب إهمال تلك السنن.

في الختام:
أقتبس كلماتٍ بليغةً للإمام محمدٍ الغزاليّ، يخاطب فيها أصحاب المشاريع والرسالات:

"إن خدمة الإسلام تحتاج إلى رجلٍ يجمع بين عنصرين لا يغني أحدهما عن الآخر: الأول: الإخلاص العميق لله، والثاني: الذكاء العميق والفهم الناضج في رؤية الأشياء على طبيعتها."



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد