كيف يعالج الأردن عجز الميزان التجاري ويجعل الصادرات تتفوّق
حين ينظر صانع القرار إلى الميزان التجاري، فهو لا يرى فقط رقمًا أحمر في خانة العجز، بل يرى ما هو أعمق: فجوة بين ما نستهلك وما ننتج، بين ما نستورد من العالم وما نصدره إليه. وفي حالة الأردن، هذه الفجوة ليست رقمًا طارئًا، بل واقع مزمن منذ عقود. بلغ العجز التجاري في عام 2024 ما يزيد عن 8.6 مليارات دينار، وهو ما يعادل أكثر من 20% من الناتج المحلي الإجمالي، بحسب أرقام دائرة الإحصاءات العامة. هذا ليس مجرد اختلال في الحسابات؛ بل اختلال في الرؤية الاقتصادية.
لكن السؤال ليس فقط: "لماذا نعاني من العجز؟" بل: "كيف يمكن قلب المعادلة؟ كيف نجعل من التصدير قصة نجاح، لا مجرد بند محاسبي؟" هنا يصبح الإصلاح ليس ترفًا بل ضرورة وجودية. لأن كل دينار لا نصدره، سنضطر إلى استدانته لاحقًا، أو تعويضه بتحويلات أو معونات لا يمكن التعويل عليها في المستقبل.
الجواب ليس في خطاب نظري ولا في خفض الاستيراد بعنف، بل في رفع جودة التصدير بكفاءة. وللأردن فرصة ذهبية الآن، لأن التحوّلات الجيوسياسية وإعادة تشكيل سلاسل الإمداد جعلت العالم يبحث عن شركاء جدد، و"مواقع تصديرية بديلة". دول مثل الأردن، التي تمتلك استقرارًا نسبيًا وموقعًا لوجستيًا مثاليًا، يمكن أن تدخل على الخريطة إذا أحسنت التوقيت والإعداد.
من أين نبدأ؟ أولًا، نحتاج إلى قلب العقلية: الميزان التجاري لا يُعالج بقيود على المستوردات بل بدعم منهجي للصادرات. وهذا يشمل أربع ركائز: الجودة، السوق، التمويل، واللوجستيات.
على صعيد الجودة، كثير من المنتجات الأردنية لا ينقصها الإبداع بل الاعتمادية الصناعية. يعني ذلك الالتزام بالمواصفات الدولية بشكل دائم، وليس فقط عند زيارة المفتش. وهنا دور المؤسسة العامة للمواصفات والمقاييس في أن تكون شريكًا للصادر لا مجرد حارس بوابة.
أما السوق، فإن فتح الأسواق لا يكون عبر المعارض وحدها، بل باتفاقيات تجارة عادلة وتكاملية. اتفاقية "أغادير"، مثلاً، لا تزال دون استثمار كافٍ، في حين أن الأسواق الإفريقية مثقلة بالطلب على الأدوية والأسمدة والملابس، وهي قطاعات أردنية واعدة لم تطرق الباب بعد.
يبقى التمويل، وهو معضلة المصدر الأردني. البنوك ترى التصدير مخاطرة، والمصدر الصغير لا يمتلك ضمانات. هنا يمكن التفكير في "صندوق تأمين ائتمان تصديري" شبيه بتجارب كوريا وتركيا، يمنح ثقة للبنك وجرأة للمصدر.
ثم اللوجستيات، وهذه قد تكون نقطة التحوّل. يجب ربط المناطق الصناعية الكبرى (كمدينة الموقر أو سحاب) بخطوط نقل مباشرة مع ميناء العقبة، وتوسيع الربط مع الموانئ الحرة الرقمية، حيث تُصدَّر البضائع دون عناء الورق.
لكن كل ذلك لن ينجح بدون "نافذة تصدير واحدة"، رقمية وموحّدة، تُعالج الترخيص والفواتير والرقابة في خطوة واحدة. ما يحدث اليوم أن المصدر الأردني يضيع بين مؤسسات متداخلة، كل منها تُفرغ من الآخر الطاقة والوقت.
كيف يتسق هذا مع خطة التحديث الاقتصادي؟ الخطة وضعت ضمن أولوياتها تمكين القطاعات القابلة للتصدير: الصناعات الغذائية، الأدوية، الألبسة، الخدمات الرقمية، والطاقة المتجددة. لكنها تحتاج إلى ذراع تنفيذية تحمل هذه القطاعات من الفكرة إلى السوق، لا أن تتركها في فوضى المؤسسات المتعددة.
وبلغة الأرقام، يجب أن يكون الهدف القريب (2027 مثلًا) خفض العجز إلى أقل من 6 مليارات دينار، وزيادة الصادرات من 7 إلى 10 مليارات سنويًا، عبر التوسع في القيمة المضافة، وتكامل التصنيع المحلي، وتفعيل مناطق حرة للتجميع والتصدير.
هنا أيضًا، لا يمكن تجاهل عنصر العملة الوطنية. فكل تحسن في الميزان التجاري يعزز قوة الدينار الأردني، ويقلل الضغط على الاحتياطيات الأجنبية. في المقابل، فإن استمرار العجز يزيد من حساسية الاقتصاد لتقلبات الدولار الأميركي. ومع التوقعات العالمية بمرحلة ضعف نسبي للدولار في السنوات المقبلة، يتوجب على صانع السياسة النقدية التفكير في سيناريوهات مرنة، من ضمنها تعزيز أدوات التحوط أو حتى النظر مستقبلاً في إمكانية الانتقال إلى نظام تعويم مدروس، إذا توفرت الأرضية المؤسسية والهيكلية لذلك. قوة الدينار ليست فقط سياسة نقدية، بل أيضًا انعكاس للثقة بالاقتصاد الإنتاجي وقدرته على التصدير.
أخيرًا، الصادرات ليست مجرد تجارة، بل هُوية اقتصادية. حين نصدّر أكثر مما نستورد، لا نحقق فائضًا فقط؛ بل نبني استقلالًا اقتصاديًا، ونخفف الضغط على الدينار، ونخلق وظائف حقيقية. لهذا، فإن إصلاح الميزان التجاري ليس خيارًا تقنيًا، بل قرار سيادي، وكما قلنا في ملف الاستثمار، وكما كرر صندوق النقد في مراجعاته الأخيرة: العالم لا ينتظر، ومن لا يُصدّر اليوم، سيستورد الفاتورة غدًا.
الحكومة تناقش تطوير معبري جابر والكرامة
مواجهات مع الاحتلال جنوب نابلس وإصابة فلسطيني
هيئة شباب كلنا الأردن فرع إربد تعلن بدء التسجيل في دورات متخصصة
التشريعات القانونية ركيزة أساسية لتعزيز الأمن الوطني
بني عبيد تطلق حملة بيئية وشاملة لإزالة البسطات غير المرخصة
جماعة الحوثي تستهدف مطار ريمون الإسرائيلي
معان تطلق حملات توعية لدعم التعليم المهني والتقني
الأعيان يوقع اتفاقية لمصنع الأدوية النووية
الاحتلال يصدر إنذارًا جديدًا لإخلاء مبنى وخيام في غزة
صحة غزة تناشد الملك إعادة تفعيل المستشفيات الأردنية
الأردن وفلسطين يؤكدان تعزيز الصمود الثقافي الفلسطيني
مديرية إفتاء القوات المسلحة تطلق موسمها العلمي السنوي
ترقيات وتعيين مدراء جدد في التربية .. أسماء
ظهر بفيديوهات .. القبض على شخص استعرض بالسلاح والتشحيط
صور تثير التكهنات حول استشهاد محمد السنوار بغزة
قرار حكومي بشأن نظام ترخيص السوَّاقين
هيئة النقل البري تحدد موعد الاختبار الإلكتروني .. أسماء
مهم بشأن الإعلان المفتوح للتوظيف بالقطاع العام
الإقراض الزراعي يدعو المواطنين لاستكمال التعيين .. أسماء
مهم لذوي شهداء الجيش والأجهزة الأمنية
مدعوون للتعيين في الاقراض الزراعي .. أسماء
سارق محل تجاري في سحاب بقبضة الأمن
جبهة دبلوماسية أردنية مصرية لوقف الكارثة في غزة