في مديح التأني: حين لا يكون الركض حلاً

mainThumb

17-07-2025 12:53 AM

في زمن اللهاث المتواصل خلف الإنجاز والمثالية والنجاح السريع، يبدو التأني خيارًا لا يلجأ إليه كثيرون. يظن البعض أن ما لا يُدرك الآن قد لا يُدرك أبدًا، وأن التباطؤ نوع من الخسارة. لكن، ماذا لو كانت الراحة الحقيقية في التمهّل، والطمأنينة في الانتظار لا في العجلة؟

كنتُ أظن، مثل كثيرين، أن السعادة تُلاحَق كالفراشات، وأن الكلمات التي لا تُقال فورًا تفقد معناها، وأن كل مهمة لم تُنجز سريعًا، ضاعت قيمتها. عشت على استعجال، حتى في التفاصيل الصغيرة: قهوتي، أعمال المنزل، قراءة منشورات مؤجلة. كل شيء كان يُنجز بنَفَسٍ لاهث.

لكنني، مع الوقت، أدركت أن الجمال لا يولد في العجلة. هناك لحظات تتفتح فقط في هدوء، ومشاعر تحتاج وقتًا لتنضج، وإنجازات تكتمل حين يُمنح لها وقتها الكافي. الفرح لا يُصنع في سباق، بل في انتظار حقيقي، رصين، يشبه نضج الثمر على الشجر لا في مصانع التعليب السريع.

لا بأس إن تأخرت بعض أمنياتك،
ولا حرج إن لم يأتِ كل شيء وفق ترتيبك اليومي الدقيق.
لعلّ ما تمنّيته لم يكن خيرًا لك،
ولعل ما أُجّل عنك، نجاك من حزنٍ لم يُكتب أن يصيبك.

في التريث بركة،
وفي التأني أمان،
وفي التأخير حكمة لا نعرفها في حينها.

وقد تتمنى ثمرة،
فيمنحك الله شجرتها.

ما تظنه تأخيرًا قد يكون إعدادًا،
وما تحسبه غيابًا قد يكون لطفًا مؤجلًا.

امشِ طريقك مطمئنًا، لا تُرهق قلبك بالركض،
فما كُتب لك، لن يفوتك.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد