استراتيجية أنقرة في البحر المتوسط

mainThumb

21-08-2025 10:43 AM

تشير التطورات الأخيرة إلى أن ليبيا ستحتل مساحة أوسع في أجندة تركيا، خلال الأيام المقبلة. وكان انعقاد «قمة التعاون» المفاجئة في 1 آب/أغسطس في إسطنبول بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني ورئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة، أبرز مؤشر على ذلك. وفي هذا السياق، يكتسب وصول الفرقاطة التركية «تي جي غي قينالي آدا» إلى ميناء بنغازي أهمية خاصة.
في 17 و18 أغسطس، زارت الفرقاطة «قينالي آدا» ميناء طرابلس، حيث رفعت العلم التركي في المياه الإقليمية الليبية برفقة الفرقاطة «تي جي غي غازي عنتاب»، التي تواصل مهامها ضمن مجموعة المهام البحرية التركية. وخلال هذه الزيارة، أجرى وفد تركي من القوات البحرية برئاسة الأميرال حسين طيغلي لقاءات رفيعة المستوى مع وزير الدفاع الليبي، ورئيس الأركان، وقائد البحرية، وقائد خفر السواحل، وقائد قاعدة طرابلس. غير أن البعد الأكثر لفتاً للانتباه كان توجه «قينالي آدا» إلى بنغازي بعد طرابلس. فاللقاءات المقررة اليوم وغدا في ميناء بنغازي تؤكد أن أنقرة تسعى إلى تعزيز علاقاتها ليس فقط مع طرابلس، بل أيضا مع شرق ليبيا.

لقد بدأت الانطلاقة التركية نحو بنغازي فعليا بقرار إعادة فتح القنصلية العامة عام 2024، بعد أن أُغلقت مؤقتا عام 2014. وفي هذا الإطار، التقى القنصل العام سركان كرامانلي أوغلو مع صدام حفتر، نجل خليفة حفتر. كما يُلاحظ أن زيارة صدام حفتر لأنقرة في 4 نيسان/أبريل 2025 حملت دلالات خاصة، إذ تزامنت مع الذكرى السنوية لاندلاع الحرب الأهلية الليبية في 2018. وقد جاء حفتر إلى أنقرة بدعوة رسمية والتقى فيها بوزير الدفاع التركي يشار غولر. ومن بين التطورات الحاسمة التي تنتظرها أنقرة في هذه المرحلة، مصادقة مجلس النواب في الشرق الليبي على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية الموقعة عام 2019 بين تركيا وحكومة الوفاق الوطني، والمسجلة رسميا لدى الأمم المتحدة في 30 أيلول/سبتمبر 2022. وفي حال تم التصديق، سينتهي الجدل القانوني حول هذه الاتفاقية. لذلك، فإن زيارة الفرقاطة «قينالي آدا» إلى بنغازي، لا تمثل مجرد «استعراض للعلم»، بل يجب النظر إليها كخطوة استراتيجية تؤكد دور تركيا في دعم الاستقرار في كامل ليبيا، وليس من المستبعد أن تليها زيارات رسمية لوفود عسكرية تركية إلى بنغازي في الفترة المقبلة. أما في قمة إسطنبول الثلاثية، فكان ملف ضبط الهجرة غير النظامية أبرز الموضوعات المطروحة. وقد أشادت ميلوني بـ»النتائج الممتازة» التي حققتها إيطاليا، من خلال التعاون مع تركيا، مؤكدة ضرورة الاستفادة من هذه التجربة لدعم جهود حكومة الوحدة الوطنية الليبية. وهذا يعني أن القوات المسلحة التركية قد تضطلع بدور أكبر في الحد من الهجرة غير النظامية عبر المتوسط.
وعلى صعيد الطاقة، فقد تم التوقيع في حزيران/يونيو على بروتوكول للتفاهم بين شركة البترول التركية (TPAO) والمؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا، لإجراء مسوحات زلزالية ثنائية الأبعاد في أربعة حقول بحرية. وبالنظر إلى أن البحرية التركية تُعد الحامي الطبيعي لعمليات التنقيب والمسوح البحرية، فإن زيارة «قينالي آدا» تحمل رسالة استراتيجية تتجاوز البعد الرمزي.
كاتب تركي



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد