المبادرات الملكية السامية – الورقة النقاشية الثانية لجلالة الملك

mainThumb

07-09-2025 01:14 PM

يعد كتاب "ملك وشعب" الذي أصدره الديوان الملكي الهاشمي العامر منجزا وطنيا هاما يوثّق المبادرات الملكية السامية الزاخرة بالخير والعطاء والإنسانية ضمن رحلة خيّرة لا ينضب عطاؤها بين ملك إنسان وأبناء شعبه. إن هذا الملف الإنساني والتنموي الذي يوليه جلالة سيدنا كل إهتمام حيث أسند أمر متابعته وتنفيذه إلى لجنة برئاسة معالي الأستاذ يوسف حسن العيسوي رئيس الديوان الملكي الهاشمي ضمن فريق عمل مخلص وجاد ليعكس صورة إرتباط ملك رحيم تجلّت صفات الإنسانية بأجل صورها مع أبناء شعبه الأردني بروح تنم عن إنتماء ومحبة قائد لوطنه ولشعبه، وولاء ومبايعة شعب لقائده بصدق وإخلاص.

لقد تضمّن كتاب ملك وشعب "الأوراق النقاشية لجلالة الملك" التي أطلقها جلالة سيدنا في 29/12/2012 التي جاءت لتكون محفّزا للحوار الوطني حول القضايا الكبرى التي تهم المجتمع الأردني مبينّا أن إرساء رؤية واضحة للاصلاح الشامل ومستقبل الديمقراطية في الأردن هو من الأولويات التي نحرص على تنفيذها بهدف بناء التوافق وتعزيز مشاركة الشعب في صنع القرار، وكذلك تحفيز حوار وطني حول مسيرة الإصلاح وعملية التحّول الديمقراطي التي يمر بها الأردن، بهدف بناء التوافق وتعزيز المشاركة الشعبية في صنع القرار، وإدامة الزخم البنّاء حول عملية الاصلاح. هذه الأوراق التي تضمّنت رؤية جلالة سيدنا لمسيرة الإصلاح الشامل في الأردن في مختلف المجالات.

وسأتناول هنا، في المقال الثامن عشر (18) ضمن سلسلة مقالات قراءة كتاب ملك وشعب "الورقة النقاشية الثانية لجلالة الملك" التي أعلنها جلالة سيدنا في السادس عشر من كانون الثاني عام 2013 بعنوان: "تطوير نظامنا الديموقراطي لخدمة جميع الأردنيين" التي جاء فيها والحديث لجلالة الملك: " إن مبادىء مسيرتنا ونهجنا الاصلاحي راسخة وواضحة، فنحن ملتزمون برعاية وتعزيز مبدأ التعددية السياسية وصون حقوق جميع المواطنين، ومستمرون أيضا في تطوير منظومة من الضوابط العملية لمبادىء الفصل والتوازن بين السلطات وآليات الرقابة من أجل بناء نظام ديموقراطي سليم، وسنعمل على تقوية مجتمعنا المدني، وسنحرص على توفير فرصة عادلة للجميع للتنافس السياسي، والإستمرارفي حماية حقوق المواطنين التي كفلها الدستور"
ونضمنّت الورقة النقاشية أن الديمقراطية في جوهرها هي عملية حيّة تمارس من قبل المواطنين والدولة على حد سواء حيث يشكّل الدستور الأردني أساس الحياة السياسية والديمقراطية ضمن إطاراتنظيمي لقرارات الدولة الأردنية وخياراتها. وقد حقّق الأردن تقدمّا واضحا في التطوّر والإرتقاء حيث أجريت تعديلات دستورية هدفت إلى تعزيز الفصل والتوازن بين السلطات، ورسخّت استقلال القضاء، وصون حقوق المواطن. كما تم إنشاء محكمة دستورية، وهيئة مستقلة للانتخاب. وهذه الإنجازات تهدف إلى تمكين شعبنا الأردني من رسم مستقبل الوطن بشفافية وعدالة وبمشاركة الجميع.
كما أن الإصلاح الديمقراطي يتطلب تطويرا مستمرا للنهج الذي يحكم الممارسات والعلاقة بين المواطنين، والجهاز الحكومي، والنواب الذين يحملون أمانة ومسؤولية اتخاذ القرار بالنيابة عن المواطنين الذين انتخبوهم للوصول إلى تكوين مجتمع ديمقراطي متقدم ضمن نهج إصلاحي واضح في مسيرة التحّول الديمقراطي . ومن هنا، تعتبر الورقة النقاشية الثانية لجلالة سيدنا خطوة هامّة نحو تعزيز الديمقراطية في الأردن، من خلال تحديد الأدوار والمسؤوليات التي تقع على عاتق مختلف المكونات السياسية والمؤسسية في بناء نظام ديمقراطي فعّال وقادر على خدمة جميع المواطنين.

وممّا جاء في الورقة النقاشية الثانية، أن المبدأ الأساسي للديمقراطيات الحديثة يقوم على إختيار الشعب لممثلين ينوبون عنه في إتخاذ القرارات على مستوى الوطن.، وأن الوصول إلى الحكومات البرلمانية يعتمد على الخبرة المتراكمة والأداء الفاعل التي تتمثل في وجود متطلبات أساسية تشمل بروز أحزاب وطنية فاعلة وقادرة على التعبير عن مصالح وأولويات وهموم المجتمعات المحلية ضمن برامج وطنية قابلة للتطبيق، وتشكيل كتل نيابية قوية لتكون قادرة على تشكيل حكومات برلمانية يكون أعضاؤها جزءًا من الأحزاب السياسية التي تتنافس على مستوى وطني، وتعمل ببرامج واضحة في مجلس النواب.

الأمر الذي يتطلب تطوير عمل الجهاز الحكومي على أسس من المهنية والحياد، لتكون خبرات الجهاز الحكومي مرجعا موثوقا للمعرفة والمساندة الفنية والمهنية يدعم وزراء الحكومة السياسية ويساعدهم في اتخاذ صنع القرار.

إضافة إلى ضرورة تغيير الأعراف البرلمانية من خلال تطوير النظام الداخلي لمجلس النواب، بما يعزّز نهج الحكومات البرلمانية، حيث أن للأعراف البرلمانية أهمية كبيرة في تأطير آلية تشكيل الحكومات، من خلال التشاور بين الكتل النيابية من أجل بلورة فهم مشترك حول كيفية وصول الكتل البرلمانية إلى وضع برامج تعكس سياسات متفق عليها، كأساس للتعاون والإستقرار الحكومي، مع مراعاة أخذ دور أحزاب المعارضة التي تتبنى أعرافا برلمانية مماثلة تحكم آلية التعاون فيما بينها لتكون قادرة على مساءلة الحكومة، وعرض رؤى بديلة (كحكومة ظل)، الأمر الذي يشكّل أحد عناصر النجاح لتجربة الحكومات البرلمانية حيث أن تطبيق ذلك ونجاحه يعتبر أساسا للتحّول الديمقراطي في النظام السياسي في بلدنا.

وخلصت الورقة إلى ضرورة تقدّيم برامج وطنية من قبل الأحزاب السياسية في كل المجالات التي تهم أولويات بلدنا في قطاعت التعليم والصحة والزراعة، ومعالجة قضايا الشباب والبطالة وإيجاد فرص عمل، وزيادة النمو الاقتصادي، ووضع حلول للمشاكل الإجتماعية، وإيجاد تشريعات قانونية تخدم الوطن والمواطن. وهذا يتطلب تطويرعمل الجهاز الحكومي بعيدا عن تسيس العمل ليكون رديفا ومساندا للحكومات البرلمانية ووزرائها، وكذلك تطوير النظام الداخلي لمجلس النواب بما يراعي تغيير الأعراف البرلمانية وبما يعّزز نهج الحكومات البرلمانية.

كما أن سرعة تنفيذ هذه المتطلبات يعتبر أساسا للتحوّل الديمقراطي في نظام بلدنا السياسي، ممّا يدعو العديد من المؤسسات السياسية ومكوّنات مجتمعنا الأردني لتأخذ أدوارا وتتحمل مسؤوليات جديدة لنجاح التجربة، ووضعها على الطريق الصحيح التي تخدم بلدنا وتنهض به، هذه الأدوار والمسوؤليات التي تضمنتها الورقة النقاشية الثالثة لجلالة الملك ستكون محور الحديث في المقال القادم.

نعم، إنه الفكر الملكي الهاشمي الذي يضع استراتيجيات ورؤية للمستقيل التي تضمنتها الأوراق النقاشية لجلالة الملك التي جاءت تحفيزا للجوار الوطني، ضمن منظومة عمل جادة تعمل بضمير مؤسسي مسؤول الذي أنجزه الديوان الملكي الهاشمي العامر بيت جلالة سيدنا وبيت الأردنيين جميعا، يرافق ذلك جهود تقوم على الإخلاص والتفاني في العمل في ظل مجتمع متكافل واحد موحّد ومتماسك يزرع بذور الخير والعطاء والإنسانية، برعاية وإهتمام جلالة سيدنا الملك الإنسان عبد الله الثاني بن الحسين أعز الله ملكه القدوة لنا جميعا في الإنجاز والعمل وللحديث بقية.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد