"حِسبة اربد "مشروع في مهب المناكفات ..

mainThumb

18-09-2025 05:44 PM

اربد - السوسنة - كتب نادر خطاطبة - إن صحت الاختلالات، التي توشك أن تجهض مشروع إعادة تأهيل وإنشاء حسبة خضار المفرّق (الجورة ) في إربد، بطمرها والتخلي عن المشروع، فالأجدر أن تتحمل وزارة الإدارة المحلية وزر الخسائر.

فالوزارة لاعتبارات انها جهة السماح لمجلس البلدية السابق، الاقتراض من بنك محلي لتمويل المشروع، متكئين على أن الموافقة استندت إلى مخططات هندسية وفنية، ودراسات جدوى اقتصادية، ملامة فيما يجري من مهابدة بالتصريحات الإعلامية اللاحقة، التي راحت تنفي جدواها وفنياتها، وأرهقت المشهد بعلامات استفهام توحي أن إدارة لجنة البلدية المعيّنة، أقرب إلى تصفية الحسابات، منها إلى معالجة ملف عمره عقود.

ولمن يجهل حيثيات القضية، فمشكلة الحسبة بيئيا وإنشائيا واجتماعيا قديمة، وشكلت همّا متوارثا لرؤساء بلديات ولجان إدارة متعاقبة، والوزير الحالي نفسه كان قد واجهها وقت رئاسته لإحدى اللجان قبل عقدين وأكثر، وكانت ضمن أجندات ما سمي حينها بمشروع إحياء وسط إربد التجاري. وقرار ردمها قبل سنتين، نفذ بالتوافق مع القطاع المتضرر للإخلاء (التجار)، على أن يعودوا لاحقًا ضمن ضوابط استثمارية، اتُّفق عليها بالتراضي.

ورغم بطء اجراءات قرار التنفيذ لاعتبارات غياب التمويل، كما هي عادة المشاريع الأردنية، إلا أن التمويل توافر بموافقة الوزير، وبضمانة بنك تجاري، ما يعني أن نقطة الانطلاق، كانت مبنية على دراسات مالية وهندسية مكتملة، وطرحت لاحقا وثائق العطاء للمقاولين، إلى أن جاءت اللجنة بعد حل المجالس البلدية، لتستطيب مقترح او خيار "طمر حفرة بداية المشروع"، بذريعة وجود أخطاء في التصميم، وهي ذريعة تستوجب التوقف عندها طويلا، لأنها تجرح كفاءة كل من له علاقة بالمشروع، وفي مقدمتهم الوزارة.

المحزن – والمثير للسخرية في آن معا– أن يُجمع أهل اختصاص على مشروع سوق خضار طابقي يخدمه مواقف سيارات، بهدف إنهاء مشكلات بيئية، ومرورية واجتماعية، ويسوق كنموذج استثماري ناجح، ثم يأتي فريق يسمى "لجنة إدارة" لينسفّ ما بُني على علم وأرقام، بحجج أقرب إلى "تسفيط السوالف" منها إلى طروحات فنية جادة، وما القول إن عثرات المشروع ستزجه في المحاكم لسنوات، الا مجرد إطلاق كلام بلا توضيحات.

القصة – على ما يبدو – أكبر من مجرد إعادة تأهيل أو استثمار مجدٍ أو غير مجدٍ، هي قصة تراجع رسمي وإعلامي، وتسحيج يفرض التساؤل إلى متى يستمر الصمت؟ فالأمر بات يحتاج إلى مرجعية عليا للتدخل، ولن يضير رئيس الوزراء، الذي اعتاد حمل ورقة وقلم لمعالجة اختلال في مدرسة ابتدائية، بمنطقة نائية، أن يستدعي رئيس البلدية السابق، وجهة التصميم، ورئيس اللجنة، وممثل وحدة الاستثمار في البلدية ليستمع إليهم وحتى فرق الوزارة الفنية، ليفصل الامر، بحكم مقنع حتى لو كان مؤلما، بدل حالة الردح والتلاسن الإعلامي التي نعيشها.

وسياق حالة التلاسن والتراشق إعلاميا، اكتملت ذروتها اليوم ببيان من البلدية يبرر قرار طمر الحفريات (الجورة)، وهو بيان لا يخلو من الطرافة، اذ ورد فيه:
"تؤكد بلدية إربد الكبرى أن القرارات المتعلقة بالاستثمارات أو التراجع عنها تُتخذ بعد دراسة شاملة لجميع الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والأمنية(...) وأن سلامة وصحة المواطن تأتي في مقدمة أولوياتها قبل أي عائد مادي محتمل، وأن العائد الحقيقي يتمثل في الحفاظ على سلامة المجتمع(...) " ترى أين كانت هذه الدراسة، ودرجة الانحياز لسلامة المواطن قبل إخلاء التجار، والهدم، ودراسات المشروع وتصاميمه، ارحمونا يا رعاكم الله..

اخيرا .. وحتى لا تفسر الأمور على أنها موقف شخصي منحاز لطرف على حساب اخر، اقر بكفاءة إدارة رئيس اللجنة عماد العزام لدفة العمل البلدي في قضايا اساسية خاصة البيئة وإصلاح الشوارع ضمن الممكن، والتوسع لخدمات جهات اخرى، وان كنت اعتقد انه يحظى بدعم رسمي لافت بهذا الجانب، لكن ذلك لا ينتقص من حسن ادارته ، كما اقر ان رئيس البلدية السابق ورغم تحفظات الكثيرين على ادائه، كان ( غير مرضي عنه ) ما أفضى الى تكسير مجاديفه، وهذه أراء شخصية لا أكثر..

الخلاصة، ان مشروع الحسبة ليس مجرد مبنى مؤجل أو دفاتر هندسية موضوعة على الرف، بل هو اختبار حقيقي لجدية الإدارة المحلية، بين من يصرّ على تحويله إلى قصة نجاح، ومن يريد طمره تحت ركام الحسابات والمناكفات.

وسلامتكوا.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد