الأردن جسرٌ للاستثمار وحارسٌ للاستقرار
مع بدء التحول في المشهد الدبلوماسي الإقليمي والدولي تجاه سوريا، واتجاه العديد من الدول إلى تطبيع علاقاتها مع دمشق، يقف الأردن على عتبة فرصة تاريخية لتعزيز مكانته الإقليمية وتحقيق مصالحه الوطنية. لم يعد الأمر يتعلق بمجرد استغلال الفرص الاقتصادية، بل بتصميم دور دبلوماسي استباقي يمكّن الأردن من أن يكون جسراً للاستثمارات الإقليمية إلى سوريا، وحارساً للاستقرار في المنطقة، مما يعزز أمنه القومي ويحقق مكاسب اقتصادية وسياسية طويلة الأمد.
بعد أكثر من عقد من الحرب والعزلة، تشهد سوريا حالياً انفتاحاً دبلوماسياً متدرجاً، إذ أعادت 15 دولة عربية فتح سفاراتها أو استئناف العلاقات الاقتصادية منذ عام 2022 وفق بيانات جامعة الدول العربية. كما يشير تقرير للبنك الدولي (2023) إلى أن إعادة إعمار سوريا قد تتطلب استثمارات تتجاوز 250 مليار دولار على مدى عقدين. هذا الرقم يعكس حجم الفرص، لكنه في الوقت ذاته يبرز المخاطر التنافسية، حيث تتسابق قوى إقليمية ودولية مثل إيران وروسيا وتركيا والصين لتأمين موطئ قدم في السوق السورية.
يتمتع الأردن بموقع جيوسياسي فريد يجعله همزة الوصل الطبيعية بين الخليج وسوريا. ومع امتلاك دول الخليج احتياطيات مالية تتجاوز 2.9 تريليون دولار بحسب صندوق النقد الدولي (2024)، ورغبتها في الاستثمار بحذر في إعادة الإعمار، يمكن للأردن أن يقدّم نفسه كضامن وشريك آمن. صيغة عملية مقترحة تقوم على "التمويل الخليجي – الإدارة الأردنية – التنفيذ في سوريا"، حيث يقدّم الخليج التمويل، وتتولى الشركات الأردنية الإدارة، فيما يتم التنفيذ على الأرض السورية عبر شراكات محلية.
وفق غرفة صناعة الأردن، بلغت الاستثمارات الأردنية في مشاريع مرتبطة بسوريا نحو 50 مليون دولار خلال 2022–2023، مع توقعات بارتفاعها إلى 200 مليون دولار بحلول 2028، وهو ما يفتح فرصاً لآلاف الوظائف الأردنية. هذه الأرقام تعكس إمكانية الأردن في تحويل موقعه الجغرافي إلى رافعة اقتصادية حقيقية، وتمنحه فرصة لتثبيت دوره كفاعل إقليمي لا يقتصر على الجانب الأمني فقط. الأهم أن هذه الاستثمارات يمكن أن تخفف من ضغوط البطالة المرتفعة التي تتجاوز 21% وفق دائرة الإحصاءات العامة (2024)، وتساعد على تنشيط الاقتصاد المحلي بما ينعكس على الإيرادات الحكومية. وفي حال توسعت الاستثمارات إلى نصف مليار دولار بحلول 2030، فإن مساهمتها قد ترفع الناتج المحلي الإجمالي بما يخفف من أعباء الدين العام الذي يقترب من 110% من الناتج المحلي.
تعزيز هذا الدور الوسيط لا يرفع الاقتصاد الأردني فقط، بل يمنحه نفوذاً سياسياً متزايداً. إذ يمكن لعمان أن تصبح منصة رئيسية للحوار حول قضايا أمنية إقليمية مثل مكافحة الإرهاب وتهريب المخدرات. وقد أشار تقرير الأمم المتحدة لعام 2023 حول المخدرات إلى أن 80% من شحنات الكبتاغون التي تم ضبطها في المنطقة كانت في طريقها عبر الحدود السورية-الأردنية، وهو ما يجعل حماية الحدود الأردنية قضية إقليمية ودولية في آن معاً، وليست محلية فحسب.
التعامل مع الملف السوري يفرض على الأردن دبلوماسية مرنة ومتعددة الأبعاد. فهو يتعامل مع روسيا وإيران كفاعلين مؤثرين على الأرض، ومع الولايات المتحدة التي ما زالت تفرض عقوبات "قانون قيصر"، ومع دول الخليج كممول محتمل. التحدي يكمن في تجنب الانحياز المطلق لأي طرف، والحفاظ على مسافة تتيح للأردن حماية مصالحه الوطنية وفي مقدمتها أمن الحدود واستقرار سوريا.
في أفضل السيناريوهات المستقبلية، ينجح الأردن في بناء صيغة اقتصادية – دبلوماسية تجعله شريكاً رئيسياً في إعادة الإعمار، ويرتفع حجم الاستثمارات المرتبطة بسوريا إلى أكثر من 500 مليون دولار بحلول 2030، مع تراجع تهريب المخدرات عبر الحدود بنسبة تفوق 60% نتيجة تعاون أمني إقليمي، وتعزيز مكانة الأردن كوسيط محايد قادر على جذب دعم مالي من مؤسسات دولية مثل البنك الدولي وصناديق الإعمار الخليجية. هذا السيناريو سيساعد في خلق وظائف إضافية للشباب الأردني، ويمنح المالية العامة متنفساً يخفف تدريجياً من عجز الموازنة والدين العام.
أما في أسوأ السيناريوهات، فقد تستمر العقوبات الغربية بل وتتوسع، مما يعيق دخول الشركات الأردنية إلى السوق السورية. كما قد تحدّ المنافسة الإقليمية خصوصاً من تركيا وإيران من قدرة الأردن على لعب دور الوسيط. وفي حال تصاعدت التهديدات الأمنية على الحدود مع ازدياد تهريب المخدرات والإرهاب، فقد يفرض ذلك على الأردن أعباء أمنية ومالية إضافية تتجاوز مليار دولار سنوياً وفق تقديرات مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية لعام 2024، مما يفاقم الضغوط على الموازنة ويبطئ فرص خفض الدين العام.
إن التحول الدبلوماسي حول سوريا يمثل اختباراً للذكاء الاستراتيجي الأردني. عبر الجمع بين دوره الجغرافي والاقتصادي والدبلوماسي، يمكن للأردن أن يحول حدوده من عبء إلى مصدر قوة، وأن يصبح جسراً للاستثمار، منصة للحوار، وحارساً للاستقرار. التحدي كبير، لكن النجاح في إدارة هذا الملف سيمنح الأردن مكاسب اقتصادية وأمنية وسياسية قد تعيد رسم مكانته الإقليمية لعقود قادمة.
الجامعة الأردنيّة تعلن نتائج جائزة الباحث المتميز
مصر: لن نكون بوابة لتهجير الفلسطينيين
السميرات يتفقد موقع إنشاء مشروع قرية الابتكار بالعقبة
فوزان للفيصلي والوحدات في دوري المحترفين
صندوق النقد والحكومات الأردنية وفرقها الاقتصادية
عودة العقوبات الأممية على إيران ابتداءً من الليلة
الأردن جسرٌ للاستثمار وحارسٌ للاستقرار
ابزاخ يتأهل إلى نهائي بطولة الفنون القتالية
الرواشدة يرعى تخريج طلبة مركز تدريب الفنون بالعقبة
الإسرائيليون يتلقون مكالمات هاتفية مرعبة وتحرك رسمي لمواجهتها
هزيمة أولى قاتلة لليفربول أمام كريستال بالاس
مدعوون للمقابلات الشخصية واستكمال التعيين في الحكومة .. أسماء
واشنطن تقر دواءً لعلاج التوحد وسط تحذيرات من ترامب للنساء
قياس ضغط الدم في الوقت الخطأ قد يربك التشخيص
إعلان نتائج القبول الموحد للجامعات الرسمية .. رابط
الاعتراف بدولة فلسطين: رمزية أم تغيير في قواعد اللعبة
الذهب يصل إلى أعلى مستوى له بتاريخ الأردن
الزراعة النيابية تؤكد أهمية فتح أسواق خارجية وتعزيز الأمن الغذائي
من يسار الصحوة الأميركية إلى يمين الترمبية
خدمات الأعيان تتابع تنفيذ إستراتيجية النقل العام
موعد بدء استقبال طلبات إساءة الاختيار بالقبول الموحد
الأحزاب والمالية تشيدان بخطاب الملك بالأمم المتحدة