الذاكرة لا تغرق
سبعُ سنواتٍ انقضت على فاجعة البحر الميت، حين ابتلع الطين والماء أطفالًا خرجوا في رحلةٍ مدرسيةٍ كان يفترض أن تكون يومًا للفرح، فتحوّلت إلى مأتمٍ وطنيٍّ شاهِدٍ على استهتارٍ إداريٍّ لا يُغتفر. سبعُ سنواتٍ تغيّرت فيها الحكومات وتبدّلت الوجوه، لكن الكراسي بقيت كما هي، ومنظومة المحاسبة ظلّت جامدةً كأنها خارج التاريخ، وكأنّ دماء الأبرياء لا تكفي لتهزّ كرسيًا أو توقظ ضميرًا غافلًا.
التحقيقات يومها اكتفت بعباراتٍ باهتة عن “ظروفٍ استثنائية” و“عوامل خارجةٍ عن السيطرة”، وكأنّ الفاجعة من صنع الطبيعة لا من صُنع الإهمال. غير أنّ ما خرج عن السيطرة حقًّا لم يكن الطقس، بل الضمير الإداري الذي غرق في بيروقراطية الأعذار. التنظيم كان عبثيًا، والتحذير غائبًا، والرحلة تحوّلت إلى نموذجٍ مصغّر لمنظومةٍ تربويةٍ تفتقر إلى الحوكمة والجاهزية، حيث تتوزع المسؤولية بطريقةٍ تضمن ألّا يُحاسَب أحد.
كانت الرحلة وعدًا بالتعلّم، فانتهت درسًا بالموت. لم يكن القدر هو القاتل، بل عجزُ التخطيط وغفلةُ الرقابة وتراخيُ القرار. ومع ذلك، كان الصمت الرسمي أكثر فداحةً من الفاجعة نفسها؛ بياناتٌ باهتة وتصريحاتٌ مطاطية، وكأنّ الحادث جزءٌ من روتينٍ إداريٍّ يوميّ. انتهى التحقيق، ودُفنت المساءلة مع الأطفال، فيما ظلّت المناصب تسبح فوق الماء.
أيُّ معنى للتربية حين يُمنَح من أخفق في حماية الطلبة شرف الحديث باسم التعليم؟ وأيُّ درسٍ أخلاقي يمكن تلقينه بعد أن خذلت المؤسسات أبناءها في أبسط حقوقهم: الحق في الحياة؟ إنّ المسؤولية لا تُقاس بالقوانين ولا تُختزل في استقالاتٍ شكلية، بل تُجسَّد في موقفٍ أخلاقيٍّ يليق بحجم الفاجعة، يقول صاحبه “أنا المسؤول”. لم يكن المطلوب تضخيم الألم، بل تحويله إلى وعيٍ مؤسسيٍّ يعيد تعريف مفهوم المسؤولية العامة. فالمحاسبة ليست انتقامًا، بل أساس الثقة بين المواطن والدولة، والاعتراف بالخطأ ليس ضعفًا بل نضجٌ سياسيٌّ وأخلاقيّ. لكننا كالعادة اخترنا الصمت، فكافأنا الفشل بالاستمرار، وتركنا الكرامة تغرق دون وداع.
الزمن لا يُرمّم الكرامة، والصمت لا يغسل الدم. وما حدث في البحر الميت لم يكن حادثًا عابرًا، بل زلزالًا أخلاقيًا كشف هشاشة الإدارة وغياب الضمير العام. لم يكن الأطفال أرقامًا في سجل، بل أمانةً خانها من ظنّ أن المنصب درعٌ لا يُخترق. لقد غرق الضمير قبل الجسد، وطفا العجز على السطح كعلامةٍ على موت العدالة.
كانت فاجعة البحر الميت صفعةً على وجه الوطن، تذكّرنا أن حياة أبنائنا ليست بندًا في تقريرٍ ولا رقمًا في بيان. سبع سنواتٍ مضت، وما زالت الذاكرة ترفض الغرق. نحن لا نطلب انتقامًا، بل عدالةً تُعيد للضمير هيبته وللمسؤولية معناها. فكم من مرةٍ سنسمع “القضاء قال كلمته” قبل أن يقول الضمير كلمته؟
ما حدث لم يكن قدرًا، بل نتيجةٌ حتميةٌ لفسادٍ إداريٍّ متراكمٍ وجبنٍ في الاعتراف. الضمير الوطني لا يحتاج إلى لجان تحقيق، بل إلى شجاعةٍ في النظر في المرآة. فكلُّ منصبٍ يُمنَح بعد الفاجعة دون مساءلةٍ هو خيانةٌ ثانيةٌ لدماء الصغار.
التاريخ لا ينسى، والبحر الميت ما زال يحتفظ بأسرار اليوم الذي غرقنا فيه جميعًا — لا في الماء، بل في صمتنا.
ارتفاع سعر أونصة الفضة يتجاوز 100% منذ مطلع 2025
التنمية تعلن حل 66 جمعية .. أسماء
مصر تهزم زيمبابوي في افتتاح مشوارها بكأس أمم أفريقيا 2025
الداخلية السورية: قسد نفذت اعتداءات ممنهجة على أحياء حلب ومشفى الرازي
وزيرة الأمن الداخلي الأميركية: على مادورو الرحيل
تراجع مبيعات العقار 13% .. ومطالب بتخفيض فوائد القروض السكنية
بحبح: حماس مستعدة للتفاوض حول نزع السلاح
نواب: قانون المعاملات الإلكترونية الجديد يلغي الاستثناءات
ممداني يشجّع أسود الأطلس وسط الجالية المغربية
قصي خولي ينهمر في البكاء .. ما السبب
إيمي سمير غانم تثير الجدل: لو حسن الرداد تزوج غيري من حقه
قيادة أركان الجيش السوري تأمر بوقف استهداف مصادر نيران قوات "قسد"
مهاجم زامبيا يسقط على رقبته بعد هدف قاتل في كأس أمم افريقيا
الحسين إربد يتعاقد مع البرازيلي ني فرانكو مديرا فنيا للفريق الأول
نتنياهو: إسرائيل تعلم أن إيران تجري "تدريبات" في الآونة الأخيرة
وظائف شاغرة في الضمان الاجتماعي والبحرية الأردنية .. تفاصيل
طريقة لزيادة عمر بطاريات الهواتف الذكية
أبرز مواصفات الهاتف المنتظر من Realme
تجارة عمان تدعو لإنشاء مجلس أعمال أردني -أذري
وظائف شاغرة بدائرة العطاءات الحكومية
الأردن يوقع اتفاقيتي توسعة السمرا وتعزيز مياه وادي الأردن
الصناعة توافق على استحواذين في قطاعي الطاقة والإسمنت
المملكة على موعد مع منخفض جوي جديد .. أمطار وزخات ثلجية وصقيع واسع ليلاً
الأردن يشارك في البازار الدبلوماسي السنوي للأمم المتحدة
جماهير الأرجنتين تنحني للنشامى بعد نهائي كأس العرب
بحث التعاون بين البلقاء التطبيقية والكهرباء الأردنية




