محافظة إربد: كنز سياحي مُغيَّب .. صور

mainThumb
دار السرايا

26-10-2025 09:54 PM

اربد – السوسنة – أسيل بني عيسى - تتمتع محافظة إربد بعدد من المواقع الأثرية والتاريخية، مما الحركة السياحة، إذ أنها تتنوع بين السياحة العلاجية والتاريخية والثقافية والدينية والطبيعة والترفيهية .. إلخ، إلا أن هذه المواقع لا تحظَ باهتمام كبير من قبل الجهات المعنية والمختصة، ما قد يؤثر على أعداد الزوار .

وتوضيحا لذلك، بلغ عدد سياح أم قيس في عام ٢٠٢٤ ما يقارب ٧٩ ألف من السياح المحليين والأجانب، أما في عام ٢٠٢٣ تجاوز عدد السياح الكلي ٩٨ الف، إذ سجلت الانخفاض بين العامين بقرابة ١٩ ألف سائح، بحسب إحصائيات وزارة السياحة.

ويشير رئيس جمعية التنمية للإنسان والبيئة الأردنية الباحث السياحي الدكتور أحمد شريدة، إلى الأسباب الرئيسية لضعف السياحة في محافظة إربد، منها، ضعف البنية التحتية، إذ أن معظم الطرق المؤدية للمواقع السياحية والأثرية هي طرق زراعية متهالكة، وعدم توفر الخدمات التي تتمثل بمراكز الزوار والاستقبال، التي تقدم الخدمات والفعاليات السياحية.

وهناك ضعف اهتمام ملحوظ بالمواقع السياحية والأثرية من قبل الجهات المعنية، إذ يقع الدور الأكبر على البلديات التابع لها كل موقع، إلا أن بعض البلديات بدأت مؤخرا بالاستثمار في مشروع تطوير السياحة، وذلك من خلال انتشار فنادق ونزل وشاليهات في الفترة الأخيرة، وهذا يعتمد على السياحة الداخلية أكثر من الخارجية.

وتتوزع الحركة السياحة في محافظة إربد ما بين لواء الكورة، ولواء الأغوار الشمالية، ولواء بني كنانة، والألوية الأخرى بشكل بسيط، وتتركز على السياحة الأثرية والتي تشمل، أم قيس، وبيت رأس، وطبقة فحل، وكهف السيد المسيح، وأضرحة الصحابة، وفقا لما ذكره الدكتور أحمد شريدة.

وأكد أنه في فصل الربيع تنمو مظاهر السياحة بشكل أكثر، إذ يزداد عدد السياح والزوار، نتيجة وجود الغطاء النباتي الأخضر، والطقس المعتدل، إضافة إلى مهرجانات المنتجات الزراعية التي تقام في بعض مناطق المحافظة منها، مهرجان الرمان والتفاح، إذ تساعد على جذب السياح والتسويق السياحي.

وفي السياق ذاته، تُعد السياحة الثقافية ذات أهمية خاصة، لارتباطها بالسياحة الأثرية بشكل خاص، إذ من الممكن اعتبار "أم قيس" عاصمة السياحة الثقافية في الأردن، وذلك لاتصالها بعدة ثقافات وعصور، منها العصر اليوناني والهيلينستي، وتُعتبر مدينة الشاعر اليوناني "ميلياجروس".

وكما دعا الشريدة الجهات المعنية إلى وجوب تنشيط السياحة الثقافية إلى جانب السياحة الأثرية، ومن ثم تقديم منتج سياحي متكامل، وتوفير خدمات الطعام والشراب والإيواء، لإطالة فترة السياحة، الأمر الذي يوفر فرص عمل لأبناء المناطق، مما يقلل من نسب البطالة.


وفيما تُشكل عملية إشراك كل من المجتمع المحلي ومؤسسات المجتمع المدني والجمعيات والأندية السياحية والبلديات، والجامعات والمعاهد المختصة بالسياحة، ضرورة مهمة في عملية تنشيط السياحة، يهدف ذلك إلى إقامة منشآت سياحية متكاملة تليق بمحافظة إربد، التي تتنوع السياحة فيها ما بين الجيولوجية والدينية والثقافية والجبلية والزراعية.
من جانبه، قال الأكاديمي في كلية الآثار بجامعة اليرموك الدكتور محمد جرادات، :"هناك نوعان من المواقع الأثرية، الأول المواقع الأثرية المكتشفة ومسجلة في دائرة الآثار، ومستملكة من قبل وزارة السياحة والآثار الأردنية، النوع الثاني، هي المواقع المكتشفة ولم يتم استملاكها من قبل دائرة الآثار العامة، بحكم نقص التمويل والميزانية المتدنية."

وتُعتبر المواقع الأثرية غير المستملكة من قبل دائرة الآثار، عرضة دائمة للتدمير بفعل العوامل الجوية، أو للعبث من قبل بعض أفراد المجتمع المحلي والباحثين عن الكنوز والذهب، ما يُفقدها قيمتها التاريخية والمعنوية.

وأشار الجرادات إلى عدة مواقع أثرية في إربد تمثل فترات عديدة من العصور القديمة لغاية الفترات الإسلامية لم تحظَ بعد بالترويج، منها منطقة وادي الشلالة (تل الفخار) الواقع بين إربد ومدينة الرمثا، وموقع خربة الزيرقون التي تمثل العصر البرونزي المبكر ٣٠٠٠ ق.م، إذ تعد المدينة المحصنة الوحيدة موجودة في إقليم الشمال، ولم يتم استملاكها من قبل دائرة الآثار.

وحسب ما ذكر، يوجد عدة مناطق أخرى مهمة ونادرة تعود إلى العصر الحديدي والعصر البرونزي المبكر والفترات الرومانية والبيزنطية، إلا أن هذه المواقع متروكة للعبث بها، ومغيبة عن الساحة الإعلامية، رغم انها قد تُشكل مسارات سياحية مهمة في محافظة إربد، في حال حظيت بالاهتمام اللازم.

ومن أبرز التحديات التي تعاني منها المواقع الأثرية، ضعف اهتمام المجتمع الرسمي، ويعد نقص الموارد المالية، العقبة الأساسية والرئيسية أمام إجراء المزيد من الحفريات، وصيانة المواقع الأثرية.

وتحتوي محافظة إربد على قسم متخصص في صيانة وترميم المصادر التراثية في جامعة اليرموك، إلا أن التمويل له ضئيل جدا.
ويعد غياب الوعي لدى المجتمع المحلي لأهمية المواقع الأثرية، وعدم ربطها تاريخيا بجذور الهوية الوطنية، من أبرز أسباب ضعف السياحة، إذ ينظر إلى هذه المواقع كمصدر رزق فقط.

واختتم الجرادات حديثه بالتأكيد على أهمية دور المؤسسات الرسمية في عملية نشر الوعي السياحي، من خلال تكثيف استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، والمواقع الإلكترونية، والمحطات التلفزيونية والإذاعية، للحفاظ على السياحة في المحافظة.

وفيما يخص إقبال السياح على الخدمات السياحية، تواصلت صحيفة السوسنة مع عدد من مالكي المطاعم والشاليهات في منطقة أم قيس، إلا أن أحدهم رفض التعليق بشكل مباشر، مكتفياً بقوله "يمكنكم التواصل مع وزارة السياحة بهذا الخصوص".

في المقابل،قال مدير أحد المطاعم في أم قيس، بإن نسبة إقبال السياح الأجانب انخفضت ٩٥٪، بينما تراجعت نسبة السياح العرب ٧٠٪، ويعزى ذلك إلى القيود المفروضة على غير الأردنيين، مؤكدا على أن الإقبال على المطعم يشهد ارتفاعا في فصلي الربيع والصيف، بينما ينخفض بنسبة ١٠٪ خلال الفترة ما بين شهر تشرين الأول لنهاية شهر شباط، مبينا أن غالبية الزوار العرب هم من دول الخليج.

أما عن دور الجهات المعنية، تم التواصل مع مديرية سياحة إربد للحصول على توضيحات حول خطط الترويج السياحي للمواقع الأثرية في المحافظة، إلا أن الرد الرسمي لم يصل حتى تاريخ إعداد التقرير.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد