هل يفنى النفط قريباً أم ينهزم؟

mainThumb

26-01-2016 02:46 PM

مرت البشرية خلال بضعة الآف من السنين في عدة عصور كان الإنسان يقبع في كل ‏منها دهرا من الزمن لكن العقل البشري كان ينفلت دائما من عقاله ويطمح إلى ما هو ‏أفضل في تحسين واقع الحياة بمغادرة عصر إلى آخر.‏
ما يلفت أن الإنتقال بين العصور لم يكن بسبب نقص أو فقد مادة العصر المهمة في حينه ‏فقد ذهب العصر الحجري دون أن تنتهي الحجارة ولم نعبر من عصر البرونز إلى ‏عصرالحديد إلى عصر الفحم بإنتهاء أي منهم لكن الإنسان بقي يبحث دائما عن البديل ‏الأمثل في الوصول إلى حياة أفضل.‏
 
في العصر الحاضر لم ينتهي الفحم في حياتنا لنبدأ في استخدام النفط الذي عرف منذ ‏القرن التاسع عشر وبدأ التوسع في إنتاجه منذ الثلث الأول من القرن العشرين.‏
 
لقد كان لأمتنا نصيبٌ هام من السائل الأسود وإن لم يكن لها يدٌ في اكتشافه أو استخراجه ‏أو تحويله بل عملت على ذلك شركات أجنبية كبرى سميت وقتها ب"الأخوات السبع" ‏وكانت تقاسم الدول في هذه الثروة الجديدة.‏
 
لا ينكر أحدٌ القيمة الحيوية للنفط في صنع نهضة اقتصادية واجتماعية في دول النفط ‏نفسها بل في غيرها من اقطار العرب من خلال استقطاب أعداد كبيرة من العاملين ‏وكذلك تقديم المساعدات المباشرة لكن لم يمنع ذلك من ظهور بعض السلبيات التي ‏رافقت المرحلة وربما لم تستطع الأمة أن تتعاطى مع هذه السلعة كمادة استراتيجية من ‏حيت الإنتاج والمخزون ودالة ما أقول يتمثل في إنتاج فائض دائم بسبب الخلافات ‏المستمرة بين عرب النفط (أوابك) أو داخل المنظمة الأشمل (أوبك).‏
 
كانت اسعار النفط في أغلب الوقت يحكمها سياسة السوق ونظرية العرض والطلب ‏فضلا عن التنافس بين الأعضاء في أوبك وخارجها من اجل جني الثمار والأرباح ‏سريعا.‏
 
حاولت الدول المنتجة أن تفيد من الطفرة النفطية في مراحل متباينة فأنشات البنى التحتية ‏ونشطت القطاعات الاقتصادية وزادت الرفاهية الا أن ما يؤخذ عليها أن اقتصادها بقي ‏يعتمد على النفط وحده –تقريبا- حتى أنتبهت مؤخرا فبنت صناعات موازية ونوعت ‏مصادر الدخل وانشأت صناديق سيادية استثمارية.‏
 
من ثلاث دولارات للبرميل في الستينات إلى مئة وسبعة وأربعين دولار كقمة سعر ‏تاريخية يصلها برميل النفط في عام 2008 ليهبط إلى أربعين دولار في أواخر العام ‏نفسه بقيت الأسعار تتقلب هبوطا وصعودا تبعا للمعروض من المادة وظروف ‏المستهلكين وتقلبات الفصول ونشوب النزاعات بل أن النفط نفسه اشعلها في أكثر من ‏مكان واليوم تطيح إلى مستويات قياسية لكن الأمل بارتفاعها في وقت قريب يبدو بعيدا.‏
 
حاول العرب ذات يوم أن يستثمروا هذه المادة استراتيجيا أو كسلاح في وجه من يقف ‏مع اسرائيل ولما كانت الأمور غير محسوبة تماما فضلا عن الخلافات حول مدى ‏وأهمية ذلك فقد انتبه الغرب إلى إنه لا يمكن أن نسلم اعناقنا لمن يتحكم بمصدر طاقتنا ‏وماكينة إنتاجنا.‏
 
بدأ الغرب العمل حثيثا في البحث عن مصادر بديلة للطاقة وتعددت الأبحاث حول ‏الطاقة النووية والطاقة الشمسية وطاقة الرياح ونفط بحر الشمال وإنتاج الغاز واستخدام ‏غاز الهيدروجين ولم يركنوا بعد إلى ما وصلوا اليه.‏
لكن هل نحن مقبلون على عبور عصر النفط إلى غيره في غمرة وجوده لا فقده؟  ‏مثلما أن كل عصر انتهى بوفرة مادته يمكن أن يحصل ذلك مع الذهب الأسود فامّا أن ‏ينتهي المخزون منه قريبا خلال عقود قليلة من الزمن ودالة ذلك هو الانتاج الفائض عن ‏حاجة العالم والمقدر ب80 مليون برميل يومياً مرشحا للزيادة أو بطريق أخر هو أن ‏يفقد بريقه أمام مصادر بديلة لطاقة نظيفة وصديقة للبيئة بدلا من مادة أرعبت العالم ‏واثارت فيه النزاعات ولوّثت البيئة حقبة من الزمن.‏


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد