يوم كنت خالي الذهن - ابراهيم محمود ابو عجمية

mainThumb

11-02-2016 11:40 AM

حين يقبل الليل ، تشحب كلّ الرؤى أمام ناظري ، وتبدأ في التلاشي حين تطلّين بوجهك الباسم تهرب جميع أحاسيسي .. أفقد توازني .. وأعيش مرحلة انعدام الوزن ، يرتفع جسمي ولا أعود أحسّ بأن لي ثقلا ، تتحطّم جميع القيود التي تربطني بواقعي وأبتسم .. وهكذا يحدث في كل مرّة حين تتأزّم أموري وأخلو إلى نفسي في هدأة الليل .


سمّها ما شئت .. هروب من الواقع ، حنين إلى الماضي ، انفلات من الجاذبية .. سمّها كما شئت فأنا عندما أجلس وحيدا وتتملكني رغبة التذكّر وأتذكّر أحسّ بدفء غامر يتملكني وبفرح وحشيّ يهزني من مفرقي حتى القدم ليس هربا من واقع وليس حنينا إلى ماض وليس انفلاتا من الجاذبية ولكن عودة إلى الفطرة السليمة.. يوم كنت خالي الذهن ، وطاهر القلب ، ونقيّ السريرة إذا ضحكت أضحك من أعماقي وإذا بكيت تظاهرت بالبكاء وعندما كانوا يشيرون إلى وجهي ويقولون :هل رأيتم طفلا يبكي بدون دموع؟ انظروا لا أثر للدموع في عينيه إنه يهزأ بنا ، ويضحك علينا .. كان داخلي يضج بالقهقهة لمقالهم .. يوم كنت خالي الذهن لا تشغلني أمور الدنيا ولا تهمني مشاكل العالم ولا آلاف الكتب المكدّسة أمامي إذ لم أكن أشغل نفسي حينذاك إلاّ بأمور تافهة وكتب مصورة إلى أن يداعبني النعاس فأسير مترنّحا نحو فراشي وما أن أبلغه حتى أستغرق في النوم قرير العين ، هادىء البال ، تلك هي اللحظات الكاملة التي افتقدتها وأفتقدها وسأفتقدها .. أعرف ذلك .


ولكنني وكلما تكاثرت همومي ومشاكلي أجلس إذا جنّ الليل وحيدا كعادتي أسرّح بصري في البعيد البعيد كما لو كنت أهتك حجب الليل إلى أن أصل إلى سنيّ طفولتي فأتلذّذ بالتذكّر .. وأتذكّر .. ويغلبني النعاس.
 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد