نفاق الطابور المستورد - م. محمد فندي

mainThumb

01-10-2016 02:48 PM

مع بزوغ فجر الاسلام كانت هناك قوتان عظميان متنازعتان تتقاسمان السيطرة على بلادنا من عدن حتى باب العرب ومن ذي قار في الكويت حتى الرباط ونواكشوط على ساحل الأطلسي. خلال اقل من بضعة عقود حرر العرب مستظلين براية الاسلام ديارهم في الجزيرة العربية وشمال افريقيا و دخل اسلام السماحة والعدل والسلام غالبية اراضي خراسان دون قتال واجبر هرقل بيزنطة في بلاد الشام على قول عبارته الشهيرة: وداعا يا سوريا وداعا لا لقاء بعد وذلك على أثر هزيمتهم في معركة اليرموك. عبارة هرقل القديمة هذه تحمل في ثناياها احساس الرجل بنفس احساس الغاصب المحتل لهذه الديار وما المسلمين العرب في هذه المعادلة الا أنهم انتزعوا حريتهم واستقلالهم بايديهم من بيزنطه غربا وفارس شرقا.
 
مجددا تعود الينا فارس مرة أخرى بفضل الغزو الأمريكي للعراق وعبثهم لعقود في سياسات الدول العربية وبفضل الكيان الصهيوني الغاصب في فلسطين ممتشقة في هذه المرة عمامات طائفية بعد أن كانت تعبد النار في المرة السابقة، بينما تتسلل بيزنطة من جديد بثوب روسيا وبحجة حماية الأقليات مستغلين بذلك حالة الضعف والتمزق العربي الشديد للاسف اللذي ساهم العرب انفسهم في ايجاده بتاثير من سياسات خارجية مرسومة لنا وهادفة الى زرع الفساد والضغط علينا بتشريعات غريبة أدت الى شيوع ظاهرة التفكك الأسري وتغييب الهوية الوطنية الأمر اللذي أدى الى اشاعة التفكك في مجتماعاتنا العربية المسلمة بهدف استباحة أرضنا وسيادتنا وذاتنا مرة أخرى.
 
الغريب في الأمر أن فارس وبيزنطة اللتان كانتا متناحرتان على استباحتنا قبل 1400 عام، تعودان الينا هذه المرة متحالفتان بفضل ملالي الفرس في طهران وحزب الدعوة في بغداد اللذي تشكل في ظل ورعاية ملالي طهران ووصل الى سدة الحكم بفضل الغزو الأمريكي الصهيوني لهذا البلد العزيز على قلوب العرب والمسلمين، وبفضل حزب البعث اللذي تلون بصبغة طائفية مقيتة في دمشق. لم يكن حزب البعث في دمشق الا حزبا طائفيا بامتياز باجندات خبيثة تهدف الى ايصال الوضع في سوريا الى ما وصل اليه حاليا. وهنا تصدق مقولة الفاروق عمر ابن الخطاب رضي الله عنه حينما قال، انه يتمنى وجود جبل بيننا وبين الفرس بحيث لا يستطيعون هم اجتيازه للوصول الينا ولا نستطيع نحن من طرفنا اجتيازه للوصول اليهم.
 
بعد الغزو الأمريكي للعراق اللذي تسبب في تغلغل فارسي عميق في هذا البلد العربي، توضحت وتكشفت نوايا فارس الجديدة بتصريحات مسؤولين ايرانيين علنا منها على سبيل المثال بان بغداد التي بناها المنصور هي العاصمة التاريخية لفارس وبأننا اي الفرس بتنا نسيطر على أربعة عواصم عربية. في هذا السياق باشر الفرس القيام بافعال تهجير وتغيير ديموغرافي على الأرض واحراق صكوك الملكية واستملاك الاراضي في سوريا والعراق نراها يوميا تحدث في العراق وسوريا، بينما تسعى روسيا بيزنطة من جانبها بدعم غربي خبيث من تحت الطاولة الى محاصرة تركيا وتمزيق كلا البلدين سوريا والعراق لصالح اقليات هامشية هنا وهناك. وفي هذا السياق ترتكب جميع الأطراق بما فيها الغرب كل المحرمات من قتل وتهجير وتجارب اسلحة وجرائم انسانية بابشع صورها بحق المدنيين المسالمين الأبرياء في سبيل استباحة كلا البلدين سوريا والعراق والحبل على الجرار يا عرب ويا مسلمين.
 
في كل هذا ارى أمرا مثيرا للدهشة والغرابة وهو تخلي فئات اجتماعية من بين صفوفنا تدعي الثقافة والحداثة والعلمانية تارة وتارة أخرى تمتشق شعار القومية والشيوعية والمقاومة والبعث من جديد على الرغم من فشلها في جل تاريخها، تجدها تتخلى عن اخلاقياتها الانسانية حفاظا على رواتب شهرية مجزية تأتيها اما من جهة الشرق او من جهة الغرب وذلك بغض الطرف عن مجمل جرائم النظام السوري وميليشيات الحشد الشعبي في العراق وجرائم روسيا وايران وعصاباتهم الطائفية وبكل وقاحة تجدهم اما يدافعون عن كل هذه الأفعال واما لا تحركهم حتى مشاعرهم الانسانية في استنكار جرائم قتل عائلات باكملها في حلب. وعند وضعهم في الزاوية يجيبوك بانهم يعتصرون الما لما يحدث للابرياء في سوريا والعراق، لكن عند اية هفوة أو زلة ترتكبها المعارضة المعتدلة السورية تجدهم يفردون مساحات واسعة من انشطتهم لتشويه صورة الشرفاء. اي نفاق اكثر من هذا النفاق. هذا السلوك ذكرني كيف يتخفى هؤلاء في مناسبات عامة بلباسهم ثوب المحافظين في سياق التضليل لاستمالة هذا او ذاك بما يشير الى أن الحركي او الطابور المستورد ما زال ينشط بين صفوفنا بمسميات مختلفة تارة باسم القومية وتارة باسم الشيوعية وتارة باسم العلمانية والحداثة وتارة باسم البعث من جديد للعرب وأخيرا باسم المقاومة. ما الفرق اذن بين امثال هؤلاء المنافقين من اللذين يدعون المقاومة وبين من يختلس أو يسرق مالا ثم يذهب بما سرقه يمول به أدائه لفريضة الحج او العمرة !!!!!!!!!!


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد