خطبة فتح الأقصى : فيها استنهاض همم الأمة - أحمد الجوارنه

mainThumb

01-04-2017 02:59 PM

 
 
بمناسبة الحديث عن يوم الأرض ويوم الأقصى ، فأننا ههنا نشير إلى ما ورد عند المؤرخ "جمال الدين محمد بن ســالم بن واصل" في كتابه الموسوعي" مُفرج الكروب في أخبار بني أيوب " ، انه يوم فتح السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي بيت المقدس يوم الجمعة 27 رجب 583هـ / 2 أكتوبر 1187م ، لم يتمكن المسلمون من إقامة الصلاة في المسجد الأقصى بسبب وجود الصليبيين فيه ، فتأجلت الصلاة إلى الجمعة التي تليها ، اي يوم 4 شعبان من نفس السنة ، وكان المسجد الأقصى قد أغلقه الصليبيون سنة 1099 م حوالي 95 سنة متواصلة ، وأطلقوا عليه "معبد سليمان" بعدما استخدموه إسطبلا لخيولهم ، في الجمعة التالية لجمعة الفتح دعا السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي القاضي" محي الدين بن زكي الدين علي القرشي" لإلقاء خطبة الجمعة او "خطبة الفتح" في المسجد الأقصى ، فألقى خطبة عصماء بليغة ومطولة ألهبت مشاعر المسلمون المنتصرون ،وهي خطبة تشكل معلما مهما من معالم الطريق للمسلمين كافة وفي عصورهم المختلفة ، إنه منهج الإسلام القويم الذي يبني الأمة على الوحدة والتكاتف والتضحية والجهاد من أجل نصرة دين الله وارض الله المقدسة ،  ونقطتف هنا بعض ما جاء في "خطبة الفتح" :
 
"" أيها الناس أبشروا برضوان الله الذي هو الغاية القصوى ، والدرجة العليا ، لما يسره الله على أيديكم من استرداد هذه الضالة ، من الأمة الضالة ، وردها الى مقرها من الإسلام بعد ابتذالها في أيدي المشركين قريبا من مائة عام ، وتطهير هذا البيت الذ أذن الله أن يرفع ويذكر فيه أسمه ، وإماطة الشرك عن طرقه ، بعد أن امتد عليها رواقه واستقر فيها اسمه ، ورفع قواعده بالتوحيد ، فإنه بني عليه ، وإنه أسس بالتقوى من خلفه ومن بين يديه ، وهو موطن أبيكم إبراهيم ، ومعراج نبيكم محمد عليهما السلام ، وقبلتكم التي كنتم تصلون اليها في ابتداء الإسلام ، وهو مقر الأنبياء ، ومقصد الأولياء ، ومقر الرسل ، ومهبط الوحي ، ومنزل تنزل الأمر والنهي ، وهو في أرض المحشر ، وصعيد المنشر ، وهو في الأرض المقدسة التي ذكرها الله في كتابه المبين ، وهو المسجد الذي صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالملائكة المقربين ، وهو البلد الذي بَعثَ الله إليه عبده ورسوله وكلمته التي ألقاها الى مرم وروحه عيسى ، الذي شرّفه الله برسالته ، وكرّمه بنبوته" .
 
" احذروا عباد الله بعد أن شرفكم بهذا الفتح الجليل ، والمنح الجزيل ، وخصكم بهذا النصر المبين ، وأعلق أيديكم بحبله المتين ، أن تقترفوا كثيرا من مناهيه ، وأن تأتوا عظيما من معاصيه ، فتكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا ، " والذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين" ، والجهاد الجهاد ، فهو أفضل عباداتكم وأشرف عاداتكم ، أنصروا الله ينصركم ، أذكروا الله يذكركم ، واشكروه يزدكم ويشكركم ، جدوا في حسم الداء ، وقطع شأفة الأعداء ، وتطهير بقية الأرض التي أغضبت الله ورسوله ، واقطعوا فروع الكفر واجتثوا أصوله ، فقد نادت الأيام بالثارات الإسلامية والملة المحمدية ، الله أكبر ، فتح الله ونصر ، وغلب الله وقهر ، وأذل الله من كفر ، واعلموا رحمكم الله ، أن هذه فرصة فانتهزوها ، وفريسة فناجزوها ، ومهمة فأخرجوا إليها هممكم وأبرزوها ، وسيّروا إليها سرايا عزماتكم وجهزوها ، فالأمور بأواخرها ، والمكاسب بذخائرها ، فقد أظفركم الله بهذا العدو المخذول وهم مثلك او دون ، فكيف وقد أضحى فب قبالة الواحد منهم منكم عشرون ، وقد قال الله تعالى :" إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين الأنفال (65) ، أعاننا الله وإياكم على أتباع أوامره والازدجار بزواجره ، وأيدنا معشر المسلمين بنصر من عنده ،" إن ينصركم الله فلا غالب لكم ، وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده (آل عمران( 160).
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد