فن التخاطر

mainThumb

18-04-2020 02:17 AM

السوسنة - يحدث لك أحيانا أن تفكر بشخص ما ، فتجده يتصل بك ، أو تلتقي به بعد مدة ، و نطلق عادة على هذا الشيء اسم الصدفة ، فتقول للشخص الذي تتحدث معه أنك كنت تفكر فيه في وقت قريب . و الأم أحيانا تشعر بأن ابنها قد أصيب بمكروه ، وأن قلبها مقبوض فيحدث ما كانت تخشاه . و هل سبق لك أن غنيت أغنية في ذهنك ثم وجدت من إلى جانبك يغنيها بصوت مرتفع . أو كنت تريد أن تقول كلمة فيقولها زميلك . لكن كل هذه الأمور لا تحدث مصادفة .

اقرأ أيضا:أساطير القمح المومياء

هذا الشيء في علم النفس يسمى تخاطرا ، و التخاطر هو قدرة الإنسان على نقل الأفكار و المعلومات من عقله إلى عقل آخر . و استلام و إرسال الأفكار من عقل إلى آخر دون اللجوء للحواس الخمسة . و يشبهها علماء النفس بتقنية البلوتوث ، لأنه يتم فيها نقل المعلومات دون استخدام الأسلاك .
كان هذا الفن مستعملا في القديم كثيرا ، لكن مع تقدم وسائل التواصل ، و تشتت التركيز ، أصبح نادرا و لا يعرفه الكثيرون .
و التخاطر وارد في الإسلام كثيرا و من أشهر القصص حول التخاطر حادثة " يا سارية الجبل " . و هي حادثة تاريخية حدثت بين الصحابي سارية بن زنيم الكناني و عمر بن الخطاب . و قد كان سارية أحد قادة جيوش المسلمين المتجهة إلى بلاد فارس ، و بينما كانت المعركة محتدمة بين المشركين و المسلمين ، و أوشك الفرس أن يُهزموا ، حاول الفرس أن يخدعوا المسلمين بأن يتظاهروا بالهزيمة كي ينزلوا المسلمين عن الجبل ، و في هذه اللحظة سمع سارية صوت عمر بن الخطاب ينادي " يا سارية الجبل ، الجبل ، من استرعى الذئب الغنم فقد ظلم " فلجأ إلى الجبل . فما كانت إلا ساعة حتى انتصر المسلمين .
وفي اللحظة نفسها كان عمر بن الخطاب يخطب في المدينة بالمسلمين في يوم الجمعة ، و فجأة نادى بأعلى صوته أثناء خطبته " يا سارية الجبل الجبل ، من استرعى الذئب الغنم فقد ظلم ". و حين نزل عن المنبر سأله الناس عما قاله ، فقال : " و الله ما ألقيت له بالا ، شيء أتى على لساني " .
فهذه الرسالة التي أرسلها عمر بن الخطاب من المدينة إلى سارية في بلاد الفرس ، وصلت عن طريق التخاطر في نفس اللحظة .

اقرأ ايضا:أسباب قبول المرأة بالزوجة الثانية!

ما هو التفسير العلمي للتخاطر
تعددت التفسيرات للتخاطر فمنهم من عزاه إلى قدرات خارقة ، و منهم من عزاه إلى قوة التركيز . لكن العلم الحديث أثبت أن العقل يرسل بعض الإشارات الكهربائية هي المسؤولة عن نقل المعلومات من الشخص إلى الآخر و معرفة ما يفكر فيه ، و هذه الإشارات أيضا هي المسؤولة عن تشغيل الحواس الخمس في جسم الإنسان و تشغيل أعضائه . و هذه الإشارات الكهربائية تولد طاقة كهرمغناطيسية يتمكن من خلالها العقل من إرسال ما يريد إلى عقل آخر .
و من المعروف أن العقل يصدر موجات مختلفة حسب وضعيات الجسد ، ففي حالة اليقظة يصدر العقل موجات بيتا ، و في حالة الاسترخاء يرسل موجات ألفا ، أما في حالة النوم و التأمل العميق فيرسل موجات ثيتا . و التخاطر يحدث بين حالتي ألفا و ثيتا .

كيف يمارس التخاطر و ترسل رسالة ذهنية إلى أحدهم .
هناك نقطتان رئيسيتان في التخاطر هما التخيل و اليقين ، فعليك أن تكون موقنا بما تفعل ،و تعتقد به ؛ فلا تمارس التخاطر و أنت تشك بنتائجه ، لأنك في هذه الحالة لن تقطف ثماره .
و الخطوات :كالآتي
أولا: القدرة على التخاطر يمتلكها كل الأشخاص ، لكن بحاجة إلى تمرين و إيمان حقيقي بها .
ثانيا : الجلوس في مكان هادئ ، و بوضعية مريحة ، و الرأس مرفوع ، و هدوء الأعصاب ، و التخلص من كل المشتتات ، و تركيز الذهن في الرسالة التي سترسلها 100% .
ثالثا : يفضل أن تربط المرسل و المستقبل رابطة روحية ، أو أن يكون المستقبل متمرنا على التخاطر أيضا ، فهذه عوامل مساعدة على إنجاح عملية التخاطر .
ثالثا : أغمض عينيك ، و خذ شهيقا و زفيرا – التنفس العميق - ، و استرخي استرخاء تاما .
رابعا : حاول أن تتخيل ذلك الشخص - المستقبل- ، بكل ملامحه ، برائحته و عينينه ، و صوته ، حتى تكاد تظن أنه أمامك . و كرر اسم الشخص و كأنك تناديه .
خامسا : قل له الرسالة بشكل مختصر و موجز ، و باللغة الفصحى . و إن استطعت أن تكتبها على ورقة فسيكون ذلك أفضل .
سادسا : عليك أن تمارس التخاطر أكثر من مرة حتى ينجح . و لا تجلس و تنتظر الشخص أن يتواصل معك ، فهو سيتصل لاحقا ، لكن كن مؤمنا بذلك . فقد لا تصله الرسالة لانشغاله أو لأنه نائم . و قد تصله لكنه لا يريد الاتصال بك الآن ، فالأمر شبيه برسالة بريد إلكتروني ترسلها ، قد يراها المستقبل ولا يرد عليها .

أهمية التخاطر .
يساهم التخاطر في تحسين العلاقات مع الآخرين بشكل كبير ، و يجلب السعادة لنا و يساعدنا على تحقيق أهدافنا و مكاسبنا . كما يساعد التخاطر مع التمرين المستمر على معرفة أفكار الآخرين و أحاسيسهم .
و بالطبع فلكل فن و علم جانبان ، فقد يستخدم التخاطر بشكل سلبي ، يؤثر على تصرفات الآخرين و مشاعرهم دون أن يدركوا ذلك .

اقرأ أيضا:دوافع الزواج لدى المرأة

 

 

 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد