رواية سيدهارتا لهيرمان هسه

mainThumb

26-11-2020 03:44 PM

السوسنة - هيرمان هسه هو كاتب ألماني، ولد في القرن التاسع عشر، وكالعادة ولد ابن قس كما الكثير من الكتاب الروس والألمان، وبسبب تمرده على الواقع الذي يعيش فيه وهو الالتزام الديني في مدارس الكتاب المقدس قرر هس أن يتمرد, ويرتحل من المكان الذي سكن فيه.
 
 فذهب للهند وعاش فيها فترة من الزمن حيث كتب رائعته سيدهارتا عام 1922، وفي هذه الرواية التي توصف الوجودية بشكل كبير ينتقل بطل الرواية من مكان إلى أخر، يتبع مذهب ويترك أخر حتى يصل ذاته ويعيش حكمته الخاصة.
 
سيدهارتا:هي كلمة سنسكريتية معناها "الرجل الذي بلغ هدفه " 
غراديفا :هي كلمة لاتينية ومعناها المرأة التي تتألق بمشيتها .
مايا :تعني الأحلام أو الوهم 
 
الوجودية في الرواية :
الوجودية بالأصل هي كلمة ليست غريبة عن الإسلام وعن القران الكريم وقد وصفها المترجم حينما قدم أية وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا (95)، فالإنسان فعليًا يجب أن يبحث بذاته ونفسه عن نفسه وعن ماهية روحه وأن لا يكون مجرد حيوان مقلد لكل ما يجول حوله، والتنكر للذات هي أكبر مرض يمكن أن يقع فيه الإنسان وربما كانت أغلب أمراض هذا العصر أن الناس تبحث عن أمور أخرى وتترك نفسها من غير أي بحث، وهذا أيضا سنحاسب عليه أمام الله. 
 
البراهمة 
قدمت الرواية بعدت فصول كان بدايتها فصل البرهمي وهم الطائفة التي لا تؤمن بوجود الأنبياء والرسول، وتؤمن بوجد إله مجرد يقدمون له القرابين ولهم كاهن يعتبرونه الواسطة بينهم وبين الله.
وكان من الملفت للنظر في الرواية  وقوف سيدهارتا يوما كاملا دون حراك وهذا الإصرار على ما يريد حتى تمت الاستجابة لمطلبه.
 
السامانا
أما السامانا فهي طائفة متصوفة جدا وتعيش حالة من الازدراء والتصوف يلغي وجود العديد من الأشياء ومنها الوجود الجسماني للإنسان وربطه بالعقل ولذلك حرمه الإسلام " فالعقل السليم بالجسم السليم" وكل شيء في هذا الكون مرتبط ويكمل بعضه بعضًا.
 
في فصل اليقظة: التفكير تحول المشاعر إلى معرفة فلا يكون نصيبها الضياع.
أما جوتاما المبشر والحكيم عندما وصف جلسته تحت شجرة التين وتأمله في الكون.
جوتاما هو بالنهاية بشر ورغم انه يعتبر حكيم ولكن سر وجوده لا يستطيع أن ينقله لأحد،  لذلك مثل باقي البشر يطلق العوام ويترك الخواص لذاته وهذا ما لم يعجب سيدهارتا فيبتعد عنه لأنه فعليا شعر بأنه يخفي شيء أعظم بكثير مما ينطق، وسيدهارتا يبحث عن الخلود والكمال. 
 
في هذا الفصل قال جوتاما لعل الناس الذين هم على شاكلتنا لا يستطيعون الحب بسطاء الناس يستطيعون ذلك وهذا هو سرهم .و من جديد قسم هسه الناس إلى النظرية التي تقسم الناس في العالم إلى قسمين من أصل 100% ف97% من الناس يعتبرون بسطاء في حياتهم وتفكيرهم ووجودهم  ولكن لديهم سر صغير ينظم علاقاتهم ببعضهم وبالحياة وهذا السر هو الحب، الحب الذي يجمعهم، وهناك 3% النخبة هذه الفئة منشغلة بالتفكير والتحليل والعلم والدراسات وهي تفكر عن بسطاء الناس، ولكن تنقص هذه الفئة الحب حتى الحب لديهم له تفسير علمي ويقف على أسس معينة.
 
البشر لا يستطيعون  تصنيف الناس ولكن وجود الوسطية هو ما نؤمن به دائما وهذا أيضا ما يقوله هسه في روايته من خلال تفسير بعض الأمور ومنها الزمان والنهر بأنها , "الحلول الوسطية".
الأشياء التي لا تقهر برأي هسه هي الانتظار، التفكير والصوم، عندما يعتاد الإنسان عليها يصبح لا مباليًا بعكسها، فهذا الرأي يعتبر صحيحًا، فالذي يصوم عن الطعام فوق مدة محددة ويعود نفسه يصبح جسمه لينا لا يتذكر الطعام وكذلك الأمر في  الانتظار الذي يكرهه الناس والتفكير الذي يبدأ بسؤال صغير لا ينتهي وسيستمر حتى يمكن أن يوصل إلى الإلحاد إذا لم تكن هناك ضوابط.
 
ذكر الكثير من المواقف عن يقظة روح الإنسان، إن الإنسان لا تصيبه اليقظة إلا عند رؤية الموت، أو اقتراف الذنب، والندم عليه أو بشكل عام عندما يخطئ ويتحرك ضميره، وهذا عند الانتقال من حالة إلى حالة أخرى، ربما التفكير الذي ذكرته أنفا هو من يوقظ الإنسان في الكثير من الأحيان عاطفة الأبناء وعاطفة الحب إذا كانت ايجابية.
 
في الرواية ذكر هسه شيء اسمه الزمان ؛هو موجود رغم كل الظروف ليس هناك أي وقت للزمان فنحن تسحب أرواحنا  من دواخلنا على هذا الخط الممتد الذي يسمى الزمان ولكن هو لا يتحرك بل نحن من نتحرك فقط.
اللطف أقوى من القسوة والماء اقوي من الصخر والحب اقوي من العنف ... كل ما ذكر الان مذكور في كتب الله الإنجيل والتوراة والقران الكريم، فهو لم يأتي بأي جديد ولكن الإنسان هو الشر الوحيد في هذا العالم والخير الوحيد فيه هو الذي يحدد كل ما حوله من ظواهر، وهذا ما يفسر قوله "لا يمكن لإنسان أن يكون قديسا خالصا أو خاطئا خالصا وأينما يبدو لنا ذلك وحسب. 
 
كل ما يعبر عنه بكلمات يفقد الشيء معانيه ويعطي الشيء جانبا واحدا نصف الحقيقة فحسب وفعلا هناك لغة أخرى يمكن ان تفسر الكثير وتتمثل في الجسد وهي اقوى من الكلمات، وهنا أيضا يقول الكلام نصف الحقيقة لذلك لغة الكلام ولغة الجسد تكمل بعضها بعضا.
 
المعرفة قابلة للتوصيل أما الحكمة فلا، وهذا ما  يفسر فعله جوتاما برأي سيدهارتا ولكن الحكمة مثل الكلام والجسد والصوم والتفكير والانتظار فهي جمع لكل ما ذكر وعلى رأسها الخوف.
 
أخيرًا العالم ليس ناقصًا العالم الكامل والنقص هو عدم البحث في جوانب هذا العالم سيدهارتا هو ذلك الإنسان الذي بدأ يحب الحكمة وانتهى بحكمة الحب، بنيت الرواية كاملة على هذه الجملة. 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد