أَسْبَابُ اَلْثَوْرَةُ اَلْفَرَنْسِيَةِ وَاَلْتِي إِمْتَدَت لِبَاقِي دُوَل اَلْعَالَم

mainThumb

19-03-2021 08:24 PM

تقع فرنسا في القارة الأوروبية ولا نريد أن نتطرق إلى عمق التاريخ الفرنسي القديم وإنما نرغب في تذكير أنفسنا وشعوب العالم أجمع بأسباب الثورة الفرنسية التي كانت هي الأساس في إنتشار الثورات في بقية دول العالم. تَكَوَّنَ المجتمع الفرنسي من ثلاث طبقات رئيسيّة شبهت بالهرم فرأس الهرم تمثل الملك وحاشيتة والتي استحوذت على الحكم والنصيب الأكبر من الأموال ومن العائدات الاقتصادية للبلاد. والطبقة التي تلي رأس الهرم هي طبقة الأرستقراطيين أو النبلاء، ورجال الدين، وجاء من بعدهم طبقة البرجوازيين ثمّ قاعدة الهرم وهي طبقة الفقراء العمال والحرفيين والفلاحين وهي أكبر طبقة في المجتمع الفرنسي، ورغم صعود نجم طبقة البرجوازيين مع الاكتشافات الجغرافيّة حينما قاموا بعمليات الإستكشاف والتجارة في أعالي البحار مع الشعوب الجديدة، إلا أنهم كانوا محرومين من المشاركة في العمليّة السياسية والدفاع عن مصالحهم، إلا أنهم حصلوا على قدرٍ عالٍ من التعليم والثقافة نظراً لجودة أوضاعهم المادية، فقد كانوا مدركين لأهمية المشاركة السياسية. وكما ذكرنا في قاعدة الهرم الاجتماعي الفرنسي كان الفقراء والعمّال والفلاحين الذين يقع عليهم العبء الاقتصادي الأكبر من ضرائب لا تعد ولا تحصى وإنخفاض أجور العمال وإرتفاع مستويات المعيشة بكل أنواعها  . . . إلخ، بينما كان النبلاء ورجال الدين يتمتّعون بمزايا كبرى جعلت منهم أشخاصاً فوق القانون؛ حيث لا تُطبّق عليهم العقوبات ولا الضرائب التي تفرض على باقي أفراد الشعب في قاعدة الهرم. حيث كانت فرص التقدم تعتمد على الموقع الطبقي والمحسوبيه... إلخ وليس الكفاءة أو الأهلية، مما أدى إلى الفساد التام في النظام الإداري للدولة وفي القلب منه النظام الضريبي الذي كان على أسس شخصيّة وغير موحّدة في جميع أنحاء الدولة، وكان هذا يعني إلقاء العبء على كاهل الطبقة في قاعدة الهرم والأكثر عدداً في المجتمع الفرنسي وهي طبقة الفقراء والعمّال والفلاحين. مَرَّت فرنسا بأزمات اقتصادية طاحنة في مختلف القطاعات حيث انخفضت أسعار الحبوب والخمور اللتان إعتمد عليهما طبقة الفقراء والعمَّال والفلاحين في الوفاء بالتزاماتهم الاقتصادية من ضرائب ورسوم جمركية وغيرها. وقد انعكست الأزمة الزراعية على النشاط الصناعي بالتبعية فتراجعت أرباح الطبقة البرجوازية وظروف العمل وإزدادت نسبة البطالة لنسب عالية جداً.
 
وإستمر المسؤولين لحل عجزهم المالي بزيادة الضرائب وإضافة رسوم جمركية جديدة مما أدى إلى إرتفاع أسعار المواد التموينية، وتَعَرّضَ جميع أفراد طبقة قاعدة الهرم إلى الجوع والمرض والمعاناة ورغم نداءاتهم برفع الظلم عنهم لسنوات عديدة وصبروا كثيرا، دون أن يسمع لهم أحد من المسؤولين. وأُثقِل كاهل البرجوازية بالضرائب التي أعفيت منها الطبقات المتحكمة في الدولة. وكما يقول المثل العامي: كُثْر الضغط يُوَلِّد الإنفجار، وبالفعل أدّى الضغط لسنوات عديدة على الطبقة في قاعدة الهرم العاملة من فقراء وعمال يدويين وحرفيين إستمر  التفاوت الصارخ بين الطبقات في المجتمع في إزدياد تصاعدي تجلّى في السنوات الأخيرة قبل الثورة، كل ذلك أدى إلى إندلاع الثورة الفرنسيّة، ثورة شعبيّة ضخمة اندلعت في جميع أنحاء فرنسا خلال الفترة ما بين (1789م-1799م)، حيث بدأت هذه الثورة بأزمة اقتصاديّة حكوميّة، ثمّ تطوّرت فيما بعد إلى حركة شعبيّة تتِّخذ التغيير العنيف منهجاً لها، إذ هاجم الشعب الفرنسيّ السجون، ... وحصن الباستيل الذي كان رمزاً للظلم، والقَهر، فتمكّنوا من احتلاله، وكانت الثورة الفرنسية ثورة إنتقامية ودموية، وسميت تلك الفترة بعهد الإرهاب وأصبح حُكم البلاد بِيَد سلسلة من الهيئات التشريعيّة المُنتخَبة من قِبَل الشعب، وبعد ذلك إنتهت أحداث الثورة بشكل نهائيّ بعد أن تولَّى الجنرال الفرنسيّ نابليون بونابرت مقاليد حُكم البلاد. وأصبحت فرنسا بعد الثورة تعتبر من الدول المتقدمة في الديموقراطية وإحقاق الحق والعدل والمساواة بين جميع طبقات وفئات المجتمع. فالحل للأزمة المالية التي يمر بها أردننا العزيز ليس في اللجوء دائماً وأبداً وسنوات عديدة لجيب المواطن وقد تم إستخدام هذا الأسلوب لأكثر من عشرون عاماً ولم يجدي نفعا، ألم يأن للمسؤولين أن يَعُوا ذلك؟. لا بد من حل المشكلة من جذورها كما عملت كوريا الجنوبية في الأعوام 1997-2000 وقد أوضحنا ذلك في مقالة سابقة بالتفصيل أو ما تم في سنغافوره. نحن نحب جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين والعائلة الهاشمية من كل قلوبنا ونشهد بأنه لا ولم ولن يقبل أن أفراد القاعدة الكبيرة من الهرم المجتمعي في أردننا العزيز في ظروف قاهره من الجوع وضيق الحال في كل مناحي الحياة من أجل فئة معينة من البرجوازيين في وطننا العزيز. وقد برهن لنا جلالته ذلك في متابعته بشكل شخصي لقضية فتى الزرقاء وحادثة مستشفى الحسين (السلط الحكومي) قبل أيام وغيرها من القضايا التي وصلت لجلالته من معاناة أفراد المجتمع الأردني. لهذا نناشد جلالته بأن يعمل جاهداً كما عهدناه على تخفيف الضرائب على أفراد شعبه وخفض أسعار المواد التموينية التي إرتفعت قبل يومين بشكل لا يتحمله أفراد الشعب وقبل حلول شهر الرحمة والصيام والكرم "رمضان".


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد