موت وتمر ونميمة

mainThumb

06-07-2009 12:00 AM

رحمة منذر مريان

حادث رهيب، فاجعة ليس إلا، ثم الكثير من الصمت وحفنة ذكريات .....

هكذا هو العمر ياصاحبي نغزله بأيدينا كل لحظة بدمعة وكل فرحة بومضة شهاب خاطف ونعصر البهجة على عجل من فاكهة الألم ثم نعود إلى وطننا "الآه" من جديد،وعندما يرحل الرفاق ننحب طويلاً على فراقهم ونكرههم فجأة، لأنهم غادرونا بفظاظة وبلا استئذان غير عابئين بالفناجين التي أعددناها لنحتسيها سوياً في ليلة سبت أو أربعاء........

حتى أحاديثنا الجديدة صارت باهتة ومزحاتنا باتت جنائزية الطابع، أنت تريد حادثاً على الطريق الصحراوي وأنا أفضله على ثغرة عصفور، وفي الحديث عن التفاصيل نسترسل ثم نختلف على نوع المياه المعدنية وآلية توزيع القهوة سادة، وبالنسبة لي فالأهم من ذلك كله (المعازيم) فقد أوصيت بأن يتم استدعاء الأحبة على وجه السرعة وأن لا تدخل تلك "البقة المقيتة" بيت عزائي وإذا أتت فليهاجمها الجميع وليطردوها هي و ذيولها شر طردة فلطالما أستفزتني في حياتي وتمنت لي ألف موت أزرق ولا أريدها أن تغيظني بعد موتي بدعاء مقلوب ودموع من قهقهة وأن تسخر –كالعادة- من الغبار الغافي على ثوب "ختيارة" جاهدت أقدامها لتأتيني مودعة، مستذكرة لوجع لاينسى ومتذرعة بوفاتي لتبكي على رحيل الغوالي من جديد..........

لن أمانع أيضاً حضور باحثة عن عرائس بلا "ميك أب" ولا "دندشات" ولا بأس في تطفلها بالسؤال كلما طافت صبية على العجائز بمنديل وشربة ماء، لأنني أريد أن يولد من مأتمي ألف فرح وحب جديد، وفي سياق الفرح لن أنسى أن أوصي بالتمر خيراً فهو المذاق الحلو الوحيد الذي يفرض نفسه على مرارة القهوة والحزن والرحيل، ولطالما آلمني همس النساء عليه في عزاءات قد خلت: (التمر صغير ، التمر ناشف ،التمر ذايب، التمر مر) لذلك سأسلكم بالله أن ترحموا تمر عزائي من ألسنتكم وأن تدعو لي بالرحمة.........

وليكن يومها وداعاً لا عزاء وجلسة هادئة الملامح ليس فيها سوى أحبتي وبقايا روحي لأتمكن من الرحيل بعد تلك المراسيم القاتمة وأنا على ثقة بأن ابنة العم ستذكرني تحت سماء الغربة وأخ لي لم تلده أمي سيبكيني بخجل، ثم أغفو أخيراً لأصبح أنا الموت، وأمي التمر، وما تبقى ليس إلا القليل من النميمة و اللاشيء.............



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد