نداء من طفل إلى السائقين

mainThumb

12-07-2009 12:00 AM

بلال الشبول

رغم عدم محبتي حضور الأعراس والحفلات إلا أنني لبيت دعوة صديق لي لحضور حفلة زفافه وذلك بسبب حضور العديد من الأصدقاء الذين لم أرهم منذ سنين .
ما أن وصلت موقع العرس واجتمعنا سوية حتى بدأنا أحاديث ودية مستحضرين الماضي بكل جماليته مع أن تلك الأيام كانت قاسية وكنا نتبرم منها لكن الآن تحولت إلى ذكريات جميلة نتمنى عودتها , بدأ العرس على أنغام الموسيقى وأصبح الشباب متشابكي الأيدي على شكل حلقة يضربون الأرض بأرجلهم بكل قوة وفرح وقهر بوجوه تعلوها البسمة وكأنهم مخدرين كل منهم يعيش أجوائه الخاصة , وما يضفي جمالية أكثر وجود الأطفال يرقصون كل على طريقته محاولين تقليد الكبار وهم أكثر ما كنت انظر إليه بالإضافة إلى الأحاديث الجانبية الحميمة مع الأصدقاء , إلى أن لفت نظري طفل يجلس على كرسي ينظر إلى أقرانه بعيون حزينة وكأنه يتمنى مشاركتهم إلا أن هناك شيئا ما يمنعه ذلك ما زاد فضولي , دائما أكثر ما اهتم به في أي مكان أكون به هو الأطفال عالمهم جميل رائع فكرت بطريقة لأتكلم بها مع ذلك الطفل فأشرت له بيدي فنظر إلي صامتا وكان عيونه تسألني ماذا أريد فأشرت له لان المكان يعلوه الضجيج أنني أريد كأس ماء , شعرت انه يود إحضار الماء إلي إلا أن شيئا ما يمنعه , تحرك من مجلسه بصعوبة اخذ يمشي بتمهل خوفا من أن يقع أرضا فقد كانت قدمه اليمنى مستوية لا يستطيع ثنيها ما أن وصل إلي مع كاس الماء حتى بدا عليه التعب أجلسته بجانبي ونسيت كل من حولي وكأننا لوحدنا جالسين سألته عن اسمه ودراسته أجابني بكل ما تملكه الطفولة من براءة سألته عن قدمه وسبب مشيته قال لي انه أثناء خروجه من المدرسة فاجأته سيارة يقودها شاب صغير فاصطدم به , فكرت ما ذنب هؤلاء الأطفال ليفقدوا جزءا من طفولتهم ولهوهم وعبثهم ما ذنبهم ليحرموا من الركض واللعب ما ذنبهم لتسرق منهم أحلامهم ويشيخوا وهم أطفال بسبب مستهتر عابث سألته ماذا تتمنى أجاب بكلمة صغيرة بسيطة أتمنى أن اركض حلم صغير ليته أجاب بشيء آخر أستطيع فعله له سقطت مني دمعة حجبتها عنه تمنيت لو أستطيع ان أهبه قدماي ليركض بهما ليشارك بقية الأطفال في لهوهم , ما أكثر هؤلاء الذين يتألمون في هذه الدنيا ! منهم من نشعر بهم ومنهم من لا نعرف عنهم أي شيء .
كثير من الأشياء التي لا نلقي لها بالا في زحمة حياتنا ولهثنا خلفها تمنيت لو انه طلب شيئا غير ذلك لأحققه له بعدها استأذن مني وعاد إلى مجلسه محتفظا بتلك النظرة نظرة انكسار وحزن نحو بقية الأطفال يتمنى مشاركتهم انتهى العرس وعدت إلى بيتي وما زالت صورة ذلك الطفل أمامي مفكرا بذلك الشبح الذي يحصد حياة البعض وأحلام البعض الآخر ما الذي يستطيع وقف هذا الاستهتار بحياة الآخرين وكأن الشارع حلقة سباق ترى المركبات تسير بعضها يود لو يركب أجنحة ليطير بها ويتجاوز الآخرين تعتقد أن هناك أمر مهم يجب اللحاق به ولكن تحبط عندما ترى الجميع يسير مسرعا هكذا فقط لمجرد السرعة وحب تجاوز الآخرين , ما لهذا صنعت المركبات أحيانا أرى أننا نحيا لقتل بعضنا الآخر لا لأن نهب الحياة إلى غيرنا . آه كم تمنيت لو طلب مني ذلك الطفل حذاء جديدا ولكن بالله عليكم اخبروني ما الحكمة من شراء حذاء جديد لمن لا يملك قدمين ليستمتع به وكأن لسان ذلك الطفل يقول أعيدوا لي قدمي وخذوا ما شئتم أعيدوا لي قدمي لأسير دون حذاء .

human_touch26@yahoo.com


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد