عندما يخاف المبدع .. أيها المسؤول ؟!

mainThumb

22-07-2009 12:00 AM

حسان الرواد

في إحدى المؤسسات الهامة الكبرى في وطني ، قام أحد الفنيين باستغلال الوقت الذي يقضيه بعد الانتهاء من المهام المناطة به ، فبدأ بتجميع الأدوات اللازمة من المشغل الذي يعمل به ، و التي هي فعليا في عداد المواد المتلفة ؟! و على مدى الأيام استطاع أن يصنّع ( آلية ) متنقلة خاصة بصيانة الآلات الثقيلة، فبدلا من تفكيك قطع هذه الآليات ، و إحضارها إلى المشغل ، فسيكون من السهل جدا الذهاب بـ ( الآلية ) إلى الموقع و انجاز العمل ، عوضا عن الوقت و الجهد الذي توفره ( علما بأن الشركة لو أرادت شراء مثل هذه الآلية فستكلفها مبلغا كبيرا يزيد عن (10) آلاف دينار ).
و قد فرح فرحا شديدا بهذا الإنجاز الذي حققه ، فكان طوال عمله يتخيّل ردة الفعل من قبل المسؤولين عنه في العمل ، على الرغم من أن خياله لم يكن واسعا ، فتخيّل زيادة متواضعة على الراتب أو مكافأة ، أو ترفيع يستحقه منذ زمن ، أو في أسوأ الأحوال أن تعلّق صورته على لوحة الموظف المتميّز لعلّها تحفزه و تحفّز الآخرين على الابتكار و الإبداع . لكن ما حصل هو العكس تماما ، فعندما أخبر مسؤوله المباشر, و من ثم المدير المسؤول في المنطقة . لم يسمع منهم و لو كلمة ثناء واحدة تعزّزه و تشجعه و تشجع غيره على ابتكار المزيد و الجديد ولا حتى كلمة يعطيك العافية.
و لا يخفي صديقي المقرّب, الإحباط الشديد الذي تعرض له عندما أخبرني بالقصة ، عندها جاءتني فكرة التحدث مع إحدى وسائل الإعلام لنشر قصة إبداعه ، و لتثير القصة لعلها تصل إلى الإدارة في عمان فيتم انصافه و تكريمه كي تكون حافزا له و لغيره, لكنه رفض بشدة ، و عندما سألته عن السبب ، قال: أخاف أن يتم معاقبتي ، أو فصلي من العمل ؟!
و أنا هنا بالرغم من إلحاحي الشديد عليه أن أكتب في الموضوع, إلا أنه رفض بشدة ،( لكنني هنا استمحيك عذرا) فلقد أرقتني قصتك و قصص الإبداع الكثيرة عند أبناء و شباب وطني ، و التي تقبر وتدفن حتى لا ترى النور ، و أبت نفسي المتمردة, إلا أن أكتب ، فلك الله إن عوقبت أو فصلت ، فأكون أنا السبب ، على الرغم بأني حاولت قدر المستطاع أن أخفي شخصيتك و مكان عملك .
و هذه القصة يا سادة يا كرام ليست سوى واحدة من عشرات القصص المماثلة في بلدي ، و تتكرر في مواقع كثيرة ، و لا من آذان صاغية ، فمن المستفيد من إهمال هذه الكفاءات ؟ و لصالح من هذا الإهمال المتعمد من قبل بعض المسؤولين الذين امتلأت مكاتبهم الفاخرة بصور القائد, وشعارات كلنا الأردن, والأردن أولا, وهم بعيدون كل البعد بأفعالهم عن هذه الشعارات ؟! ويحتار المرء ويحق له أن يحتار في مثل هؤلاء المسؤولين؟!
فكم من الأموال الكثيرة التي تهدر في غير فائدة ( مناسف, يافطات, حفلات, سفريات, و....) يمكن أن تصرف على كل المبدعين, و أصحاب العقول النيّرة التي يمكن أن تغيّر شكل بلدي ، و تضعه في مصاف الدول الصناعية و الإقتصادية.

rawwad2010@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد