ضريبة الثقافة .. الشعرة التي قصمت ظهر البعير

mainThumb

02-08-2009 12:00 AM

حسان الرواد


لاحظ الكثيرون من متتبعي وسائل الإعلام المختلفة في الأيام الماضية الحملة الواسعة ( الشرهة ) ضد مجلس النواب الأردني الحالي ، فبادر الصحفيون و الكتاب إلى التفنن بالعناوين و الكتابات المختلفة التي تهاجم أعضاء المجلس, و تصف الأداء ( بالضعيف ) ، وقد تم فتح المجال الواسع للقرّاء في بعض وسائل الإعلام في التصويت على أداء المجلس الحالي, و تلقفت و (بشراهة) بعض وسائل الإعلام الأخرى المقالات المنّوعة التي انهالت عليهم لنشرها ، فهي فرصة كبيرة لتنفيس الكبت الموجود عند البعض ، و تصفية حسابات عند البعض الأخر . و تقاطعت المصالح بين وسائل الإعلام من جهة، و من يريد الثأر و الانتقام من جهة أخرى، أو من يريد مجلس نواب أردني قوي يصل إلى مستوى الطموحات, خاصة في القضايا التي تمس الوطن, ودفعته الغيرة وحب الوطن إلى ذلك, وأن يقف النائب أمام المسؤول محاسبا له, لا مستجديا منه.
و السبب الظاهر لهذه الحملة هو ضريبة الثقافة ، لكن في حقيقة الأمر إن ضريبة الثقافة هي الشعرة التي قصمت ظهر البعير, وما ردود الفعل هذه إلا حصيلة تراكمات للسنوات الماضية من عمر المجلس, أدت بالتالي إلى فتح المجال للتعبير عن عدم رضا المواطنين عن هذا المجلس, الذي وصفه البعض ( بالأضعف ) مقارنة بالمجالس السابقة .
و السؤال الذي يطرح نفسه: هل الأزمة سحابة صيف كما وصفها البعض ؟ أم أنها أزمة متراكمة ليست فقط بين الصحافة و مجلس النواب ، و إنما بين مجلس النواب و المواطن الأردني .
وهل هذا المجلس يختلف عن المجالس السابقة؟ أم أنه امتداد لها. ولو أمعنا النظر في تركيبة مجلس النواب الحالي, لا نجدها مختلفة اختلافا كبيرا عن تركيبة( معظم) المجالس السابقة منذ عام 1989 فهي مكونة من عدة شرائح, فالشريحة الأولى منهم جاءت بنفوذ السلطة و الجاه التي تمتلكها, و قد صوّت فيها الناخب الأردني لسلطتها و نفوذها ( وليس لشخصياتها ) ، آملا بتحقيق مصالحه ومصالح أبنائه, والشريحة الأخرى جاءت بنفوذ المال و الثراء ، فأغرت الناخب الفقير بأموالها ، فصوت الناخبون لمالهم و ليس لأشخاصهم، و هذه الشريحة اهتمامها الأول منصبّ على مصالحها, و شركاتها, و زيادة أموالها, و الاستفادة قدر الإمكان من وجودها في المجلس لتوسيع و زيادة الثروة .
وأما الثالثة فهي من جاءت بهم العشائرية، و قد صوّت الناخب فيها للعشيرة، أولا وأخيرا, و ليس لشخص النائب بغض النظر عن من يكون ؟! وأما الشريحة التي تكاد أن تكون مغيبة عن المجلس ، و المفترض أن يكون النائب فيها نائبا للوطن كل الوطن ، والذي تأتي به الحزبية ، أو المبادئ و الأفكار التي يحملها المرشح ، و حيث لا يصوّت الناخب هنا لا إلى سلطة و نفوذ ,و لا إلى مال و جاه ، و لا إلى عشيرة؛ و إنما يصوت فيها الناخب للوطن ولكل الوطن, وهي التي نطمح أن تسود يوما؛ لأنها ستصحح المسار وتعيد البوصلة في الاتجاه الطبيعي للنائب ليكون نائبا للوطن, وليس نائبا للخدمات, عندها لن أحتاج أنا أو غيري للوقوف في طابور على باب هذا النائب أو ذاك,لتحصيل حق أو قضاء حاجة, ولن يحتاج النائب أصلا لقضاء كل وقته يدور بين المؤسسات كنائب للخدمات .... و أخيرا أقول إن الخلل يكمن في قانون الانتخابات, الذي يدفع دفعا لأن تكون صورة المجلس الحالي هي السائدة دائما , إضافة إلى ثقافة و وعي و صحوة الناخب الذي تكون له كلمة الفصل فيمن يصل إلى القبة .

.rawwad2010@yahoo.com


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد