قانون الضمان الجديد ضرورة لابد منها

mainThumb

01-08-2009 12:00 AM

حمدان الحيصة
كل المجتمعات الإنسانية في دول العالم الثالث التي عانت من تشوهات في هياكلها وخلل في بناها الاجتماعية نتيجة التصحيح الهيكلي لإقتصاداتها لم تستوعب ما جرى و الذي كان اللجؤ اليهِِ إضطرارا تحت ضغط وصفة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بما سمي آنذاك ببرامج التصحيح الاقتصادي وذلك بسبب تفاقم أوضاعها الاقتصادية وزيادة حجم المديونية وعدم القدرة على الوفاء بإلتزاماتها المالية فكان لابد للمحافظة على سلامة اوضاعها الاقتصادية وللتأكد من سلامة الوضع المالي و من المقدرة المالية لتلك الدول التي تتطلب ظروفها من اللجؤ إلى هذه الوصفة حتى تفي بإلتزاماتها تجاه المؤسسات المالية الدولية و الدول الدائنة وبما أن التصحيح الهيكلي المطلوب لقانون الضمان يجب عدم اللجوء إليه اضطرار طالما هناك بيانات متوفرة من الدراسات الاكتوارية تبين بالأرقام التفصيلية ماهية وضع صندوق الضمان وبالتالي يصبح التعديل المطلوب خيارا و التغاضي عن التعامل مع معطيات ومخرجات الأرقام التي توصلت اليها الدراسة نوع من التعامي عن الحقائق وعدم القدرة على تحمل المسؤولية وعدم الرغبة في تبني قرارات غير شعبية لا تؤدي إلى معالجة الموقف بل تؤدي إلى تأجيل تفاقم الأزمة وليس حل للأزمة0
إن أرقام آخر دراسة اكتوارية تشير إلى مؤشرات ديموغرافية خطيرة من حيث نسبة الزيادة السنوية لعدد المتقاعدين بالنسبة للعاملين وزيادة الفئات العمرية بسن التقاعد على الفئات العمرية بسن العمل والإنتاج وتغير عام التعادل بين الإيرادات التأمينية والإستثمارية والنفقات على الرواتب التقاعدية بسبب الزيادة الكبيرة للتقاعد المبكر هذا في حين أنها أغفلت ماهية الوضع في حال ألاستمرار بالسخاء من خلال الحصول على رواتب عالية للطبقة المترفة حيث سيزداد الوضع سوءا وكذلك هناك عنصر آخر متغير لم تدخله في معطياتها و اعتقد أن الدراسة أغفلته وهو المعدل العمري للفئات الخاضعة لأحكام القانون حيث تشير بعض الدراسات المسحية السكانية بأنه سيزيد عمر الفرد بمعدل عشر سنوات بسبب تحسن الخدمات الصحية بجيث تصل الى77 سنة مما يعني زيادة العبىء المالي على كاهل المؤسسة حيث من المتوقع أنه في حال أدخل هذين العنصرين في معطيات الدراسة ستتغير أرقام الدراسة ويصبح التشوه الهيكلي أكثر وضوحا مما يصعب الامر على راسم السياسة لصندوق الضمان وتصبح الخيارات أمامه محدودة ويصبح التعامل مع الأمر الواقع يدفعه إلى اللجؤ إلى الإضطرار وليس تنويع الخيار لمعالجة الاختلال المالي والنزف غير المبرر لموارد الصندوق0
وحيث أن صندوق الضمان ليس صندوقا للمعونة الوطنية لتقديم الدعم المالي للطبقة المعدمة والفقيرة دون أن يكون لديهم مساهمة بالصندوق وليس صندوقا لدعم وتموبل رفاه الطبقة المترفة بعد التقاعد وليس شركة تأمين تعمل وفق مبدأ تجاري ديدنها الأساسي الربح بل هوصندوق للمحافظة على مكتسبات الطبقة العاملة وكرامتها في حالة بلوغ الشيخوخة يصبح العمل على تعديل قانون الضمان ليس ترفا فكريا وليس تفكيرا رغائبيا أو سلوكا عبثيا أو من باب المناكفة لفئة أو لطبقة محددة بل هي ضرورة حتمية ووطنية لابد منها لمعالجة التشوهات والإختلال الهيكلي الموجود في القانون للمحافظة على عنصر التوازن بين الإيرادات والنفقات والوفاء بإلإستحقاقات المطلوبة 0
وبما أن الضمان يعنى بالمستقبل من خلال إجراء دراسات اكتوارية لمواجهة التطورات والمتغيرات المحتملة والتخطيط بشكل سليم لأن أي عمل ناجح لابد له من تخطيط يضع في اعتباره أسوأ الاحتمالات ويراعي مصلحة الجميع لأن البعض يعتقد أن الدفاع عن مشروع القانون لتحقيق مصلحة للمؤسسة لوحدها من خلال زيادة جباية الأموال وتناقضها مع مصلحة المؤمن عليهم وهذا المنطق أو وجهة النظر لا يخلو من الصحة في اللحظة الآنية ولكن على الأمد البعيد يسقط هذا المنطق في ضوء لغة الأرقام التي بينتها الدراسة وتلتقي مصلحة المؤسسة و مصلحة المؤمن عليهم ويصبح التعديل مصلحة لجميع أطراف المعادلة وأعتقد أن هذه المقاربة تم بحثها بشكل تفصيلي على مدار عام من الحوارات والنقاشات المستفيضة بحيث تسمح بالنهاية إلى صيغة توافقية بعيدا عن الجدل البيزنطي العقيم 0


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد