نصرالله فتح مسارا جديدا للحرب

mainThumb

17-02-2008 12:00 AM

عندما يستشهد حسن نصرالله ، أمين عام حزب الله ، بمقولة بن غوريون كي يوضح لاسرائيل بأنها "اذا خسرت حربا واحدة فستنهار" ، او يستخدام تقرير فينوغراد كي يثير الانطباع لدى جمهوره في أن الجيش الاسرائيلي خسر أمام بضعة الاف من مقاتلي حزب الله ، فانه لا يمكن الا أخذ الانطباع بأنه هو ومستشاريه يتابعون ما يجري في المجتمع الاسرائيلي بشكل افضل بكثير من المتابعة الاسرائيلية لما يجري في لبنان ، ولكن نصرالله هو الآخر يعرف بأن البلاغة والاستخدام السائب لمخزون الكلمات ليسا بديلا عن خطة عمل.

الخطة ظهرت في خطابه عندما قرر قواعد الحرب ضد اسرائيل: "اذا كنتم تريدون حربا مفتوحة ، فستكون هذه حربا مفتوحة" ، كما انه شرح معناها: كون اسرائيل ، على حد زعمه ، اغتالت عماد مغنية "خارج الارض الطبيعية للحرب" ، أي في سوريا وليس في لبنان ، فان حزب الله يسمح لنفسه بان يستخدم ذات الطريقة ، وأن يعمل ضد اسرائيليين في خارج "الارض الطبيعية" ، ليس هجوما ضد اسرائيل في اراضيها ، بل أيضا ضد أهداف اسرائيلية خارج البلاد.

وهكذا أعفى نصرالله نفسه من القواعد التي تبناها على مدى السنين ، والتي يدير بموجبها حرب تحرير لبنانية ضد الاحتلال الاسرائيلي ، من الان فصاعدا بات يتبنى مفهوم حرب لمنظمة ضد وجود اسرائيل ، وفي هذه المعادلة الجديدة التي اعاد فيها نصرالله فتح "حساب شخصي" له ولمنظمته حيال اسرائيل ، يكمن التجديد في خطابه.

كما أن نصرالله خرج عن الميزة التي طبعت حرب لبنان ، حرب ضد اسرائيل وكل نصر لحزب الله هو نصر للبنان ، وقال بأن مقاتليه مستعدون للحرب القادمة ، فقد تزودوا بالسلاح وهم مجندون بجموعهم ، وفي الحرب القادمة ستقف اسرائيل امام عشرات آلاف المقاتلين من المنظمة ، ولا كلمة عن جيش لبنان ، فما بالك عن حكومة لبنان التي لا يعتبرها هيئة شرعية.

لقد كان هذا خطابا موجها ضد حكومة لبنان ومؤيديها ، بقدر لا يقل عن استهداف آذان الاسرائيليين ، ولم يوفر نصرالله سخريته الحادة تجاه خصومه ، ولا سيما تجاه الزعيم الدرزي وليد جنبلاط الذي كان طالب نصر الله "بالكف عن حرب مفتوحة مع اسرائيل بشعارات مزيفة تخدم تطلعات النظام السوري والامبراطورية الايرانية" ، ووصف نصرالله زعماء الاغلبية بـ "الاقزام" الذين يدعون دولا اخرى ، مثل اسرائيل والولايات المتحدة ، للمحاربة عنهم لانه لا يمكنهم ان يحاربوا بأنفسهم.

وفي صيغة بيانية لا بد أنها خلدت كتلة الاغلبية برئاسة سعد الحريري ربط رفيق الحريري ، الذي احتفل بالذكرى الثالثة لاغتياله ، في سلسلة واحدة مع ابطال نصرالله الذين جرت تصفيتهم - راغب حرب ، عباس الموسوي وعماد مغنية - ووصفهم بأنهم الابطال الحقيقيون للوطنية والشرف اللبنانيين.

واذا كان محللون لبنانيون توقعوا بأن اغتيال مغنية بالذات سيبعث نبرات جديدة من المصالحة السياسية ، ولا سيما على خلفية دعوة سعد الحريري الى "وحدة الشعب" ، يخيل لي أن المهرجانين ، والخطابات التي القيت فيهما ، قربت لبنان خطوة اخرى من مسار الصدام العنيف ، إذ ليس الهزء بخصوم نصرالله هو الذي يهدد لبنان ، بل قدرته على ان يقرر في كل لحظة جدول الاعمال الحربي للدولة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد